ترجمات عبرية

هآرتس: وثيقة غير مسبوقة تلقي الضوء على الوضع في إيران

هآرتس 26-3-2023، بقلم تسفي برئيل: وثيقة غير مسبوقة تلقي الضوء على الوضع في إيران

في 4 كانون الثاني ألقى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي خطاباً تصالحياً استثنائياً. “الحجاب ضرورة دينية لا يجب خرقها، لكنها ضرورة لا يجب تفسيرها بوجوب اتهام من لا ترتدي “الحجاب الكامل” بعمل ضد الدين أو ضد الثورة… “حجاب خفيف” (الذي لا يغطي كل الرأس – الكاتب) لا يعتبر أمراً جيداً، لكنه لا يقود إلى اعتبار من ترتديه أنها تعمل ضد الدين أو ضد الثورة. جميعنا نرتكب أخطاء، التي علينا إصلاحها”. حتى ذلك الحين لم يوفر خامنئي وكبار القادة في إيران أي اتهامات وشتائم واعتقالات وحتى إعدامات للمتظاهرين. حكماء الشريعة المحافظون وجهوا الاتهامات للحكومة وقوات الأمن لأنهم لم ينجحوا بسرعة في قمع الاحتجاج الذي يستمر منذ أيلول، والذي اندلع بسبب قتل مهسا أميني في معتقل شرطة الآداب.

ما الذي جعل خامنئي يغير موقفه ويستبدل الخطاب ويصف النساء “المارقات” وكأنهن “لا يختلفن عن نسائنا وبناتنا”، حسب تعبيره؟ هل ضغط الجمهور في الشوارع هو الذي أحدث هذا الانقلاب؟

في الأسبوع الماضي، نشرت في مواقع المعارضة مثل “إيران نت” و”إيران واير”، التي تعمل خارج إيران، اقتباسات من وثيقة تتكون من 44 صفحة، فيها -حسب الناشرين- ملخص للقاء جرى في بداية كانون الثاني لأكثر من 50 ضابطاً رفيعاً في حرس الثورة وفقهاء في الشريعة مع خامنئي بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة على قتل قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” التابع لحرس الثورة بواسطة قصف أمريكي. صنفت الوثيقة أنها سرية، وليس واضحاً من كتبها. حسب الوثيقة، تحدث 13 شخصاً فقط من المشاركين أو سجلت أقوالهم.

إذا كان هذا ملخصاً أصيلاً وليس صياغة صيغت بأيدي جهات معارضة، واستهدفت كشف الخلافات وعدم الثقة الموجود كما يبدو في صفوف حرس الثورة، فإن الأمر يتعلق بوثيقة غير مسبوقة. يكشف قادة كبار في حرس الثورة بأنهم يقفون أمام ظواهر عدم انصياع واسعة لمرؤوسيهم الذين يرفضون مهاجمة المتظاهرين. حتى إن أحدهم أشار بأنه كشف عن خطة لإطلاق قنابل هاون على مكاتب خامنئي، “لحسن الحظ وبعون الله” أحبطت الخطة. ضابط آخر طلب معرفة كيف يتعامل مع الجنود الذين سرقوا طعاماً من المخازن العسكرية ووزعوه على الفقراء والأقارب. وآخر تحدث عن تسرب كبير في أوساط جنود حرس الثورة، بالأساس في صفوف المتطوعين الباسيج.

قائد حرس الثورة في منطقة طهران، الجنرال حسن حسن زاده، شرح -حسب الوثيقة- بأنه لم يكن لقواته ما يكفي من المعلومات حول انتظام المتظاهرين وخطط عملهم ومصادر تمويلهم. حسب قوله، من الواضح أن نشاطات مناوئة للثورة بهذا الحجم كان مخططاً لها مسبقاً وتعتمد على مساعدة مالية كثيفة من جهات ودول أجنبية تريد إسقاط النظام. أحد فقهاء الشريعة، محمود محمدي شاهرودي، المسؤول عن الدورات التي يتعلم فيها متطوعو الباسيج، قال إن الكثير من المعلمين يتركون الدورات، لكن التغير المهم هو طبيعة النقاشات في الحصص بين الطلاب والمحاضرين، التي هي من “النوع الذي لم يكن موجوداً قط”. حسب قوله، تعود الطلاب على النقاش حول مواضيع الدروس، ولكنهم في الأشهر الأخيرة باتوا يطرحون انتقادات ضد سلوك النظام مع المجرمين والمتظاهرين، ويسألون عن “الطريقة”، أي طريقة الحكم، ويريدون تفسيرات حول الأساس الديني لطرق عمل الدولة. “كفقهاء في الشريعة، علينا واجب، وعليكم أيضاً، أخوتنا في الجيش وفي قوات الأمن، علينا العمل على إصلاح مشكلات المواطنين، علينا الاعتراف بوجود من ليس لديهم حل آخر بين المتظاهرين عدا الخروج إلى الشوارع. محظور علينا اتهامهم بالتجسس أو الإخلال بالنظام”.

شخصيات رفيعة أخرى تحدثت عن الحاجة إلى استثمار المزيد في التعليم والتوجيه في كل المستويات وفي كل مؤسسة، وليس الإسراع إلى الاعتقال أو الإعدام –لا يعتبر هذا حلاً، لأننا به سنجد أنفسنا نعدم الجميع واحداً تلو الآخر.

حتى لو تعاملنا مع الوثيقة على أنها وثيقة مزيفة من جهات معارضة، فيمكن أن نفهم منها مزاج من كتبوها. لا يوجد فيها انتقاد مباشر للزعيم الأعلى أو ضد طريقة الحكم. هي تدل على الاستعداد للحوار على أساس فهم الصعوبات الاقتصادية للجمهور، هي تشمل دعوة من علماء الشريعة وكبار قادة قوات الأمن للاستثمار في التعليم والإعلام، بالأساس تعبر عن معارضة شديدة للخطوات المدمرة التي اتبعها النظام ضد المتظاهرين وقادة حركة الاحتجاج.

في مرتين، شباط وتشرين الثاني، تم تسريب وثائق من خلال جلسات لحرس الثورة، التي أسمعت فيها تحذيرات من اندلاع الاحتجاجات. وفي حالة أخرى نشرت في كانون الأول، اخترق قراصنة من مجموعة “بلاك ريوارد” موقع وكالة الأنباء “فارس” التي أعدت تقريراً سرياً لخامنئي كتب فيه ضمن أمور أخرى، بأن النظام فشل في جهوده لإقناع الجمهور بأن المظاهرات هي نتيجة تدخل خارجي، وأن نحو 70 في المئة من الجمهور يرفضون الخروج للتظاهر دعماً للنظام. هذه الوثائق والخطاب “اللين” لخامنئي تدل على الأهمية الكبيرة لحركة الاحتجاج، حتى عندما يظهر بأنها لا تنجح في تحقيق أهدافها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى