ترجمات عبرية

هآرتس: خطر نتنياهو يمر عبر التصويت لغانتس

هآرتس 18-10-2022م، بقلم: ديمتري شومسكي : خطر نتنياهو

من بين مجمل الأضرار التي تسبب بها بنيامين نتنياهو ويواصل التسبب بها للسياسة والمجتمع في إسرائيل، هناك ضرر واحد أبعاده لم تتضح بعد كليا اسمه بني غانتس.

لا شك أن صعود نجم غانتس في سماء السياسة في إسرائيل كان نتيجة واضحة، حتى لو كانت غير مباشرة، لظاهرة نتنياهو. حسنا: قبل نحو اربع سنوات تبلورت في إسرائيل كتلة سياسية كبيرة تجاوزت الخلافات الدارجة بين اليمين واليسار، الكتلة التي تسمى، الآن، معسكر «فقط ليس بيبي»، التي هدفها العلني والنبيل هو إقصاء كبير المحرضين والفاسدين الذين عرفتهم إسرائيل الحديثة عن سدة الحكم. كان أعضاء هذا المعسكر يعرفون أنهم يقفون أمام مهمة معقدة جدا، حيث يقف ضدهم شخص محنك ومدرب وليس له مثيل في سياسة الجمهور. الطريقة المحتملة الوحيدة لمواجهة هذا الخصم القاتل توحيد الصفوف وراء زعيم واحد، قادر على تجنيد اكبر عدد من الإسرائيليين غير الموجودين في جيب نتنياهو، على يمينه.

هذا الزعيم، كما اعتقد المناوئون لبيبي، من العدل أن يلبي معيارين ملزمين: الأول، يفضل أن يأتي من صفوف الضباط الكبار في الجيش لأنه معروف أنه فقط جنرال يمكنه التنافس بنجاح أمام اليمين بشكل عام وأمام من يعتبر دون أي مبرر «السيد أمن» بشكل خاص. الثاني، يفضل أن يبث هذا الزعيم ضبابية فكرية مطلقة كي لا يغضب مجموعات من الإسرائيليين لها مواقف متطرفة في مواضيع أساسية ثقافية واجتماعية أو سياسية.

كان من الواضح لأعضاء معسكر «فقط ليس بيبي» في بداية طريقه أن أبرز الرواد، يائير لابيد، لا يناسب نموذج «الزعامة» المطلوب هذا. أولا، لأنه خدم في صحيفة «بمحنيه». وثانيا لأنه يتبنى مواقف واضحة، وقد دخل إلى الحياة السياسية لكي يدفع قدما الأفكار التي يؤمن بها.

غانتس في المقابل، كان ولا يزال عكس لابيد. فهو جنرال رمادي وليس له حلم حقيقي ويعرف كيف يتودد لممثلي جميع الطوائف تقريبا في المجتمع الإسرائيلي، أي بالضبط الشخص الذي يبحث عنه المعسكر المناوئ لبيبي من اجل تتويجه زعيما له. تبث الأحزاب الدينية باستمرار أنها خلافا للابيد هي مستعدة لعقد الصفقات. في أوساط اليمين الأيديولوجي غير البيبي هو يلهم بالثقة المطلقة، لأنه مثلما قال بغطرسة مدهشة ومتجسده في المقابلة التي أجرتها معه القناة الثانية قبل شهرين: «من يعتبر الدولتين لشعبين الحل للنزاع فهو يعيش في وهم»؛ حتى أن القائمة المشتركة نجحت قبل ثلاث سنوات في سحرها وإقناعها بأن توصي به لمنصب رئيس الحكومة.

لكن يبدو أن أعضاء معسكر «فقط ليس بيبي» لم يتمكنوا من إدراك حقيقة أساسية للواقع السياسي كما هو، وهي ميل السياسي إلى طمس وإخفاء موقفه وقدرته المدهشة من أجل أن يعجب به الجميع. هذا الميل بشكل عام هو من علامات التعرف على شخص انتهازي سياسي متطرف، يدلل باستمرار على الشهوة إلى القوة منفلتة العقال. هذا بالضبط تبين بسرعة أنه حالة غانتس عندما انضم في نيسان 2020 لنتنياهو في إطار «حكومة الطوارئ الوطنية» على أمل عبثي في أن يحصل على رئاسة الحكومة في تناوب مع كبير المحتالين. كل ذلك، مع خيانة واضحة لجمهور ناخبيه، حيث أدى إلى انقسام «ازرق ابيض» وفقدان سمعته، وأيضا الصعود المقنع للابيد كالزعيم البارز لإسرائيل العقلانية.

بعد انضمام قائمته الضيقة، التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التحطم في انتخابات 2021، إلى «حكومة التغيير»، لم يتوقف غانتس عن بث عدم الرضا من أن رئاسة الحكومة قد فلتت من يده، واصبح بؤرة دائمة لعدم الهدوء في الحكومة وفي الائتلاف، كما نشر يوسي فيرتر في مقالاته. لا شك أن هذا السلوك غير المسؤول لم يساهم في استقرار الحكومة التي اضطر المهندسون فيها مرة تلو الأخرى لبذل الجهود من اجل إرضاء بني غانتس. بالمناسبة، هم بهذه الصورة تركوا ساحات إشكالية أخرى داخل هذه الحكومة المعقدة.

الآن وقبل موعد الانتخابات القريبة القادمة فإن غانتس يرى نفسه اقرب من أي وقت مضى من السلطة المأمولة. عندما انضم هو وحزبه لحزب اليمين المناوئ لبيبي، «أمل جديد»، وأسس في غضون ذلك «المعسكر الرسمي»، الذي يحصل بشكل ثابت على اكثر من عشرة مقاعد في الاستطلاعات، فإنه يعرض نفسه على أنه المرشح الوحيد الذي يمكنه تشكيل الحكومة، حيث كما نعرف، يحب الجميع بني. ولكن كيف ستظهر هذه الحكومة؟. كما نشرت هنا في الشهر الماضي نوعا لنداو («هآرتس»، 11/9) فإن الخيار المرجح بالتأكيد هو أنه في حالة أن قائمة العنصرية الدينية والأصوليين لم يتمكنوا من إكمال الـ 61 مقعدا لنتنياهو فإن المتهم من قيساريا يمكن أن يتنازل عن بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غبير لصالح «الرسميين». وبالمناسبة، الاعتماد على أصوات «راعم» سيشكل حكومة تناوب مع غانتس، الذي في هذه المرة سيكون هو أول من يترأسها.

نعم، غادي ايزنكوت، الشريك الآخر لغانتس في تشكيل «المعسكر الرسمي»، إلى جانب رئيس «أمل جديد»، جدعون ساعر، تملص بشكل مؤدب من الإجابة عن سؤال بن كسبيت هل سينضم «الرسميون» لنتنياهو إذا عرض على غانتس أن يكون الأول في حكومة التناوب. في المقابلة مع عاموس هرئيل (في 9/10) أكد ايزنكوت مرة تلو الأخرى على أن «الشخص الذي توجد ضده لوائح اتهام لا يمكنه إدارة دولة». ولكن من سيضمن بأنه من اجل إنقاذ الدولة من زوبعة جولات انتخابية لانهائية – كي يجلس بني على كرسي رئيس الحكومة – لن يجد الطرفان الطريق «الرسمية» لإلغاء محاكمة الملك؟

يمكن التقدير بأنه إذا قيل إنه كانت لغانتس شوارب قام بتربيتها لعشرات السنين فإنه بالتأكيد كان على استعداد لحلقها وهو يحلف بأعز ما لديه بأن السيناريو المذكور أعلاه لن يخرج إلى حيز التنفيذ في أي يوم من الأيام. أثبت غانتس بأنه مقابل الوعد بالوصول إلى سدة الحكم هو مستعد للدوس على وعده لناخبيه. من المحظور بشكل مطلق الوثوق به. وإذا كان من بين الذين سيصوتون للمعسكر الرسمي أشخاص لا يريدون إعادة سيطرة البيبية على دولة إسرائيل فيجب عليهم أن يكونوا يقظين من أنهم بتأييدهم لغانتس قد يساهمون بشكل حاسم بعودة نتنياهو الاحتفالية إلى المقر في شارع بلفور.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى