ترجمات عبرية

هآرتس: حول خطر الوحدة والدولة

هآرتس 11/9/2022، بقلم: نوعا لنداو، 

الاحتفال الوداعي العالمي للملكة إليزابيث الثانية وفر في نهاية الأسبوع الكثير من عناوين الثناء على الفخامة الموحدة للمملكة المتحدة. أكد التأبين الرسمي للملكة على نجاحها الكبير في تجسيد، بجسدها وروحها، روح الأمة البريطانية، وتشكيل شعلة إنسانية (في حالتها مكعب الثلج) التي تشكلت حولها طوال 70 سنة المجتمع المتخيل الذي هو بريطانيا الحالية.

إن القدرة العظيمة التي طورتها الملكة إلى درجة الفن الرائع كانت من خلال تطوير شخصية مخالفة للشخصية العامة. طبق مثالي كان يمكن أن تنعكس عليه أي قيمة متفق عليها في المجتمع. الملكة اليزابيث كانت “المعسكر الرسمي” الحقيقي لشعبها وعصرها.

إن الأساس القيمي المشترك والإجماع الرسمي الذي انعكس على الملكة ومنها، هو في نهاية المطاف طاقم قيم ديمقراطي وليبرالي في أساسه. مع كل النفاق المصاحب (في المقام الأول إرث الإمبريالية والاستعمار بالطبع)، ومع كل التيارات المحافظة، ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومع بوريس جونسون، ما زال معظم البريطانيين يتخيلون أنفسهم هكذا. عندما يتحدث البريطانيون عن الدولة والوحدة فإنهم يقصدون، بشكل أو بآخر، القاسم المشترك الليبرالي بالمعنى السياسي الواسع.

في الخطاب السياسي في إسرائيل يظهر الآن تطلع متزايد إلى “الرسمية” و”الوحدة” من النوع الذي نجحت في إيجاده الملكة اليزابيث. ليس السؤال ما إذا سنكون موحدين، لأنه لا معنى للوحدة بحد ذاتها، بل السؤال حول من وحول ماذا سنكون موحدين. الدعوة للرسمية والوحدة، من النوع الذي يعبر عنه بني غانتس الآن على سبيل المثال في حملته الانتخابية، تعني شرعنة بنيامين نتنياهو والتجمع حول الإجماع اليميني المهيمن في الدولة. الوحدة التي يقترحها غانتس هي ضد “المتطرفين” من اليمين واليسار، وكأنهم الشيء نفسه، وضد الكراهية على أشكالها، ولا يهم من وماذا، وبدون محتوى قبل أي شيء آخر. كما لو أنه لا صراع حاسماً بين المواقف.

في إسرائيل، وبريطانيا أيضاً، كان الإجماع الرسمي وسيكون دائماً غطاء لعلاقات القوى في المجتمع، مشبعاً ومرآة لقيم الأغلبية، وليس ساحة محايدة وموضوعية كما حاول الليبراليون الادعاء. الخطر الكبير في خيال الإجماع الديمقراطي الليبرالي في إسرائيل، والتطلع إلى نوع من الرسمية والوحدة التي من المفروض أن يعكسها، هو الكذبة التي يقولها المركز السياسي لنفسه عن الفضاء المحايد للرسمية، بينما يدفعها اليمين نحو اليمين بكل القوة وبدون اعتذار. ولأن الوسط نسبي بطبيعته، فليس من الغريب أن غانتس، الذي يجسد الوسط في إسرائيل، هو صديق لجدعون ساعر من اليمين.

وهاكم مثالاً واضحاً على تداعيات هذه الظاهرة. خلال سنين، اعتبرت المحكمة العليا في أوساط الوسط – يسار في إسرائيل فضاء إجماعياً، موضوعياً ومحايداً، ديمقراطياً – ليبرالياً في جوهرها. وهناك من يقولون، بدرجة كبيرة من الصدق، بأنه إذا ما نظرنا إلى الأحكام المتعلقة بـ”المناطق” [الضفة الغربية] فلم يكن هكذا في أي يوم. الواضح أن اليمين نجح في السنوات الأخيرة في تهدئة المحكمة العليا في كل ما يتعلق بالأحكام التي تعكس قيم اليسار. فبدلاً من العمل بكل جد على شخصية المحكمة، أي انتقادها بشدة ومطالبة القضاة الذين يتفقون مع قيمه بالضبط كما يفعل اليمين، فإن الوسط – يسار يريد الدفاع والتضحية بنفسه من أجل ما هو قائم، الرسمية القضائية التي جرفت بالفعل نحو اليمين منذ زمن.

هذه هي الدعوة الآن إلى الوحدة والرسمية في إسرائيل على غرار اليزابيث الثانية. الوحدة مع بنيامين نتنياهو والوحدة مع ايتمار بن غفير، بدلاً من النضال الحازم وغير الرسمي تماماً على مستقبل قيم الليبرالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى