ترجمات عبرية

هآرتس – خبايا “بيغاسوس” في إسرائيل.. من التجسس على المواطنين إلى محاولات تبرئة نتنياهو

هآرتس – عاموس هرئيل – 8/2/2022 
بالصدفة تماماً، حددت قيادة الجبهة الداخلية مناورة تحذير من الزلازل في عدد من السلطات المحلية في أرجاء البلاد، ولكن كثيراً من بؤر القوة داخل إسرائيل، الحكومة والشرطة وجهاز القضاء والإعلام، شعروا بما يشبه هزة أرضية قبل بضع ساعات من ذلك، بعد نشر الجزء الجديد، الأكثر دراماتيكية، في سلسلة تحقيقات المراسل تومر غانون في صحيفة “كلكليست”.
كشف غانون عن قائمة مفصلة لأشخاص اخترقت الشرطة حياتهم بواسطة برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي زرعته في هواتفهم المحمولة. وتشمل القائمة، حسب قوله، مديرين عامين ووزارات حكومية ورؤساء بلديات ورجال أعمال ونشطاء احتجاج المعاقين واحتجاج المهاجرين من إفريقيا وعدد من مستشاري نتنياهو وحتى ابنه. من السهل تبسيط النقاش وتركيزه حول مناقشة السؤال الكبير الذي شغل المستوى السياسي هنا في السنوات الأخيرة، وهو “نعم” أو “لا” لنتنياهو. ولكن بصراحة، إذا كانت هذه المعلومات صحيحة، فهو يوم حزين جداً للديمقراطية في إسرائيل. كتب غانون عن اختراق منهجي وعنيف وغير مراقب للحياة الشخصية لعشرات المواطنين الإسرائيليين. من الأرجح أن يكون هؤلاء هم الأكثر شهرة من بينهم.حسب الصحيفة، الشرطة استخدمت هذا الأسلوب خلال عقد تقريبًا، مع معرفة وغض نظر من قبل المستويات العليا، ويبدو دون تصريح مفصل كما هو مطلوب من المحاكم والنيابة العامة للدولة. لقد حدث ما كان يتوقع حدوثه، الأساليب نفسها، التي استخدمت ضد فلسطينيين في المناطق ورجال “حزب الله” في لبنان، تدهورت بدون تفكير أيضاً إلى داخل الخط الأخضر. نتنياهو، الذي يعرض نفسه الآن كضحية مركزية ويعلق آمال النجاة من المحاكمة على الكشوفات الجديدة، كان هو أول من سوّق السايبر الهجومي كوسيلة لتسخين العلاقات مع أصدقاء ديكتاتورات في أرجاء العالم. عملياً، كل ما يدور من حوله في السنوات الأخيرة محاط بمناورات ظلامية من الشبكات الاجتماعية وعالم السايبر.في الساحة الداخلية، تحويل بيغاسوس أو أمثاله من الاستخدام من قبل أجهزة الاستخبارات (أمان والشاباك والموساد) إلى أيدي الشرطة، إنما يشبه وضع السلاح النووي في أيدي ديكتاتور مختل عقلياً من دول العالم الثالث، عندما يكون تقديره الحد الفاصل وغير مدعوم بالرقابة المناسبة والإجراءات المنظمة، ستكون النتائج قاتلة. عندما تم نشر تقرير غانون الأول قبل أسبوعين، هب وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، للدفاع عن ضباط الشرطة.دافع عنهم بارليف بحماسة وسذاجة، استناداً إلى رواية مغسولة قدمتها له الشرطة. مع مرور الوقت، تبين إلى أي درجة كانت الروايات الأولية التي قدمها كبار الضباط في الشرطة، تخلو من أي أساس. الآن، بصورة رمزية إلى حد ما، المفتش العام للشرطة كوبي شبتاي في زيارة رسمية إلى دولة الإمارات، بالتحديد عندما تفجرت الاتهامات الأكثر شدة ضد الجهاز الذي يترأسه. “إذا كان هذا صحيحاً”، قال بارليف بعد النشر الأول: “سيكون هذا أكثر خطورة من قضية الخط 300”. هذه مقارنة مناسبة وبحق. فقضية الخط 300 أدت إلى تنظيف كبير لإسطبلات في “الشاباك”. لن يكون هنا مناص من إجراء تحقيق خارجي من قبل لجنة حكومية أو رسمية يبين من عرف ماذا ومتى، في قيادة الشرطة ووحدة السايبر والنيابة العامة والمستوى السياسي. بارليف، الذي استيقظ متأخراً وبالتدريج، أعلن أمس أنه ينوي تشكيل لجنة حكومية.بدرجة لا تقل عن التذكير بقضية الخط 300، تذكر القضية الجديدة بقضية إدوارد سنودن، المحلل الذي فاجأ الأمريكيين بسلسلة كشوفات عن عمق اختراق سلطات الأمن والقانون لخصوصيتهم قبل تسع سنوات. عمل سنودن بدافع أخلاقي وأيديولوجي واضح. خلفية التسريبات في إسرائيل غير واضحة، وغير مهمة. حتى لو كان النشر يخدم جهود نجاة شركة NSO، وهي منتجة بيغاسوس، من الأزمة القانونية الدولية التي وجدت نفسها متورطة فيها، فإن المعلومات التي تم الكشف عنها تبرر هذا.أحد الشكوك الذي يطرح الآن هو أن الشرطة استخدمت برنامج التجسس لتعقب مديرين عامين في الوزارات الحكومية (المالية والعدل والمواصلات)، الذين تم الاشتباه فيهم بالتسريب لوسائل الإعلام. في السابق، اعتاد رؤساء الحكومة، لا سيما نتنياهو وسلفه إيهود أولمرت، على إغراق “الشاباك” بطلبات فتح تحقيق في تسريبات معلومات حساسة، خصوصاً حول معالجة التهديد النووي الإيراني. لم يرق لـ“الشاباك” ذلك، وأعد إجراء صادق عليه المستشار القانوني للحكومة، الذي اقتصر التحقيقات فقط على حالات متطرفة وبمصادقته.يثور شك في أن الوزراء، ربما رئيس الحكومة السابق، قد وجدوا مساراً التفافياً من خلال الشرطة، التي اعتمدت على برنامج بيغاسوس. نفت الشرطة والنيابة العامة، أمس، هذا الادعاء الذي هو حقاً بعيد المدى، وربما يكون من الادعاءات الأخطر لدينا.تحلق الآن فوق هذه الصورة المظلمة شخصية غامضة لروني ألشيخ، نائب رئيس “الشاباك” السابق وتقريباً رئيس الجهاز. هذا هو الشخص الذي جره نتنياهو، بجلاله، إلى الخارج من المنطقة الآمنة نسبياً في “الشاباك” إلى منصب المفتش العام للشرطة. في الحقيقة، اشترت الشرطة برنامج التجسس من NSO في فترة المفتش العام للشرطة الذي سبقه، يوحنان دنينو. ولكن يبدو أن الزخم الأساسي حظي به قسم السايبر في فترة ألشيخ. لم يتفاجأ أصدقاؤه القدامى عندما اكتشفوا في المقالات الأخيرة مبررات معروفة لوسائل العمل والتحقيق، والتمييز بين مصدر استخباري ومصدر للأدلة (الذي طرحه يقتضي فحص الظروف التي تم فيها الحصول عليه) وعرض المعلومات كـ “مصدر لمرة واحدة” أو “معلومات صدفية”. كل ذلك ستائر من الضباب استهدفت إخفاء الطريقة التي تم بها الحصول على المعلومات وحمايتها من الرقابة القضائية.ألشيخ، الذي يرفض الآن إجراء المقابلات، ينفي الاتهامات المنسوبة له في وسائل الإعلام. ولكن حسب ما نشر، تم العثور عن طريق التفافي وغير مراقب للاستخدام بالجملة، على وسائل كان يجب التعامل معها بحذر شديد. مؤخراً، ثار خلاف صاخب بين محامين ومراسلين من الطرفين بخصوص الطريقة التي تم فيها نسخ المعلومات من أجهزة شاهد دولة رئيسي في محاكمة نتنياهو، المدير العام السابق لوزارة الإعلام شلومو فلبر. حسب غانون، يثور الاشتباه بأن تم استخدام “بيغاسوس” بصورة موسعة وكثيفة أكثر لاستخراج معلومات عن عدد آخر من رجال نتنياهو.لا يبدو أن أي كاتب سيناريو قد اخترع مثل هذه المناورة. في البداية، نائب رئيس “الشاباك” الذي هو مستوطن متدين ويميني، كان قد عينه رئيس الحكومة لوظيفة المفتش العام للشرطة بهدف متعمد، وهو وضع شخص مقرب على رأس جهاز حساس، وهو الذي عرف كيف يوقف الإجراءات القانونية إذا ما حدثت. بعد ذلك، لا يبدو أن ثمة قطاً أسود مر بينهما، بل إن المفتش العام للشرطة نقل الشرطة إلى استخدام كثيف لتكنولوجيا السايبر المتقدمة، بما في ذلك في التحقيق مع نتنياهو. وبعد مرور ثلاث سنوات تقريباً، بانعطاف دراماتيكي أخير، فإن هذه التكنولوجيا الاختراقية التي استخدمها المفتش العام للشرطة، الذي تحول من صديق إلى عدو، تظهر مجدداً في المعركة المقبلة وربما تحوي في طياتها المفتاح لإنقاذ نتنياهو من المحاكمة والسجن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى