ترجمات عبرية

هآرتس – هذا ما ينتظر إسرائيل مع غياب الحلول السياسية

هآرتس ١٥-٢-٢٠٢٢م – بقلم: أوري بار يوسيف

بين إبداء رأي حول تداعيات قضية NSO على محاكمة بنيامين نتنياهو، ونقاش حول النجوم الإعلامية اللامعة لـ “ايتي كرايف”، كاد ابتلاع مقال الجنرال (احتياط) إسحق بريك يكون بعنوان “ستحدث كارثة في الحرب القادمة” (“هآرتس”، 5/2). من الصعب معرفة ما إذا كان رئيس الحكومة والوزراء قرأوا المقال، وإذا قرأوه فمن المشكوك فيه أنهم خصصوا له اهتماماً كبيراً، باستثناء الحاجة إلى مواجهة إعلامية مع الادعاءات الشديدة التي طُرحت فيه.

بريك نبي الغضب، ومن السهل استبعاده في هذا الادعاء، ولكن نبوءات الغضب تتحقق بين حين وآخر. عندها، بعد أن يتم دفع ثمن باهظ وتشكيل لجان تحقيق، يتبين فيها أن هناك من حذر، وأنه كان من الممكن منع الكارثة.

في عالم مثالي كان رئيس الحكومة سيشكل الآن لجنة تحقيق ويطلب منها فحص عدة أسئلة مهنية تتعلق باستعداد إسرائيل لحرب طويلة متعددة الجبهات. مثلاً، إلى أي درجة يستعد نظام الإمداد لمواجهة الحرب القادمة؟ هل يتوقع أن تكون فيها جبهة داخلية؟ إذا كان الجواب “نعم” فما الذي يمكن فعله لمنع ذلك؟ هل يملك سلاح الجو قدرة على الدفاع عن نفسه أمام هجمات مختلفة ربما تشل قواعده؟ هل يملك الجيش قدرة على الدفاع عن الجبهة الداخلية، ويواجه الدمار والخسائر التي ستحدثها صواريخ العدو؟ هل تملك الحكومة خطة منظمة لمواجهة الذعر والفوضى التي ستكون هنا في الأيام الأولى للحرب، عندما ستنهار عشرات وربما مئات المباني جراء قصف الصواريخ الثقيلة، وعندما سيصاب مئات وربما آلاف المواطنين؟

احتمالية أن يشكل رئيس الحكومة لجنة كهذه تكاد تكون صفراً. ولكن البديل قد يكون بسيطاً نسبياً؛ ففي نقاش مقلص مع رئيس الأركان يمكنه أن يسأله: هل يمكن للجيش الإسرائيلي أن يضمن دفاعاً جيداً عن إسرائيل في الحرب القادمة؟ دفاعاً فعالاً يمنع مساً جوهرياً بالجبهة الداخلية؟ وإذا تردد رئيس الأركان في إعطاء الرد فيمكنه التوجه لقائد سلاح الجو، الذراع الاستراتيجية لإسرائيل، الذي نعلق عليه الآمال، ويسأله: هل يمكن لسلاح الجو أن يضمن لمواطني إسرائيل إمكانه تنفيذ مهمته الرئيسية وهي الدفاع عن سماء الدولة بأنه في الحرب القادمة؟ في السابق، كان الجواب إيجابياً واضحاً. حتى في حرب يوم الغفران، يوم الامتحان الأصعب الذي واجهه الجيش الإسرائيلي منذ حرب الاستقلال، لم يكن هناك شك بأن القوات البرية ستصد أي هجوم عربي يهدد إسرائيل في حدودها المعترف بها، وأن سلاح الجو سيضمن الدفاع عن سماء الدولة. ولكن الدخول الكثيف للتكنولوجيا العسكرية، لا سيما التسلح الصاروخي والبالستي، ثم الطائرات المسيرة وصواريخ “كروز”، خلق وضعاً لا يملك فيه الجيش بشكل عام وسلاح الجو بخاصة أي رد دفاعي فعال على تهديد إيران وحلفائها.

ليس في هذا ما يدعو إلى القول بأن الجيش الإسرائيلي عاجز، وأن ليس بمقدور سلاح الجو تدمير مئات أو آلاف الأهداف في اليوم. لديه قدرات مدهشة تخلق ردعاً فعالاً، ومن المرجح أن الردع إذا فشل، فإن سلاح الجو سيدهش بقصفه للعدو. ولكن مع كل الاحترام لقدرته الهجومية، إلا أنه لا يستطيع توفير حماية فعالة لفترة طويلة. الوضع الذي تملك فيه الدولة قدرة على ضرب العدو بشدة، ربما لا تستطيع إلحاق الأضرار بها بشكل كبير. الدول العظمى بنت ترسانة نووية ستمكنها من تدمير بعضها، لكن لن تمكنها من الدفاع عن نفسها. ميزان الرعب بين إسرائيل ومحور الشر في الحقيقة غير نووي، لكن القدرات التقليدية المدهشة التي راكمتها إيران وحلفاؤها تخلق تهديداً ثقيلاً على إسرائيل. لذلك، لا بين يديها الآن أي رد فعال.

الإجابة الصحيحة على تعاظم التهديد، التي مركزها المعركة بين حربين، أعطت حتى الآن قدراً غير قليل من الثمار، لكنها ليست حلاً للمشكلة. رغم نجاح المعركة بين حربين، إلا أن إيران وحلفاءها لن يتنازلوا. ترسانة الصواريخ التي تملكها اتسعت، وقدرتها تحسنت، وانضم إلى بؤر التهديد مؤخراً الحوثيون في اليمن. استمرار الهجمات قد يؤدي إلى اشتعال لا مصلحة فيه لأي طرف. عملية التدهور إلى حرب الأيام الستة في 1967 أو حرب لبنان الثانية في 2006، أمثلة على ما قد يحدث. الردع مهما كان ناجعاً بإمكانه شراء الزمن، ليس أكثر من ذلك. وغياب الحل سيؤدي إلى الحرب في نهاية المطاف.

التهديد المتعاظم على إسرائيل لا حل عسكرياً له. يقترح بريك تعزيز القوات البرية، لكن يصعب تصديق أنه علاج حقيقي. يجب على الرد أن يكون في المجال السياسي، أي تطوير قنوات تفاوض مع إيران بهدف تقليص احتمالات المواجهة، والدفع بعملية سياسية مع الفلسطينيين بهدف استئصال جزء من شرعية دعوة إيران وحلفائها لتدمير إسرائيل، وربما تقدم في عملية سياسية مع سوريا، حتى تحت حكم النظام الحالي المثير للاشمئزاز.

هذه خيارات تظهر بمظهر غير واقعي، لكن وبدونها قد تجد إسرائيل نفسها في أكثر الامتحانات خطورة منذ حرب الاستقلال. خلافاً لتلك الحرب، كان الجمهور في حينه مستعداً لها، وكان من الواضح له أنه لا خيار أمامه. أما اليوم، فهو غير مستعد، وربما هناك خيار. من الجدير محاولة العثور عليه لأن ثمن البديل قد يكون أثقل من حمله.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى