ترجمات عبرية

هآرتس: لا يوجد مكان للفلسطينيين في الشرق الأوسط الجديد لنتنياهو

هآرتس 23-9-2023، بقلم يوسي فيرتر: لا يوجد مكان للفلسطينيين في الشرق الأوسط الجديد لنتنياهو

عند النظر إلى الوراء، إلى خطاب بنيامين نتنياهو في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، نتذكر أنهار الكلمات “إيران، إيران، إيران”، والقليل من الخدع (“هذه هي القنبلة وهذا هو القابس”). عملياً، في الـ 16 سنة أثناء وجوده كرئيس حكومة تحولت إيران إلى دولة حافة نووية، ولم يعد الخط السميك الذي رسمه بمؤشر القلم الأحمر ذا صلة منذ زمن.

أمس، ظهر المؤشر مثل مسدس في المعركة الأولى، لرسم خط لسكة حديد بين آسيا وأوروبا ومروراً بمنطقتنا، على هذه الرسمة لخارطة الشرق الأوسط التي ظهرت وكأنها انتزعت من كراسة تلوين للأطفال.

تهديدات رئيس الحكومة وتخويفاته الثابتة في المنتديات الدولية حلت محلها أناشيد عن السلام الإسرائيلي – العربي، بما في ذلك شعار “شرق أوسط جديد”، المسجل باسم شمعون بيرس؛ وأيضاً فصل واسع ومثير للاستغراب عن الذكاء الاصطناعي الذي يذكرنا بخطابات بيرس عن تكنولوجيا النانو. هذه هوايته الجديدة. يدور الحديث عن مركز ذكاء اصطناعي وطني، وعن لقاء دافين مع إيلون ماسك. وها هو سياسي فاسد ومفسد يصبح رجل تكنولوجيا متقدمة قياسياً، هو مجرد وحيد قرن.

قبل تحوله إلى متهم بمخالفات جنائية، يحرض ضد جهاز القضاء. وقبل احتجاج بلفور والحملات الانتخابية، وبالتأكيد قبل الشرخ الداخلي ومحاولة الانقلاب النظامي، سمح نتنياهو لنفسه بالوصول إلى هذه المكانة كسياسي رفيع. وقد برز أيضاً أمام معظم أصدقائه الذين حضروا الجمعية العمومية إلى جانبه.

لذا، لم يعد كما كان. يرتبط اسم نتنياهو الآن في العالم المتنور بائتلاف رعب، وعنصري ومفسد ويدعو للضم، ويسعى لتقويض الديمقراطية الإسرائيلية. في هذا الوضع يأتي بمحاكاة ساخرة لبسنيك عندما يقلد جون لينون.

ولإشعال الضوء في أرجاء العالم، لم يتطرق لأكبر أزمة في تاريخ إسرائيل: الاحتجاج الذي يسمع صداه خارج المبنى الزجاجي في منهاتن. صوت التخوفات الداخلية من المستقبل القادم. ولا حتى كلمة مهذبة واحدة عن “ديمقراطية نابضة” بأسلوب الأكاذيب التي نثرها في الاستوديوهات الأمريكية وفي المشاهد التصويرية مع بايدن. وفي نهاية الأسبوع، أجرى مقابلة مع “سي.إن.إن” و”فوكس” ورفض التعهد بالامتثال لقرارات المحكمة العليا. هو يصنع السلام في الخارج ويثير الفوضى في الداخل. ثمة لحظة أصيلة جداً داخل الخطاب سجلت في بدايته عندما أعلن نتنياهو بشفقة – أخيراً لم تعد القضية الفلسطينية مفتاح السلام الدائم في المنطقة. الفلسطينيون خارج المعادلة، هذا رغم أنني قد “حاولت التوصل إلى السلام مع الفلسطينيين”. كل شيء صحيح في هذه الجملة باستثناء كلمة “مع”، التي يجب استبدالها بكلمة “بدون” (وشكراً لطموحات السعي نحو العظمة لصاحبها محمد بن سلمان).

الجزء السياسي في خطاب نتنياهو كان محاولة التعامل مع حقيقة أن الفلسطينيين لم يعملوا حسب خطته. لقد عول على رفضهم، وحصل على الاستجابة. أجرى معهم محادثات مرتين، في العقبة وشرم الشيخ، وتراجع عن كل ما وعدهم به. كان الهدف تفجر غضبهم على السعودية في اللحظة التي سيتم فيها الكشف عن المحادثات، وأن يخرجوا أنفسهم من اللعبة. ولكن الجيران في هذه المرة قرروا التصرف بحكمة وأعلنوا بأنهم ما زالوا داخل الأمر.

مصدر فلسطيني رفيع قال هذا الأسبوع لمصدر سياسي إسرائيلي: “نعجب بأن لا أحد قد أدرك مدى درامية هذا الأمر”. قدم محمود عباس قائمة مطالب معقولة بالإجمال، فهذا هو ما طلبه الأمريكيون، وهذا ما أراد الإسرائيليون أيضاً الموافقة عليه؛ التقدم بالتدريج. نتنياهو بحاجة الآن إلى مواجهة مشكلة غير متوقعة: فلسطينيون يتصرفون بمنطق. خطته هي مواصلة إهانتهم إلى أن ينفجر عباس. “مشكلته”، قال لي مصدر إسرائيلي له علاقة وثيقة مع شخصيات رفيعة في السلطة الفلسطينية، “هي أنهم يدركون ذلك”. وحسب قول هذا المصدر، فإن السعودية ونتنياهو يخطئون عندما يعتقدون أنه سيكون بالإمكان كم أفواههم بالأموال. “صحيح أن الفلسطينيين لا يهمون محمد بن سلمان حقاً، لكن العملية أصبحت الآن جزءاً من مسألة إذا ما سيكون زعيم العالم الإسلامي أم لا.

ظهر نتنياهو متعباً جداً على منصة الجمعية العمومية. كانت عيونه متدلية، وكان يقاوم السعال المزعج، لكن هذا لم يمنعه من إظهار الورع. ولإرساء أسس السلام الحقيقي، طلب نتنياهو من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الكف عن تصريحاته المعادية للسامية والتوقف عن تبجيل الإرهابيين. من المؤكد أنه يمكن التعاطف مع هذا الطلب وتوجيهه إلى أعضاء الائتلاف الذين ينخرطون في حملة مثيرة للاشمئزاز في الوقت الحالي من أجل الإرهابي والقاتل اليهودي عميرام بن أوليئيل (القدّيس والصدّيق).

أمس، قبل بضع دقائق على إلقاء الخطاب الذي يصعب التصديق بأنه توقيت صدفي (لكنه بقي داخل العائلة)، صعد نجل رئيس الحكومة أيضاً على قطار العنصرية عندما شارك تغريدة تؤيد إطلاق سراح بن أوليئيل “الذي تم سجنه بسبب التعذيب”، وهو ادعاء رفضته جميع الهيئات القضائية التي ناقشت القضية. في صور رسمية لمكتب الصحافة الحكومي، ظهر نجل نتنياهو جالساً في غرفة مع والده ويضع اللمسات الأخيرة على خطاب السلام الذي سيقوم بإلقائه. إعادة نشر التغريدة تمت من هناك، والعناوين المرتبطة بها سبقت خطاب رئيس الحكومة بدقيقة أو دقيقتين. وحسب معرفتنا بأحوال العائلة والعلاقة المعقدة بينها، يمكن الافتراض بأن الابن قام بعملية ثأر معينة.

لو كانت لدينا الآن حكومة كهانية فذلك بفضل الفتى الذهبي الذي يسكن في ميامي، الذي توسط بين والده وإيتمار بن غفير في حينه. إذا ذكرنا العائلة: رؤساء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة حصلوا، ليس بفضل منهم، على مشاهدة الهستيريا المتطورة التي يشهدها مواطنو الدولة منذ سنوات كثيرة، في اللقاء الذي سيذكرونه لفترة طويلة مع زوجة رئيس الحكومة. كانت سارة نتنياهو، كما نشر، وبّختهم لأنهم لم يدافعوا عنها ضد ما قيل ضدها وضد عائلتها. كان هذا توقعها منهم. ولحسن الحظ أنها لم تطلب من زوجها طرح طلب مشابه في خطابه في الجمعية العمومية. قبل بضع سنوات، في نفس هذا المنتدى المقدر، قام بعملية صمت متجهمة كي يُشعر مستمعيه بالإهانة. والظلم الذي تعرض له هو وزوجته ربما يستوجب إعادة البث.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى