ترجمات عبرية

هآرتس: كارثة أوسلو؟ الثقة كتلة الكارثة!

 هآرتس 12/9/2023، حاييم لفنسون: كارثة أوسلو؟ الثقة كتلة الكارثة!

بمناسبة مرور ثلاثين سنة على “أوسلو”، يقوم أصدقاؤنا في اليمين بإذكاء حملتهم التاريخية الناجحة ضد اتفاقات أوسلو على اعتبار أنها أكبر كارثة إقليمية. وقد تفوق عليهم جميعاً عميت سيغل، الذي قال إن الأمر يتعلق بفشل هو من أكبر الإخفاقات في تاريخ الدولة، ويأتي في المكان الثاني بعد حرب يوم الغفران.

اتفاق أوسلو بالتأكيد كان انعطافة دراماتيكية في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. ولكن قوة الهيمنة تكمن في بناء الرواية التي تخدمها. نجح اليمين في تخليد أسطورة أوسلو وكأن الضفة الغربية قبل “أوسلو “كانت أوسلو، وليست جهنم يطارد فيها الجنود الإسرائيليون أولاداً يرشقون الحجارة فيحطمون عليهم العصي. السؤال هو: لماذا بدأوا العد لاتفاقات أوسلو منذ البداية. أصدقاؤنا في اليمين صكوا تعبير “ضحايا أوسلو”. الحديث يدور فعلياً عن ضحايا “غوش إيمونيم”. بعد سنتين، ستمر خمسون سنة على إقامة المستوطنات في ظهر الجبل، التي بدأت بوضع العظمة في الحلق، والتي لم ينجح كل الحكماء في إخراجها خلال خمسين سنة.

اليمين في إسرائيل كالعادة يظهر في تعامله مع أوسلو بالتركيز على اليهود والإسرائيليين، وعدم فهم العمليات العالمية. وكما الحال دائماً، فقد تجاهل اليمين أننا نعيش في عالم كبير وعالمي، ومقتنع بأن حفنة من اليساريين في جهاز القضاء والنيابة العامة تصد حلمه المسيحاني. عملية أوسلو لم تولد بسبب النزاع بين “هتحياه” و”موليدت”، اللذين لم يجتازا نسبة الحسم، بل كجزء من عمليات عالمية. في بداية التسعينيات تفكك الاتحاد السوفييتي، وساد في الغرب شعور بأن الخير قد انتصر على الشر، وأن الحروب انتهت. تم إطلاق سراح نلسون مانديلا من السجن تمهيداً لإنهاء نظام الأبرتهايد. والعنف في إيرلندا الشمالية خفت تمهيداً لاتفاق يوم الجمعة السعيد. والنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين بدأ يجذب الاهتمام مثل مؤتمر مدريد، الذي لم يكن “أوسلو” ورابين، بل الليكود وشامير.

اعتقاد المستوطنين أن بإمكانهم السيطرة على الفلسطينيين إلى الأبد بمساعدة الحكم العسكري، هو فشل فكري. كان على إسرائيل الدور في أن تصبح جنوب إفريقيا، حيث اعتقد البيض أن بثرائهم وقوتهم وحملاتهم الدعائية المضحكة ومخزونات اليورانيوم، يمكنهم من الاستمرار قمع السود إلى الأبد. لكن الواقع صفع وجوههم. اتفاقات أوسلو كانت الهدية الأكبر للمشروع الاستيطاني. لو كنت مكان عميت سيغل، لزرت قبر شمعون بيرس وطلبت العفو. هذه العملية خلقت تمثيلاً مزيفاً لضبط النفس لدى الفلسطينيين، مثل الدرع الذي يقف بين إسرائيل والعقوبات الدولية المدمرة.

حرب يوم الغفران كانت في المقام الأول فشلاً سياسياً وليس استخبارياً. بالإجمال، وافقت إسرائيل بعد حرب فظيعة مع 2700 قتيل على نفس الصفقة بالضبط التي كانت على الطاولة من قبل. غولدا مئير التي ادعت الحكمة، وموشيه ديان المتغطرس، رفضا الاقتراحات الأمريكية. المنغلقون من “مباي” كانوا بحاجة إلى سفك كبير للدماء كي يدركوا بأن السلام بدون شرم الشيخ أفضل من شرم الشيخ بدون السلام. هذه الكارثة كانت متوقعة. فخلال العام 1973 تم تحذير إسرائيل عدة مرات بأن حرباً ستندلع دون السلام. وهو تقدير تم رفضه بازدراء. بهذا المعنى، فإن “غوش إيمونيم” هي الفشل الثاني في تاريخ الدولة؛ لأنه كان يمكن التوقع مسبقاً، في حين تم تحذير رؤساء الدولة مراراً بأن إقامة المستوطنات في ظهر الجبل وطمس إمكانية التوصل إلى اتفاق جغرافي، لن تؤدي إلى نهاية جيدة.

يقول اليمين إن الكثير من الأشخاص ضحوا بحياتهم بسبب “أوسلو”. ومن الغريب أنهم لا يحصون الأشخاص الذين ضحوا بحياتهم بسبب احتلال حرب الأيام الستة، وبسبب العمليات الإرهابية التي ازدادت وازدهرت في الضفة “قبل أوسلو”. وهنا يدور الحديث عن تشويه للحقائق التاريخية؛ ففي التسعينيات، بدون أي صلة بأوسلو، تعزز الإسلام المتطرف في المنطقة. ياسر عرفات بهذا المعنى كان الرد وليس المشكلة. فقد كان زعيماً علمانياً وحتى إنه تزوج امرأة مسيحية ليعبر عن فكرة أن الفلسطينية قومية وليست إسلاماً متطرفاً. صعود نظام آية الله في إيران في 1979 أدى إلى صعود الإسلام المتطرف العنيف الذي دفع نحو العمليات الانتحارية. بدأ هذا في لبنان في الثمانينيات، ووصل إلى إسرائيل في التسعينيات. العملية الانتحارية الأولى كانت في نيسان 1993، قبل فترة طويلة من أن يخطر ببال إسحق رابين بجلب عرفات إلى هنا. العملية الفظيعة في الخط 5 في تشرين الأول 1994 خرجت من قلقيلية، وهي منطقة كانت تحت سيطرة كاملة للجيش الإسرائيلي و”الشاباك”، قبل بضعة أشهر من اتفاق “أوسلو ب”، الذي أقام مدن لجوء للمخربين وقام بتسلحيهم، وما الذي لم يفعله بعد.

أحياناً نختار في الحياة البديل الأقل سوءاً من بين جميع كل البدائل السيئة. أوسلو كان بديلاً سيئاً. لم تكن وبحق بدائل أخرى. وتخيل اليمين بأنه سيأتي يوم ويعثر فيه على الفلسطيني الغبي الذي سيوافق على حكم ذاتي بدون حقوق وطنية، وفي كل يوم سيرسل باقة ورود إلى جاره في “عوفرا” و”ألون موريه” ويشكرهم على الحق الذي منحوه إياه ليخدم سادة البلاد، هذا التخيل لا مكان له إلا في أوراق موعظة الأسبوع. للأسف الشديد، لم يصبح عرفات سياسياً كبيراً مثل مناحيم بيغن الذي نجح في استبدال العمليات ضد البريطانيين بالسلام مع العرب. لم ينجح نتنياهو في استبدال خطاباته المثيرة بشيء ما عملي وثابت أمام الفلسطينيين. عندها كلانا خسر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى