ترجمات عبرية

هآرتس: خطط الغرب لما بعد الحرب: “إعادة تنظيم” السلطة الفلسطينية

هآرتس 1-11-2023، بقلم: تسفي برئيل: خطط الغرب لما بعد الحرب: “إعادة تنظيم” السلطة الفلسطينية

 

حسب تقرير نشر أمس في موقع أخبار مقرب من حزب الله، فان فرنسا تدفع قدماً بخطة عمل تستهدف ما بعد وقف إطلاق النار الإنساني وتسوية أوسع، التي ستشمل تحرير المخطوفين. غير واضح في التقرير من هي الجهة أو الجهات التي قامت بصياغة هذه المبادرة، واذا كانت تعكس موقف الرئيس عمانويل ميكرون واذا كان تم عرضها على الرئيس الاميركي أو تم تنسيقها معه. في اسرائيل لا يعرفون عن هذه المبادرة. مصدر سياسي في اسرائيل قال للصحيفة “في هذه المرحلة لا تتم مناقشة أي خطط للمدى البعيد. المعركة العسكرية في الذروة وهي التي ستحدد المعايير لأي اتفاق مستقبلي”.

حسب هذه المبادرة فانه في المرحلة الاولى سيتم الإعلان عن وقف إطلاق النار من جميع الأطراف وعلى جميع الجبهات. في هذه الفترة الزمنية سيتم إعداد قوائم مفصلة للمخطوفين والسجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم. بعد ذلك سيتم التوقيع على اتفاق بحسبه ستطلق حماس سراح كل الموجودين لديها، بما في ذلك المخطوفين والمفقودين من حروب سابقة مقابل اطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين، بمن فيهم السجناء في الاعتقال الاداري – واسرائيل ستتعهد بعدم اعتقال المحررين مرة اخرى كما فعلت بعد صفقات تبادل سابقة. التبادل سيتم تنفيذه دفعة واحدة باشراف الامم المتحدة والصليب الاحمر وضمانة الدول الوسيطة. في نفس الوقت سيتم التوقيع على اتفاق حول ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع، التي ستشرف الامم المتحدة على توزيعها على المحتاجين. وقف اطلاق النار هذا حسب “اقتراح فرنسا” سيكون فقط المرحلة الاولى في تمهيد الارض لسيطرة السلطة الفلسطينية في غزة.

كلما طالت مدة القتال فإن الضغط السياسي على واشنطن، التي هي نفسها لم تبلور بعد أي موقف حول الحل بعيد المدى المطلوب، ولا تعرف ما هي خطة اسرائيل لليوم التالي. من الآن بدأت تسمع اصوات غضب من مصر الرسمية، التي تتهم اسرائيل بوضع العقبات امام قوافل المساعدات في معبر رفح. المتحدث بلسان وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زياد، نشر أمس بيان استثنائي أكد فيه أنه “يجب على كل الاطراف أن تعرف بأن مصر لا توفر أي جهد من اجل تسريع ادخال المساعدات للاخوة الفلسطينيين. العقبات التي تضعها اسرائيل هي التي تعيق ادخال المساعدات”.

هذه الاقوال جاءت ردا على بيان اللوم الذي اصدره موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي في حماس، الذي طلب فيه من القاهرة “التخلي عن موقف المراقب عن كثب. واتخاذ خطوات حازمة لادخال المساعدات الى غزة في اسرع وقت”. ولكن بالاساس البيان موجه بشكل شخصي للرئيس الاميركي الذي توصل الى اتفاق ملزم حول المساعدات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

مصر لا تريد في هذه الأثناء التصادم مع اسرائيل، لكن كلما ازداد الضغط العربي والدولي فإن مصر يمكن أن تقرر “فتح واسع” لمعبر رفح بدون موافقتها. هذه الخطوة يمكن أن تضع اسرائيل في وضع غير محتمل، سيكون عليها فيه التقرير هل ستسمح بزيادة حجم المساعدات لتجنب مواجهة سياسية مع مصر، أو أن تبدأ بضرب قوافل المساعدة كما فعلت في بداية الحرب. وبالتالي تحولها هي نفسها الى هدف للضغط الدولي، لا سيما الاميركي، والمخاطرة بشرخ جدي مع القاهرة.

السعودية هي دولة اخرى “متهمة” بالتخلي عن قضية غزة وعن القضية الفلسطينية بشكل عام، خاصة ازاء انسحابها كما يبدو من المبادرة العربية وحل الدولتين في المفاوضات التي قامت بإجرائها مع الولايات المتحدة حول التطبيع مع اسرائيل. الرياض قررت في الحقيقة تجميد النقاشات، لكن توقعات العرب منها هي إلقاء ثقلها الاقليمي والدولي من اجل أن تحقق على الاقل وقف لإطلاق النار. بشكل استثنائي نشر في جميع وسائل الإعلام الرسمية عن المحادثة الطويلة التي أجراها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مع نظيره الإيراني حسين امير عبد اللهيان، التي تم تكريسها لمناقشة الوضع في غزة، والحاجة الى التوصل الى وقف لإطلاق النار قبل انتشار الحرب الى مناطق أخرى في الشرق الاوسط.

هذه هي المرة الثانية التي تكشف فيها السعودية وايران بشكل علني بأنها تجري نقاشات حول القضية الفلسطينية بشكل عام والحرب في غزة بشكل خاص. المرة السابقة كانت قبل اسبوعين عندما اجرى الرئيس الايراني، ابراهيم رئيسي، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، المحادثة الهاتفية الاولى بينهما منذ استئناف العلاقات بين الدولتين في آذار الماضي، وطلبا وقف اطلاق النار.

لا يوجد للسعودية أي أداة ضغط مباشرة على حماس مثلما يوجد لقطر أو مصر. وحتى الآن ابتعدت السعودية عن أي قضية تفوح منها رائحة فلسطين. ولكن عندما ترتفع الحرب درجة وتتحول الى تهديد اقليمي يمكن أن يشعل ساحات اخرى، لا سيما الساحات التي توجد فيها ايران مثل لبنان وسورية واليمن، فان السعودية لا يمكنها السماح لنفسها بالاكتفاء بموقف المراقب واصدار تصريحات حسن نية. ربما أن السعودية لن تبادر الى أي عملية سياسية، لكن يمكنها الوقوف وراء خطة تظهر لها منطقية وعملية، خطة على الاقل ستعيد المواجهة الى مستواها المحلي. هذا التطلع ربما سيضم السعودية الى المبادرة الفرنسية طالما بقيت ذات صلة، لأن فيها عدة أسس يمكن أن تكون مقبولة على اسرائيل وواشنطن. احد هذه الاسس هو المبادرة الى “اعادة تنظيم” السلطة الفلسطينية بصورة تمكنها من ادارة غزة ايضا.

من غير الواضح ماذا سيكون التفسير العملي لـ “اعادة التنظيم”. ولكن اذا اعتمدنا على اقتراح رئيس الحكومة السابق في رام الله، سلام فياض، كما عرض في هذا الاسبوع في صحيفة “الشرق الاوسط” السعودية، فان الحديث يدور عن توسيع م.ت.ف بحيث تشمل ايضا ممثلين عن “حماس” و”الجهاد الاسلامي” وفصائل اخرى كي تحصل على الشرعية من الجمهور. بدون ذلك، يعتقد فياض، لن تستطيع السلطة الفلسطينية تحمل مسؤولية السيطرة في غزة. هناك شك كبير اذا كانت فرنسا أو أي دولة اخرى، بالاحرى اسرائيل، ستوافق على هذه الخطة التي تذكر بشكل كبير بمشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية. معنى ذلك هو أن حماس ليس فقط لن تنهار، بل ستكون ايضا عامل له مكانته في أي اتفاق.

مع ذلك، من الجدير فحص البنود الاخرى المشمولة في اقتراح فرنسا: ابعاد جميع الموظفين الذين قامت حماس بتعيينهم واستبدالهم بموظفين مسجلين كموظفين في السلطة الفلسطينية؛ اعداد قوة شرطة فلسطينية كبيرة تحت سيطرة السلطة لادارة الشؤون الأمنية في القطاع؛ وضع خطة لإعادة إعمار قطاع غزة بإشراف السلطة. في موازاة ذلك يتم وضع قوة متعددة الجنسيات، غربية، عربية وإسلامية، تشكل منطقة فاصلة بعمق 3 كم بين إسرائيل والقطاع، يخدم فيها جنود لدول لها علاقات مع اسرائيل مثل الاردن ومصر والامارات وتركيا. في نفس الوقت تبدأ المفاوضات حول الاتفاق النهائي الذي يهدف الى اقامة الدولة الفلسطينية بروحية تصريحات الرئيس الاميركي، جو بايدن.

المفارقة هي أنه سواء اقتراح فرنسا أو الافكار التي تطرحها جهات رفيعة في الادارة الاميركية وفي اسرائيل، تتمسك بالسلطة الفلسطينية على اعتبار أنها الأمل الوحيد لليوم التالي. “سلطة الإرهاب”، كما تسمى هنا، من شأنها أن تستدعى الآن للخدمة. من أصيب بالذعر عندما عرف عن نقل بضع سيارات مصفحة للسلطة، يمكن أن يستشيط غضبا عندما ستتسلم هذه السلطة السلاح والسيارات المصفحة الجديدة وميزانيات ضخمة، وتحصل على مكانة دولية لإنقاذ اسرائيل من الحاجة الى السيطرة المباشرة على غزة.

في ظل مبادرة سياسية، إسرائيلية أو اميركية، فان الساحة السياسية ستصبح ساحة مفتوحة للعب، سيرغب في الدخول اليها كل من روسيا والصين وتركيا والاتحاد الاوروبي. واذا تم رفض جميع المبادرات فإن واشنطن ستضطر في نهاية المطاف الى صياغة قواعد اللعب السياسية وأن تلائم بحسبها سلوك إسرائيل على الأرض.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى