ترجمات عبرية

هآرتس: تكشف محاضر الاستجواب كيف حاول بالشي تسخير النازيين في تحالف ضد البريطانيين

هآرتس 19-6-2023، بقلم عوفر اديريت: تكشف محاضر الاستجواب كيف حاول بالشي تسخير النازيين في تحالف ضد البريطانيين

في العام 1942 اختطف رجال “الهاغاناة” ناشطاً من المنظمة السرية “ليحي”، وهو افرايم زتلر، خارج بيت والده في “كفار سابا”. “نقلوه مدة ساعة، وفي غضون ذلك غطوا عينيه وكبلوا رجليه”، قال والده في وقت لاحق. “في منتصف الطريق تم تغيير السيارة. ثم نقل إلى بيارة وأدخل بيت تعبئة، وأجلسوه على صناديق فارغة معصوب العينين”. حققوا معه خلال عشرين يوماً هو وزتلر (19 سنة) حول نشاطه في التنظيم السري المتطرف الذي كان يترأسه أبراهام “يئير” شتيرن، الذي قتل في السنة نفس على يد البريطانيين. محاضر التحقيق معه التي تم الكشف عنها في الشهر الماضي من أرشيف الدولة، تشمل معلومات عن فصل مظلم، وصم التنظيم السري إلى الأبد: علاقاته مع ألمانيا النازية.

“سنتصل مع أي دولة عظمى عسكرياً مستعدة للمساعدة في إقامة مملكة إسرائيل، حتى لو كانت ألمانيا”، قال زتلر للمحققين معه المندهشين. “الشرط هو الحصول على السلاح والقيام بأعمال شغب ضد البريطانيين. وإذا وافقت ألمانيا على مساعدتنا في القتال ضد العدو رقم واحد، البريطانيين، فسننضم إليها”، قال. “هي ليست عدوة اليهود في أرض إسرائيل”، وصف ألمانيا، وقال بأنهم سيتعاونون معها إذا ساعدت التنظيم السري على “الحصول على هذه البلاد. نحن مضطرون لمحاربة البريطانيين. أؤمن بأنها الطريقة الصحيحة، فبريطانيا عدوتنا”، أضاف.

هي أقوال قيلت بعد أسبوعين على مؤتمر فانزا في برلين، الذي ناقش فيه موظفون نازيون تطبيق الحل النهائي. وبعد مرور 81 سنة يصعب فهم كيف خطر ببال اليهود في أرض إسرائيل أن بإمكانهم ضم ألمانيا النازية للنضال من أجل تحرير الوطن من نير الاحتلال البريطاني. هذه فكرة طرحها شتيرن، رئيس “ليحي”، قبل سنتين تقريباً، وهو الذي أيد المقاومة العنيفة لحكم بريطانيا. هذا الموقف كان يعارض موقف معظم الاستيطان اليهودي في البلاد، الذي تنازل عن محاربة البريطانيين لصالح النضال المشترك ضد الألمان. 

علاقة تحالف مع “الرايخ” الألماني

في نهاية العام 1940، التقى مبعوث “ليحي” في بيروت مع ممثل وزارة الخارجية الألمانية. الوثيقة التي قدمها له شملت اقتراحاً للتعاون بين التنظيم السري والنازيين. وكتب فيها عن “مشاركة فعالة” لـ”ليحي” في “الحرب إلى جانب ألمانيا” من خلال “المصالح المشتركة” بين “رؤية ألمانيا والطموحات القومية الحقيقية للشعب اليهودي”. وكتب في الوثيقة أن “إقامة الدولة اليهودية التاريخية على أساس قومي شمولي، والتي ترتبط بتحالف مع “الرايخ” الألماني، تتساوق مع موضوع الحفاظ على مواقع القوة الألمانية”.

لم يكلف النازيون أنفسهم عناء الرد على هذا الاقتراح. في تلك الفترة، فضلوا العلاقة الوثيقة مع الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس، الذي هرب من البريطانيين وحاول ضم العرب لمساعدة النازيين على أمل أن يساعده هتلر على اجتثاث حكم بريطانيا في البلاد. “الهاغاناة” في المقابل، اهتمت بمحاولة التقارب بين “ليحي” والنازيين. اثنان من الملفات في أرشيف الهاغاناة بعنوان “علاقة ايتسل وليحي مع دول المحور” (في الحرب العالمية الثانية) تم الكشف عنهما في الشهر الماضي من أرشيف الدولة. “ألم يكن يهمهم بأن الاستيطان اليهودي، خارج العصابتين، يعارض طريقهما”، هكذا وبخ محققو الهاغاناة زتلر، ناشط “ليحي” المخطوف. “هل أراد الاستيطان اليهودي في فترة ما معرفة نظريتنا؟ كان من السهل عليه القول بأننا قتلة”، أجاب زتلر، ثم اعترف بأنه اعتبر “يئير شتيرن” نبياً.

كان افرايم زتلر الأخ الأصغر ليهوشع، من الضباط التنفيذيين الكبار في “ليحي”. بعد التحقيق معه من قبل الهاغاناة تم إطلاق سراحه. وبعد ذلك اعتقله البريطانيون وتم طرده إلى معسكرات الاعتقال في السودان وأريتيريا وكينيا. بعد إقامة الدولة، عاد إلى البلاد وتجند في الجيش الإسرائيلي وشارك في معارك حرب الاستقلال. في العام 1950 قتل في انفجار لغم.

قريباً من موعد تحقيق “الهاغاناة” معه، تم التحقيق أيضاً مع ناشط التنظيم السري يعقوب هرشمان، الذي اختطفته “الهاغاناة” أيضاً وحققت معه في بيارة في “الشارون”. أحد الأسئلة التي طرحت عليه تناول مبادئ “ليحي” الأساسية، التي سمعها من شتيرن. “شعب، أرض، وطن وحلفاء”، قال. أراد المحقق معرفة المقصود بـ “حلفاء”. أجاب هرشمان: “جهات أجنبية مستعدة لمساعدتنا في حل مسألة اليهود في أرض إسرائيل بالقوة”. وعندما طلب منه الشرح قال: “هدف التنظيم هو الوصول للحكم، الحكم في يد بريطانيا… من يستطيع أن يكون مهتماً بعدم وجود بريطانيا هنا بالتأكيد؟”. وبعد ذلك، أورد بالتفصيل قائمة الجهات التي قد تتجند لهذه المهمة، من بينها دول المحور”.

في هذه المرحلة، المحقق سأل هرشمان: أليس تفسير هذا الأمر وكأن شتيرن أعدّكم لتولي مهمة الفسلينغ، أي العملاء، (هكذا في الأصل) في أرض إسرائيل؟ فسلينغ كان رئيس حكومة النرويج التي تعاونت مع النازيين، وتحول اسمه إلى مرادف لكلمة خائن. أجاب هرشمان: “ربما”. المحقق صمم: كيف تفسر موافقتهم على هذه الأيديولوجيا؟ من الصعب فهم ذلك. شخص يعد اليهود الصهاينة لدخول العدو رقم واحد للشعب اليهودي ويتصل مع هذا العدو ويحصل منه على الحكم؟”. أجاب هرشمان: “هم شباب مخلصون لفكرة يعتبرونها صحيحة. السيطرة على الحكم كأسلوب لحل مسألة اليهود بصورة يعتقدون أنها صحيحة، بالقوة… غير مهم بأي وسيلة يستخدمون القوة”.

لا نرى شراً في العلاقة مع دول المحور

ثمة شخص حققت معه “الهاغاناة” وهو يعقوب بولياكوف، من مؤسسي “ليحي” ومن قادته الكبار، أبلغ المحققين معه عن لقاء أجراه مع شتيرن. “شتيرن تحدث معنا حول هذه العلاقة… أراد التلمس… وعبر لنا عن رأي يقول بأنه يجدر الاتصال في ظل ظروف معينة مع دول أجنبية كي تعطي الأموال والسلاح لليهود”، قال.

وفقاً لأقواله، فإن شتيرن أيضاً “أعطى مثالاً من الحرب السابقة” (الحرب العالمية الأولى)، وقال إن “اليهود حاربوا من أجل بريطانيا، وفي الوقت نفسه، ثمة شخص ما أجرى مفاوضات مع ألمانيا في حالة انتصارها”. اقتبس بولياكوف من لقاء مع شتيرن، وقال: “حاصرناه بالأسئلة: إذا كانت هناك دول تالية لهذا فهي ألمانيا وإيطاليا، وهي تضطهد اليهود. فأجاب بأنه ليست هناك أحاسيس في الحرب. من يعطي المال والسلاح تعمل معه. معظم اليهود يعملون مع البريطانيين، فلماذا لا نعقد صفقة مع دولة هي عدوة بريطانيا، وفي حالة انتصارها سيكون هذا جيداً”.

وأضاف بولياكوف بأن “الايتسل” انشغلت أيضاً بفكرة التعاون مع ألمانيا النازية. وقال إن يعقوب مريدور، الذي ترأس “الايتسل” لسنتين، 1941 – 1943، قبل أن يصبح عضواً في الكنيست ووزيراً من الليكود، قال: “جربنا بأنفسنا وبدأنا علاقتنا مع ألمانيا وخسرنا. لا نرى شراً في الاتصال مع دول المحور. وإذا أدى بنا هذا إلى الاستقلال فنحن مستعدون للاتصال مع الشيطان نفسه”. بولياكوف توجه في هذا السياق للمحققين معه في “الهاغاناة” وقال بأن قيادة الإيتسل “غازلوا دول المحور”.

ليس النازيون وحدهم الذين كانوا هدفاً لتعاون رجال اليمين في البلاد في الحرب العالمية الثانية؛ فقد كشفت وثيقة من ملفات “الهاغاناة” مؤخراً شملت عنوان “عن توجه إيطاليا”. ” تم الإبلاغ لشخص واحد من قبل معارفه في الحزب التنقيحي، بأن في الحزب تياراً يطالب بتعزيز العلاقات مع إيطاليا لأن انتصار الفاشية مؤكد وأنه يجب الإعداد مسبقاً لإمكانية التعاون مع إيطاليا. هم يفكرون في التمييز بين هتلر وموسيليني في هذا الشأن”، كتب في الوثيقة. الوثيقة غير الموقعة وغير المفصلة كتب فيها أيضاً بأن رؤساء هذا التيار هم: الشاعر، وبعد ذلك عضو الكنيست لـ “حيروت”، أوري تسفي غرينبرغ، وآبا احيمئير من رؤساء مفكري اليمين. وكتب في هذه الوثيقة أيضاً بأن تسفي مارسا، رجل الأموال لـ “ليحي”، قال في حفل خاص: “لن يكون فظيعاً إذا غزا الإيطاليون البلاد. يمكننا التوصل معهم إلى تفاهمات.

وحققت “الهاغاناة” مع شخص آخر هو ناشط في “ليحي” مناحيم بيرغر، الذي أصبح بعد ذلك رئيس نقابة المحامين، قال أثناء التحقيق معه إن “عدداً من الأصدقاء” تحدثوا “عن الاتصالات مع دول المحور”، من بينهم شتيرن نفسه وإسحق شمير، الذي كان في حينه أحد نشطاء “ليحي”، وبعد ذلك أصبح رئيس الحكومة الإسرائيلية. مع ذلك حسب قوله، فإنه عندما اهتم بهذا الموضوع ردوا عليه: “ليس هذا إلا محاولة لإقامة علاقة لم تنجح”. 

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى