ترجمات عبرية

هآرتس: نجمة داود على وجه شاب فلسطيني: شرطة إسرائيل الساديّة

هآرتس 2023-08-22، بقلم: يوسي ميلماننجمة داود على وجه شاب فلسطيني: شرطة إسرائيل الساديّة

التنكيل الصادم لـ 16 شرطياً بشاب فلسطيني من شعفاط يذكر بالأيام السوداء لأنظمة ظلامية. على لحية الفتى الذي اتهم بتجارة المخدرات تم نقش علامات تشبه نجمة داود.

في حزيران 1962 اختطفت مجموعة من أعضاء منظمة في الأرجنتين تكوارا غارسيا لي سيروتا، وهي فتاة يهودية. كانت تكوارا منظمة يمينية متطرفة ذات ايديولوجيا وحشية فاشية، وكان الأعضاء فيها ضباطاً في الشرطة والجيش في نظام الديكتاتور خوان بيرون وزوجته القوية والمؤثرة ايفا. كان الاختطاف على خلفية موجة اللاسامية التي أغرقت الأرجنتين وبعض الدول في أميركا الجنوبية. ازدياد الأحداث اللاسامية كان رداً على اختطاف أدولف ايخمان على يد عملاء “الموساد” في بوينس إيريس قبل سنتين من ذلك وإعدامه شنقا بعد انتهاء محاكمته في القدس قبل شهر على اختطاف سيروتا.

عروة شيخ علي، من مخيم شعفاط في القدس، الذي رسمت شرطة الاحتلال على وجهه نجمة داوود

نقش الخاطفون الصليب المعقوف على صدر سيروتا وأطلقوا سراحها. أثارت الحادثة صدمة في المجتمع اليهودي في الأرجنتين. صرخت عناوين الصحف في إسرائيل وحذرت من الخطر الذي يهدد اليهود في كل مكان. عرف يهود الارجنتين أنهم لن ينجوا من شرطة بيرون. ومثلما في ايام المذابح في روسيا القيصرية، التي انتشر فيها شعار “اضربوا اليهود وانقذوا روسيا”، هكذا سادت مشاعر مشابهة ايضا في الارجنتين.

في اعقاب التعذيب الذي مرت فيه سيروتا بدأت “بتسور” العمل. “بتسور” وحدة من “الموساد”، كان دورها المساعدة في إحضار اليهود من الدول التي كانت في ضائقة، وتنظيم خلايا دفاع يهودية في الجاليات اليهودية الموجودة في أرجاء العالم. جنّد عملاء “بتسور” شبابا يهودا، بالأساس أعضاء في حركات الشبيبة الصهيونية، وجلبوهم الى إسرائيل للتدرب على السلاح والمواد المتفجرة وجمع المعلومات وطرق الرقابة والاتصال، وعندما عادوا الى البلاد التي جاؤوا منها انضموا لـ “أطر”. بدأت هذه الاطر في العمل في الخمسينيات في المغرب وفي الجزائر وفي تونس، والآن توسعت ايضا ووصلت الى أميركا الجنوبية.

الفلسطينيون لا يوجد لهم “موساد” أو أطر تدافع عنهم من الاحتلال الوحشي والتنكيل بهم. إن سلوك المستوطنين الآن يذكر بشعار الذين ارتكبوا المذابح في روسيا. اضربوا العرب وانقذوا إسرائيل.

يبدو أن الجيش والشرطة في إسرائيل لكونهم الاسياد على الاراضي المحتلة كان يجب أن يوفروا لهم الحماية. هذا ما تقرر حسب القانون الدولي وميثاق جنيف. اضافة الى ذلك فانه خلال السنين أوضحت حكومات إسرائيل بأن المحاكم، التي يقدر المجتمع الدولي استقلاليتها وحكمتها، هي الدرع امام تقديم ضباط الجيش الإسرائيلي للمحاكمة في محاكم دولية بسبب ارتكاب جرائم حرب واحتلال. هذا أيضاً هو المبرر الرئيسي لجهاز الأمن ضد إلغاء ذريعة المعقولية، الذي ستناقشه المحكمة العليا في الشهر القادم.

لكن في إسرائيل 2023، التي يسيطر عليها بقوة بنيامين وسارة نتنياهو ويحصلان على الدعم من ائتلاف يميني راديكالي، ديني، ومسيحاني، فان الجيش أو المحاكم أو الشرطة ليسوا غير قادرين، على فرض أنهم يريدون ذلك، على حماية الفلسطينيين.

خلافاً لما كانت عليه الحال في الارجنتين فانه في إسرائيل لا حاجة الى مليشيات بدائية – فاشية، كقوة مساعدة، رغم أن مليشيات المستوطنين تذكر بها، من اجل فهم مشاعر اليمين المتطرف الذي يريد التنكيل بالفلسطينيين. معظم شرطة إسرائيل – التي يُعتبر الوزير المسؤول عنها إرهابياً مداناً وفاشياً وعنصرياً متطرفاً – تفهم الى أي اتجاه تهب الرياح.

العنف المتزايد لرجال الشرطة في إسرائيل ضد المتظاهرين في الاحتجاج وسلوكهم تجاه الفلسطينيين تدل على أن روح القائد ايتمار بن غفير ولامبالاة نتنياهو وأعضاء الحكومة تتسرب الى صفوفهم.

يصعب التصديق بأن ما يظهر كنجمة داود ليس في الحقيقة نجمة داود، وأن كل تشابه ليس سوى صدفة فقط. ليس هذا فقط بل إن عقيدة الكذب وتنسيق الشهادات وطمس التحقيقات تحولت الى عقيدة شرطة إسرائيل. لم اسمع عن وضع يمكن فيه لرباط الحذاء، حسب روايات الشرطة، أن يحفر أخاديد في وجه الشاب. لكن أيضاً اذا تبين أن هذا ما حدث فإنه لا يزال من الصعب فهم لماذا قام 16 شرطياً أقوياء ومسلحين باستخدام “قوة معقولة”، كما يقولون، من اجل اعتقال شاب واحد.

هناك أوجه تشابه بين الأنظمة الفاشية اينما كانت. إحدى هذه الخصائص هي أن العنف ضد المدنيين هو ديدنهم. بعض رجال الشرطة، الذين يعملون من قبلهم وباسمهم، هم ساديون حصلوا على رخصة وسلاح، وهم يستمتعون باستخدام القوة التي وضعت في أيديهم لضرب أشخاص عاجزين وضعفاء.

تخلق قوات الشرطة في الأنظمة الفاشية مزاعم كاذبة تقوم بحسبها في التحقيق في أعمال العنف وسوء المعاملة والمخالفات، لكن من ناحية عملية الأمر ليس اكثر من خداع وتضليل. لم يعثر “المحققون” في أي يوم على مذنبين في هذه التحقيقات. يبدو أنه هكذا ستكون النتيجة أيضاً في هذه الحالة، التي تم فيها تزيين وجه فتى فلسطيني بتشويهات تشبه نجمة داود الحمراء.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى