ترجمات عبرية

هآرتس: جيش الشعب يعاني خطر الانهيار: الإنقاذ لم يعد ممكناً

هآرتس 2023-04-25، بقلم: ميراف أرلوزوروف: جيش الشعب يعاني خطر الانهيار: الإنقاذ لم يعد ممكناً

فحص العميد (احتياط) ساسون حداد، الذي هو الآن باحث في معهد بحوث الأمن القومي، لماذا اختفت الخدمة الإلزامية – نموذج جيش الشعب – في معظم الدول الديمقراطية. وقد وجد أن هناك علاقة وطيدة بين الذين يخدمون الخدمة الإلزامية وبين قدرة هذا النموذج على الصمود. في اللحظة التي تنخفض فيها نسبة الذين يخدمون إلى تحت 50 في المئة من السكان تبدأ الأسئلة تطرح فيما يتعلق بمعقوليته و”تقاسم العبء”. عندما تنخفض نسبة الذين يخدمون إلى تحت 25 – 30 في المئة، فإن هذا النموذج ينهار، ولا يكون أمام الدول أي خيار إلا الانتقال إلى نموذج الجيش المهني.

الآن توجد إسرائيل داخل حدود الخطر الذي أشار إليه حداد. حسب حسابات حداد الآن يتجند 48 في المئة فقط من دفعة أبناء 18، بما في ذلك الشباب العرب. أيضاً حسب حساباته، بتسهيلات مختلفة فيما يتعلق بكبر حجم الجيش الإسرائيلي، فإنه حتى العام 2060 ستصل إسرائيل إلى تجنيد يبلغ 30 – 39 في المئة من السكان. أي أن الموعد الذي يمكن أن ينهار فيه جيش الشعب يوجد على مرمى حجر.

حسب أقوال عنبر غيتي، التي بنت خطة التجنيد لصالح وزارة الدفاع في فترة ولاية الوزير بني غانتس، إذا أخرجنا العرب من المعادلة (هناك نقاش قوي هل من الصحيح فعل ذلك)، فإن نحو 67 في المئة من الرجال و55 في المئة من النساء سيتجندون للجيش. حسب المعطيات التي قدمها الجيش للكنيست، فإنه من بين ثلث الرجال الذين لا يتجندون، 16 في المئة هم من الحريديين (تضاعفت النسبة في عقدين)، أيضاً 12 في المئة يحصلون على الإعفاء على أساس نفسي. الإعفاء النفسي ضاعف نفسه ثلاثة أضعاف منذ العام 2014، وبحق يسمّون في الجيش الإسرائيلي هذا الإعفاء “التوراة مهنة العلمانيين”.

النموذج يتأرجح. يجب إضافة رقم مقلق آخر إلى أرقام عدم التجند: الجنود الذين يتسربون أثناء الخدمة العسكرية. في تحليل نشره عضو الكنيست السابق، عوفر شيلح، لصالح معهد بحوث الأمن القومي في 2022، فإن نسبة التسرب وصلت 11 في المئة. إذا أضفنا هذا إلى أرقام عدم التجند، فإن 45 في المئة من الشباب اليهود في دورة الخدمة لا يخدمون أبداً، أو لا يخدمون خدمة كاملة. وإذا أضفنا إلى ذلك العرب فسنصل إلى أن 65 في المئة من الشباب الإسرائيليين لا يخدمون خدمة كاملة. هذا على شفا منطقة الخطر لانهيار النموذج.

في أوساط الباحثين في شؤون الجيش والدولة، لا يوجد اختلاف على أن نموذج جيش الخدمة الإلزامية أو جيش الشعب يتأرجح. هو يتأرجح طوال سنوات كثيرة، ولكن مستوى المخاطرة لانهيار هذا النموذج قفز بشكل كبير في الأشهر الثلاثة الأخيرة منذ تشكيل الحكومة اليمينية المتطرفة.

حركة كماشة مدمرة لحكومة اليمين شملت الانقلاب النظامي، الذي يضر بصورة كبيرة بالدافعية لخدمة دولة غير ديمقراطية، سوية مع سيل التشريعات الجارف للحكومة في موضوع التجنيد. في الحكومة يتحدثون عن اقتراح لإعفاء الحريديين من التجند للجيش الإسرائيلي (قانون التجنيد) سوية مع اقتراح لتعويض الذين يخدمون بوساطة تقليص الخدمة الإلزامية لسنتين. في المقابل، تمديد فترة الخدمة للمقاتلين الحربيين لثمانية أشهر براتب يبلغ 6 آلاف شيكل في الشهر.

الباحثون في شؤون الجيش والمجتمع يتفقون على أنه يجب محاولة الحفاظ على نموذج جيش الشعب. الاقتراح الذي يحظى بالشعبية، التنازل عن الخدمة الإلزامية والانتقال إلى الجيش المهني، رفض من قبلهم بالإجماع. الجيش المهني هو بالضرورة جيش مع جودة أقل، لأنه سيتم تجنيد قسم صغير فقط من الفئة العمرية، وبالتالي سيفقد الجيش الإسرائيلي الحق في اختيار الأفضل من كل فئة عمرية للخدمة فيه. وفقدان الجودة مهم جداً في عصر أصبح فيه الجيش تقنياً وهو بحاجة إلى أفضل الأدمغة للخدمة فيه.

إضافة إلى ذلك، الجيش المحترف هو جيش يختار الأشخاص للخدمة فيه. تقريباً، بشكل مؤكد، سيكون هؤلاء هم أبناء الطبقات الضعيفة الذين سيرغبون في الخدمة فيه لأنه لا توجد لهم بدائل مهنية أخرى. وأيضاً من يتماهون مع أهداف الجيش، أي الذين لديهم مواقف يمينية متطرفة. ستكون النتيجة جيشاً أكثر ضعفاً، لكنه جيش عنيف ويسعى إلى الحرب. عندما تكون الأم في تل أبيب لامبالية أكثر لاندلاع الحرب لأن ابنها لا يوجد في صفوف الجيش، أيضاً لن يكون هناك رأي عام يكبح هجومية الجيش الزائدة. من السهل تمييز التأثير الكابح لرفض الاحتياط الآن من أجل فهم كم هو مهم أن يخدم كل الشعب، وأنه في أعقاب ذلك تكون له قدرة على اتخاذ خطوات احتجاج ناجعة ضد السياسة التي تدفعها الحكومة قدماً.

في نهاية المطاف، يجب السؤال: هل من الأخلاقي أن من يدافعون عن أمن إسرائيل يفعلون ذلك من أجل المال؟ يقول البروفيسور يغيل ليفي، الباحث في شؤون الجيش والمجتمع في الجامعة المفتوحة: إن الجيش المحترف يعادل البغاء أو الاتجار بالأعضاء، أي أنه يعادل الوضع الذي يعرض فيه الأشخاص حياتهم وأجسادهم للخطر مقابل المال.

وقدّر عوفر شيلح أن التعويضات المالية لن تؤدي إلى ترك أصحاب المواقع العالية للخدمة القتالية. وهو يشير إلى حالتين جرت فيهما محاولة لفترة قصيرة: في العام 2006 خطط الجيش الإسرائيلي لتقصير مدة خدمة الجنود طبقاً لتوصيات “لجنة بن باست”. لذلك، كان ينوي تسريح دورتين للتجند في الوقت نفسه. الجنود في الموعد المتقدم عرض عليهم البقاء مدة أربعة أشهر إضافية مقابل الدفع. وكانت الاستجابة عالية لذلك (في النهاية لم يحدث ذلك في أعقاب اندلاع حرب لبنان الثانية). في العام 2015 جرى تقصير آخر لمدة الخدمة، ومرة أخرى طرح اقتراح لتمديد الخدمة مقابل الدفع، وكانت الاستجابة له جيدة.

“ما زال الجنود يريدون أن يكونوا في الوحدات القتالية أو في وظائف تكنولوجية”، قدّر شيلح. “إذا عرضوا عليهم هذه الوظائف، إضافة إلى عشرات آلاف الشواكل التي سيحصلون عليها عند تسريحهم من الجيش، فهذا سيفيد ولن يضر”. وقال ليفي: إنه من الأفضل البقاء في المسار الحالي بالنسبة لمنحة التسريح السخية وليس منح راتب شهري.

الحلم الأكبر للخبراء في شؤون الجيش

بقي خطر تأثير “الدفع مقابل تمديد فترة الخدمة” غامضاً. أيضاً بقي السؤال حول تأثير قانون التجنيد غامضاً – الإعفاء النهائي الذي سيعطى للحريديين من الخدمة في الجيش. يعتبر شيلح هذه الخطوة نهاية الخدمة الإلزامية في الجيش، والضربة القاضية الأخيرة التي ستقضي على الدافعية للخدمة. “الناس سيصوتون بالأرجل”، يتوقع.

حداد وليفي أقل قناعة منه. يؤمن ليفي بالشفافية والاستقامة، حيث في كل الحالات لا نجند الحريديين. ومن الأفضل أن نوضح ذلك بشكل رسمي، وأن نعفي الحريديين والعرب من الخدمة. حسب تقديره، ستمكن الشفافية من إبراز الخدمة كقيمة للمهمة وليس كعبء يقتضي المساواة.

أشار حداد، كما قلنا، إلى أن نموذج جيش الشعب سيصمد إلى أن يصل إلى تجنيد 30 في المئة من السكان. في العالم توجد عدة دول تحتفظ بالخدمة الإلزامية، حتى في ظل نسبة تجنيد صغيرة نسبياً لاعتبارات التماسك والمناعة الداخلية التي لا تقل عن اعتبارات الدفاع. مع ذلك، في معظم هذه الدول مدة الخدمة الإلزامية قصيرة، وهي تستند بالأساس إلى خدمة احتياط أطول.

إضافة إلى ذلك، فإن دورات التجنيد في ازدياد، وحتى العام 2030 ستزداد بنحو 50 في المئة (26 ألف متجند آخر). من الواضح أن الجيش الإسرائيلي لا يحتاج إلى هذا العدد الكبير من الجنود في الخدمة الإلزامية، حيث إنه في الأصل وبصورة غير منطقية، في حين ينخفض عدد المتجندين في كل دورة ويمس بالدافعية للخدمة، فإنه يزداد عدد المتجندين في الدولة ويقلل من الحاجة إليه. الحل المطلوب هو تقليص نطاق التجند في كل الحالات بوساطة تقصير مدة الخدمة، وربما أيضاً بوساطة تحويل المتجندين الزائدين إلى خارج الخدمة في الجيش – الشرطة ومصلحة السجون والدفاع المدني ونجمة داود الحمراء وحالات الطوارئ في الجبهة الداخلية.

هذا هو الحلم الأكبر لمعظم الخبراء في شؤون الجيش والمجتمع في إسرائيل. وهذا هو القاسم المشترك لمسار الخدمة الذي بنته غيتي لصالح الوزير غانتس: خلق مسارات خدمة مدنية – أمنية، موازية للجيش، مطلوب من الجميع الخدمة فيها، بما في ذلك المتدينون والعرب. التقدير هو أن هذا الحل هو الأفضل: يجند الجيش أفضل الشباب حتى الأرقام المطلوبة له. في حين أن الذين يتبقون يخدمون خدمة مدنية غير متعلقة بالجيش من أجل التقليل من معارضة العرب والحريديين. على خلفية النقص الشديد في رجال الشرطة، على سبيل المثال. سيسد التجنيد للخدمة المدنية أيضاً حاجة وطنية ملحة.

لكن هناك مشاكل تكمن في هذا الاقتراح. الأولى، إذا توسع هذا الاقتراح إلى الخدمة المدنية الشاملة، فهذا سيكون اقتحاماً لاماكن العمل المدنية، الأمر الذي يمكن أن ينزلق إلى التنافس على أماكن العمل للعمال الضعفاء – ليفي يسمّي ذلك عمالاً بالإكراه.

المشكلة الثانية هي أن احتمالية أن يوافق العرب أو الحريديون على الخدمة المدنية أو الأمنية ضعيفة. هذا هو السبب بأنه خلافاً لشيلح، فإن ليفي يعتقد أنه يمكن التنازل مسبقاً عن المحاولة، التي يبدو أنها لن تنجح، لأنه في جميع الحالات لا توجد حاجة إلى عدد كبير من الجنود. يعتقد حداد أنه يجب إبقاء الخدمة المدنية خدمة تطوعية، لكن يجب محاولة الدفع بها قدماً بكل الطرق. التجربة الدولية، كما قلنا، تعلمنا أن الخدمة الإلزامية، عسكرية أو مدنية، تساهم بشكل حاسم في التكتل والمناعة الاجتماعية. ولكن كيف يفعلون ذلك؟ هذا هو السؤال الرئيس الذي لا يوجد لأي أحد إجابة عنه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى