ترجمات عبرية

هآرتس: لن تنجح العملية البرية في القضاء على “حماس”

هآرتس 2023-10-26، بقلم: عوفر شيلح: لن تنجح العملية البرية في القضاء على “حماس”

خلال أيام قليلة، سيبدأ على الأرجح التحرك البري الكبير في حرب “السيوف الحديدية”. من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تسريع الساعات المختلفة في المنظومة المعقدة التي تعمل إسرائيل في داخلها، بصورة كبيرة: محاولة الحؤول، بقدر الإمكان، دون اشتعال الحدود الشمالية، المنظومة الإقليمية والدولية التي تكاد تصل إلى نقطة الغليان، وطبعاً، القضية المؤلمة المتمثلة بمئات المخطوفين الإسرائيليين في القطاع.
يوجد للجمهور الإسرائيلي تأييد واضح للعملية البرية، وثمة توقع بأن تحقق أهداف الحرب، كما تم تحديدها في الـ”كابينيت”: تدمير حكم “حماس” وقدرتها العسكرية، وإزالة تهديد “الإرهاب” من القطاع (إضافة إلى إعادة المخطوفين وحماية حدود الدولة ومواطنيها). ينبع هذا التوقع أيضاً من أنه تحلّق فوق قضية العملية البرية غيمة فكرية عمرها على الأقل 17 سنة، منذ حرب لبنان الثانية: استعداد إسرائيل لإظهار الحزم والإرادة للانتصار، مع تعريض حياة الجنود للخطر، والاستعداد لتقديم خسائر. حسب هذه الرؤية، فإنه إذا امتنع الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ عملية برية، الآن، بعد المشاهد الفظيعة في 7 تشرين الأول، وإزاء الشعور بالتهديد الوجودي في أوساط قسم كبير من الجمهور، فإن هذا سيكون دليلاً على الاستخذاء الذي لا يستوعبه العقل، والذي سيخبر نهائياً أعداءنا بأننا وبحق مبنيون من خيوط عنكبوت، الأمر الذي سيجعلهم يشنون ضدنا حرباً شاملة.
المقولة القديمة، التي تقول: إن “الجمهور غير مستعد لخسائر بشرية” – التي نشرت أيضاً من قبل جهات عسكرية كبيرة مبرراً لعدم العمل – لم تكن صحيحة بالنسبة لي في أي يوم. وفي هذه المرة بالتأكيد لا يجب التشكيك باستعداد الجنود للمخاطرة بحياتهم وباستعداد الجمهور لتحمل الخسائر، ولكن من المحظور أن يمنع العبء النفسي القيام بفحص واقعي لأهداف العملية البرية – لإزالة الشك أعتقد بأنه يجب القيام بها – وإنجازاتها الممكنة. من يتحدث عن “السور الواقي” في غزة يتجاهل عدم وجود أي أساس للمقارنة التاريخية، ويتجاهل أيضاً أن العملية البرية، مهما كانت ناجحة، يمكن أن تحقق إنجازات معينة فقط، ويجب أن تكون جزءاً من معركة شاملة.
كانت عملية “السور الواقي” للسيطرة على مدن الضفة إزاء مقاومة بالحد الأدنى (23 قتيلاً من الـ 30 قتيلاً من جنود الجيش في العملية سقطوا في معركة جنين)، ودون صعوبات عسكرية في الاحتفاظ بالأرض بعد احتلالها. حتى ذلك لم يوقف “الإرهاب” – في حزيران 2002 قتل 57 إسرائيلياً في العمليات “الإرهابية”. احتجنا إلى عمليات فيما بعد مثل “طريق حازمة” في أيلول 2002، وسيطرة مطلقة لسنتين إلى أن خفتَ “الإرهاب”. من المهم بشكل خاص القول في موضوعنا: قتل العدو والاشتباك معه لم تكن أهدافاً بحد ذاتها في العملية، وفي العملية البرية في غزة التي تقترب ستكون هذه أهدافها الأساسية، وهي التعبير الملموس – إلى جانب تصفية كبار القادة – عن تدمير قدرة “حماس” العسكرية.
سيدخل الجيش الإسرائيلي غزة بقوة كبيرة، لأنه بدمج الوسائل يجب زيادة القتل في أوساط “حماس” بدرجة كبيرة، وتدمير بنيتها التحتية. خلافاً للوضع الذي نشأ في “يهودا” و”السامرة”، فإنه من المحظور أن يبقى الجيش هناك فترة طويلة جداً، من أجل ألا يعرض الجنود للأخطار الدائمة لقوة ثابتة غير متحركة: قنابل عنقودية، قنص، كمائن، وعمليات انتحارية. يجب أن يقتل الجيش “المخربين”، ويدمر أهدافاً، وبعد ذلك أن يمضي إلى الأمام، وفي نهاية المطاف سيخرج. بعد ذلك ستستمر المعركة بالنار، وربما ستكون هناك عمليات برية أخرى إلى أن يتم تدمير النسبة المناسبة من القوة العسكرية والإدارية لـ”حماس”.
إن عدم القدرة على تجديد قوة “حماس” ستضمنه عملية مستمرة لفترة زمنية كافية من أجل تدمير البنى التحتية الجديدة، التي يمكن أن تشمل أيضاً نشاطات برية. فوق كل ذلك، فإن هذه البنية سيضمنها قيام تحالف إقليمي دولي برئاسة الولايات المتحدة وبدعمها، الأمر الذي سيضمن أن عملية إعادة إعمار غزة في هذه المرة لن تكون بمثابة إعادة ترميم لـ”حماس”، وسيمنح أيضاً الوقت والشرعية لمواصلة العملية كما وعد الرئيس الأميركي، جو بايدن.
العملية البرية التي تقترب هي فقط وسيلة واحدة، مهما كانت مهمة وقوية، في الترسانة الكاملة المطلوبة لتحقيق الهدف. من المحظور أن نحملها جبلاً من التوقعات، التي ستؤدي بالضرورة إلى خيبة أمل عندما سنحقق “فقط” ضربة قوية للأشخاص والبنى التحتية. خيبة أمل ستهز أكثر الثقة بقدرة الجيش. من المحظور الحديث عن حرب ستمتد أشهراً والوقوف مع جهاز تحكم للبدء في العملية البرية فقط لأن القوات أصبحت جاهزة. الأداة جاهزة، لكن هذا لا يغير حقيقة أنه يجب استخدامها في الوقت المناسب من أجل الهدف المناسب ومع التوقعات المناسبة بخصوص إنجازاتها.
لا يقل عن ذلك أهمية أنه إذا كانت هناك أي احتمالية لتحقيق إنجاز في موضوع المخطوفين – إطلاق سراح عدد كبير منهم مقابل خطوات إنسانية من قبل إسرائيل – فإنه يقع علينا واجب أخلاقي وعملي يجب استنفاده. أخلاقي لأن إسرائيل فشلت في حماية مواطنيها الذين تم اختطافهم، وعملي لأن هذا سيكون الإنجاز الأول للعملية.
عندما قال الرئيس الأميركي “حماس هي داعش”، فإنه لم يقصد فقط مقارنة الفظائع التي ارتكبتها هذه التنظيمات “الإرهابية”، كان يقصد أيضاً أنه “يجب هزيمة حماس مثلما هزم داعش”، في معركة مندمجة بدعم تحالف دولي وبعدة وسائل عسكرية ولفترة طويلة. لا يمكن بالطبع المقارنة – “داعش” لم يقم بذبح آلاف المواطنين على الأراضي الأميركية، ولم يطلق الصواريخ على واشنطن. ولكن من يريد حقاً هزيمة “حماس” والقضاء على قدرتها العسكرية وضمان أنه لا يمكنها تجديدها، يدرك أنه لا يمكن فعل ذلك فقط في العملية البرية، مهما كانت قوية، وأن تحميل توقعات غير واقعية على عملية واحدة يمكن أن يؤدي إلى مشاعر الفشل، التي هي في الوضع الحالي خطيرة بشكل خاص.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى