ترجمات عبرية

هآرتس: تخلّى اليسار عن النقب فقطف بن غفير الثمار

هآرتس 14-11-2022م، بقلم: سامي بيرتس: تخلّى اليسار عن النقب فقطف بن غفير الثمار

المواجهة الحادة بين عضو الكنيست إيتمار بن غفير، ووزير الأمن الداخلي عومر بارليف، في ساحة العملية بالخضيرة، في 27 آذار الماضي، هي صورة من صور انتصار اليمين المتطرف في الحملة الانتخابية. في هذه العملية قُتل جنديان من حرس الحدود، والمشهد الذي نقش في الذاكرة من ذاك المساء كان عرضاً للصراخ، الذي وجهه بن غفير لبارليف: “ألا تخجل؟ أنت تتحدث عن عنف المستوطنين عندما يتم قتل اليهود؟ أنت لا شيء”. الرد الغاضب وغير المسبوق لبارليف: “أنا لا أخجل. أنت الذي يجب عليك أن تخجل. أنت لا شيء. أنت تتسبب هنا بالصدمة وبأمور فظيعة”.

في هذه المواجهة كان يوجد منتصر ومهزوم. المقاعد الأربعة التي حصل عليها حزب العمل (تدهور بارليف في قائمة مرشحيه) أمام الإنجاز الكبير لـ”الصهيونية الدينية” كان بفضل بن غفير. فهي، ضمن أمور أخرى، نتيجة ذاك المساء. ولكن ليس بسببها فقط.

المفارقة الكبيرة في نتائج الانتخابات، التي أعادت نتنياهو إلى مكتب رئيس الحكومة وحوّلت بن غفير إلى واحد من السياسيين الأقوياء في إسرائيل، هي أن الأخير حصل على التعاطف بالذات بسبب فشل الأول. عملية “حارس الأسوار” والاضطرابات في المدن المختلطة وعنف البدو في النقب، كل ذلك كان المحرك للاشتعال الذي دفع الناخبين إلى صناديق الاقتراع من أجل التصويت لـ”الصهيونية الدينية” بفضل بن غفير. نتنياهو، لمن نسي، شغل منصب رئيس الحكومة في الأعوام 2009 – 2021، وعملية “حارس الأسوار” كانت في ولايته. أيضاً فقدان الحاكمية في النقب، الذي يتم التعبير عنه في العنف في الشوارع والحماية في المصالح التجارية الصغيرة وفي سرقة السلاح، تحول ضربة للدولة في عهده. بشكل خاص نسبة التصويت المرتفعة لبن غفير في بلدات الجنوب تعكس خيبة الأمل من عجز الحكومات الأخيرة في معالجة مشكلات الأمن الشخصي.

حاولت حكومة بينيت – لابيد بالذات تغيير الواقع وبارليف رفع معالجة العنف في المجتمع العربي والبدوي ووضعها على رأس سلم الأولويات، لكن هذه السياسة انهارت قبل أن تثمر أي إنجازات مرئية. لم يتأثر الجمهور اليهودي في المدن المختلطة وفي النقب بهذه الجهود، ويعتبر الكثيرون بن غفير هو الحل. لسبب ما هو يعتبر كمن سيزيد الحاكمية والأمن الشخصي. ليس فقط مقارنة مع بارليف، بل أيضاً مقارنة بنتنياهو. هم يحبون بيبي ولكنهم يثقون ببن غفير.

الإنجاز الكبير له في أوساط الطبقة الضعيفة وفي بلدات الضواحي يعبر عن التوق إلى شخص معين سيقوم بتوفير الأمن الشخصي، وليس بالتحديد بالطرق الدارجة. ولكن يمكن أن يصابوا بخيبة الأمل عندما سيكتشفون أن الواقع معقد جداً وربما أصعب، عندما يتعامل معه شخص خبرته هي إظهار الغضب في ساحة عملية.

مرت نماذج التصويت في بلدات النقب بثلاثة انقلابات منذ السبعينيات. الأول كان الانقلاب في 1977، الذي عبر عن الاشمئزاز من حكم مباي/ المعراخ، الثاني كان في 1984 عندما تم تشكيل “شاس” كرد مضاد على الحريديين الأشكناز، والثالث الآن عندما وصلت “الصهيونية الدينية” بفضل بن غفير إلى المكان الثاني بعد “الليكود” في معظم بلدات النقب.

تعمل هذه الانقلابات الثلاثة كهدف ذاتي لبلدات النقب: تعزز الثلاثة في المقام الأول سياسة الاستيطان وليس النقب. لو أن الإنجازات الانتخابية لـ”الليكود” و”شاس” في الجنوب ترجمت إلى تقدم النقب والاستثمار المالي فيه لكنا شاهدنا هناك حاكمية أكثر والقليل جداً من التوتر الديني – القومي.

بالمناسبة، هذا هو أيضاً أحد الإخفاقات الكبيرة لكتلة اليسار – الوسط: لقد تنازلت عن النقب منذ زمن لصالح تحويله معقلاً لليمين القومي المتطرف. لأن الجنوب لم يصبح صهيونياً – دينياً أكثر، بل عانى من التوتر المتزايد في العلاقات بين اليهود والعرب – البدو. في جميع الحالات فإن تعزز “الليكود” و”شاس” في الجنوب حقيقة ثابتة، والولاية القادمة ستكون امتحاناً لقدرة تمركز بن غفير كقوة رئيسة هناك طوال الوقت.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى