ترجمات عبرية

هآرتس: قبل أن تنهدم الحصون: على اليسار أن ينضمّ إلى حكومة نتنياهو

هآرتس 8-11-2022، بقلم: يهوشواع براينر: قبل أن تنهدم الحصون: على اليسار أن ينضمّ إلى حكومة نتنياهو

من حق المعسكر الليبرالي – العلماني أن ييأس. فأغلبية الجمهور اختارت نتنياهو لرئاسة الحكومة المقبلة، على الرغم من كونه متهماً بجرائم فساد ورشى وخيانة للأمانة، وإلى جانبه الأحزاب الحريدية، التي جزء أساسي من الجمهور الذي تمثله مساهمته في سوق العمل ضئيلة، كما أن مساهمته في أمن الدولة صفر. ومعهم قائمة الصهيونية الدينية التي تضم مجموعات يهودية غير متسامحة مع الآخرين، مثل مجتمع المثليين، وتعتبر الترحيل حلاً مشروعاً للمشكلة الفلسطينية، وإلى جانبها حزب كهاني كان زعيمه مستهدفاً من “الشاباك”، واتهم بالتحريض وبتأييد تنظيم إرهابي. ويبدو مستقبل إسرائيل قاتماً من زاوية حقوق الإنسان، وسلطة القانون ومنظومة المحاكم.

في وضع كهذا يجب أن نعترف بصدق: لقد خسرنا. ومن المحتمل أن يائير لبيد هو آخر رئيس حكومة في المستقبل المنظور يأتي من معسكر الوسط – اليسار. الديموغرافيا ليست في مصلحتنا، وهي لن تتغير. أنا مثلاً أب لابنتين. صديقي أفيشاي، الذي انتخب “شاس” لديه 7 أولاد. الحسابات واضحة. كل حديث عن “خسارة تقنية” – لأن بضعة آلاف من الأصوات هي التي تبعد الكتلتين عن التعادل-هي حماقة وتعامٍ والغرض منها عدم مواجهة الواقع.

ليس لليسار الصهيوني ولا للوسط السياسي أي علاقة مع كثيرين من أعضاء الكنيست العرب، الذين يشكلون ما يسمى “الكتلة المانعة لنتنياهو”. حزب التجمع (بلد) الذي لم يتجاوز نسبة الحسم، هو حزب يؤيد “الإرهاب”، وبين أعضائه متهم بتهريب هواتف خليوية إلى أسرى أمنيين. وفي تحالف حداش-تاعل أعضاء التقوا عائلات “مخربين” كأنه أمر طبيعي، وعضو الكنيست عايدة توما سليمان تصف أعضاء تنظيم “عرين الأسود” بالشهداء. ليس لدى معسكر اليسار-الوسط أي فرصة لتشكيل حكومة في المستقبل المنظور. وفي الحقيقة فإن السلطة وصلت إلى أيدينا من خلال مناورة سياسية لنفتالي بينيت، والحكومة كلها كانت غير ثابتة منذ يومها الأول.

في الوضع الحالي، فإن خطر وصول إيتمار بن غفير إلى الوزارة المسؤولة عن الشرطة يبدو قريباً للغاية. ومن بين التداعيات سيكون تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد إلى تصعيد أمني. في الوقت نفسه هناك تخوف له ما يبرره من تحول المثليين إلى مواطنين من درجة ثانية وأن يُرفض تبرعهم بالدماء، وأن يبقى السيف مسلطاً على المحاكم وعلى المستشار القانوني للحكومة. في وضع كهذا لا نملك ترف الوقوف موقف المتفرج وانتظار أن تفشل الحكومة. حالياً، إن المؤشر الأكثر اعتدالاً في الحكومة المقبلة هو بنيامين نتنياهو.

صحيح أنه متهم بجرائم وجنايات خطرة، ويجب ألاّ يكون رئيساً للحكومة في وضعه الحالي، لكن الجمهور انتخبه والآن لم يعد الوضع عادياً. لذلك بدلاً من الاعتماد على الافتراض أن اليمين لن يفي قط بوعوده، علينا أن نتجنب ذلك لأننا قد نكون على خطأ؛ فحينئذ يكون قد فات الأوان. الخلاصة المطلوبة والتي لا مفر منها هي: إذا كنتم تريدون منع تحويل إسرائيل إلى ديمقراطية خاضعة للشريعة اليهودية “الهلاخاه”، وإلى ديمقراطية بن غفير والحاخام دوف ليؤر [حاخام حزب قوة يهودية]، فيجب الانضمام إلى الحكومة التي ستتشكل. نعم على الرغم من محاكمة نتنياهو.

إن الحفاظ على الديمقراطية وعلى الدولة أهم من أي شخص وأي محاكمة. ليس الآن وقت تقديم الدلائل التي تمتد على سنوات ومشاهدة نتنياهو في المحكمة من وقت إلى آخر. الأمر الأهم الآن هو مستقبل الدولة.

الأمور خطرة للغاية. وللتأكيد على ذلك سنقدم هذه الصورة: بعد عامين من اليوم سيُدخل وزير الأمن، بن غفير، الجيش الإسرائيلي إلى اللد، وإلى الحرم القدسي لمواجهة الاضطرابات التي نشبت والتي وقع خلالها عشرات القتلى. وسيجري إلغاء مسيرة المثليين في القدس احتراماً لسكان المدينة من الحريديم، وستعلن الشرطة أن الوزير لم يوافق على تخصيص قوات من أجل إجراء المسيرة في تل أبيب. وسيُقرّ قانون التغلب [الذي يعطي الكنيست حق رفض قرارات تصدرها المحكمة العليا] بأغلبية 61 صوتاً؛ والمستشار القانوني الجديد يقرر سحب كتاب الاتهام ضد نتنياهو. في هذه الأثناء يجري تقليص الميزانيات المخصصة للتعليم العالي من أجل زيادة ميزانيات طلاب المدارس الدينية “اليشيفوت”، وستطرح قضية الإجهاض على الطاولة. وختاماً ستُقر القوانين التي تهدف إلى المس بوسائل الإعلام الواحد تلو الآخر. بماذا سنصرخ حينئذ: لا نشارك في حكومة مع متهم بجنايات؟

لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي عندما توشك الحصون على الانهيار. الطهرانية هي وصفة أكيدة للتقاعس عن العمل. نحن أقلية، وعلينا العض على شفاهنا والسماح لنتنياهو بأن يحكم، وكي لا نكون مرتبطين بالجيل المقبل للحاخام مئير كهانا. أكتب هذا الكلام بقلب مثقل. ومن الواضح أنه إذا لم يتحقق ذلك فإننا سنحارب الحكومة من الخارج بقدر ما نستطيع. لكن في الوضع الحالي للأمور ليس هناك مخرج آخر غير هذا الاحتمال مع كل تداعياته. ليس المقصود أن نستسلم بل أن نعي أن الوضع الراهن يفرض علينا التخلي عن مبادئنا والمضي نحو نتنياهو. وذلك قبل أن يختفي كل ما نؤمن به.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى