ترجمات عبرية

هآرتس: تشير حكاية القنصلية الأمريكية أن إرث ترامب ما زال حياً

بقلم: عكيفا الداد، هآرتس 13/7/2022

إذا تركنا للحظة موجة الإرهاب التي تعم الديمقراطية الأمريكية وموجة القذارة التي تتصاعد من محاكمة بنيامين نتنياهو، فإن دونالد ترامب قد يأتي إلى هنا الأسبوع القادم ليلتقي مع نتنياهو. في كل ما يتعلق بمثلث الولايات المتحدة – إسرائيل – الفلسطينيين، يحافظ الرئيس الأمريكي جو بايدن على تراث سابقه. قائمة “الإنجازات” التي عددتها المستشارة المستقيلة لرئيس الحكومة السابق، شمرين مئير، تعدّ جميعها بدون استثناء تركة إدارة ترامب.

في مقابلة مع نداف أيال في “يديعوت أحرونوت”، تفاخرت الخبيرة في الشؤون العربية بأن “هذه الحكومة لم تفتح قنصلية أمريكية في شرقي القدس”، هكذا في المصدر. من أغلق القنصلية؟ ترامب. بعد ذلك تحدثت مئير بتفاخر لأيال بأنه على الرغم من أن الحكومة “عانت كثيراً أمام الأمريكان بسبب ذلك” فإنها واصلت البناء في يهودا والسامرة. تماماً مثل ترامب. الحكومة السابقة أيضاً “ذهبت إلى استثمار كبير في هضبة الجولان” – من المهم هو كم استثمروا في هضبة ترامب. وبدون (أعقنا الاتفاق مع إيران) لم يكن هذا الأمر ممكناً. وشكراً لترامب لأنه أوصلنا إلى هذا الوضع، إلى مسافة قصيرة من القنبلة الإيرانية.

ليس هنالك مثل قصة القنصلية الأمريكية في القدس لتجسيد التشابه ما بين سياسة بايدن وسياسة من سبقه في هذا المنصب. التباهي بإفشال إعادة فتحها يكشف صعوبة التمييز بين سياسة حكومة لبيد – بينيت، مقاربة مع حكومة نتنياهو. في حملة الانتخابات الرئاسية، تعهد بايدن علناً أنه غداة دخوله إلى البيت الأبيض سوف يعيد فتح مقر القنصلية في القدس. وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن، كرر هذه الأقوال في آذار الماضي. ولكن مثلما شهدت مئير، فإن حكومة إسرائيل نجحت في إفشال هذه الخطوة. إذا لم تحدث انعطافة مفاجئة بصورة واضحة، فسيضع بايدن خلفه موضوع القنصلية اليتيم، وسيخرج رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بخفيّ حنين من اللقاء مع الرئيس الأمريكي في المقاطعة.

حسناً، لا يدور الحديث عن ممثلية دبلوماسية عادية، واحدة من تلك التي تعمل في إصدار التأشيرات ولزيارة الأسرى. القنصل العام في القدس لم يكن خاضعاً لسفير، وأبلغ مباشرة تقاريره لوزارة الخارجية في واشنطن. إغلاق القنصلية مثله مثل إغلاق سفارة رئيسية. منذ 1967، لعب رجال القنصلية دوراً رئيسياً في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. في أوقات تدهور العلاقات بين واشنطن ورام الله، حافظت القنصلية على علاقة مع السلطة، وأدارت وحتى منعت حدوث أزمات أمنية. عدد لا بأس به من الإسرائيليين يدينون بحياتهم للقنصلية الأمريكية في القدس. فلسطينيون وإسرائيليون (ومن بينهم عدد من رؤساء المستوطنين) اعتادوا الاحتفال معاً بيوم الاستقلال الأمريكي في حديقة البيت الفاخر الموجود في شارع اغرون.

قرار إغلاق القنصلية لم يولد في البيت الأبيض. سفير المستوطنين في إسرائيل ديفيد فريدمان، والذي حمل اللقب الرسمي سفير الولايات المتحدة، هو الذي أقنع ترامب بإبعاد القنصل عن طريقه وطريق سكان البؤر الاستيطانية. لقد اشتهوا التخلص من الدبلوماسيين الأمريكان، الذين كانوا يتجولون بينهم ويبلغون عن أفعالهم. في مقابلة مع الصحيفة الإلكترونية “زمن إسرائيل” ادعى فريدمان أن الدبلوماسيين الذين طلبوا أن يكونوا موجودين في القنصلية مالوا إلى التعاطف أكثر مع الفلسطينيين.

لقد حظيت بالتعرف عن قرب بثلاثة قناصل عامين للولايات المتحدة في القدس. أجل، كلهم، خلافاً لفريدمان، أظهروا تعاطفاً مع معاناة الفلسطينيين وبذلوا كل ما في وسعهم لتقليص المس بحقوقهم. كلهم كانوا مخلصين لسياسة الإدارات الأمريكية، والتي أيدت وما زالت تؤيد حل الدولتين على أساس حدود 1967 ويعارضون مشروع الاستيطان.

لم يكن للولايات المتحدة أي مصلحة سياسية في إغلاق القنصلية. وليس لديها مصلحة لتأجيل إعادة فتحها، إلى جانب الرغبة في تجنب المس بمكانة حكومة لبيد – بينيت وتوفير ذخيرة لنتنياهو. في الوقت نفسه، في الوقت الذي تتملص فيه الإدارة من تعيين قنصل في القدس فإنها خرجت عن طورها من أجل إقناع أعضاء الكنيست السابقة لتمرير قانون استهدف إعفاء مواطني إسرائيل من الأدوار في قسم التأشيرات في سفارة الولايات المتحدة. المعارضة، برئاسة نتنياهو، أفشلت العملية.

بعد أن اضطر إلى غلق أبواب البيت الأبيض من خلفه، اكتشف ترامب بأنه سقط ضحية لشهوات الهدايا المجانية للمليونير من قيساريا. في مقابلة لباراك رابيد، وهو كاتب كتاب “السلام مع ترامب”، قال الرئيس السابق إن “بيبي لم يرغب في التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين… أعتقد أنه ماطلنا فقط”. إغلاق القنصلية، مثله مثل فتح سفارة للولايات المتحدة في القدس، واتفاقات إبراهيم والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، استهدف مساعدة نتنياهو في استيعاب صفقة القرن التي جاء بها ترامب. نتنياهو أطعمه أشياء وهمية، وابتلعها بايدن. لبيد وبينيت يلعقون شفتيهما. الإسرائيليون والفلسطينيون ظلوا يعانون مع آلام البطن. من فضلك، افتح القنصلية يا بايدن ولا تكن ترامب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى