ترجمات عبرية

هآرتس: بيبي مسيحنا الدجال

هآرتس 27-9-2023، بقلم يوسي كلاين: بيبي مسيحنا الدجال

الاتفاق الذي سيكون أو لا يكون مع السعودية، لا يهمني. والاتفاق الذي وقع في حينه مع حكومة الأبرتهايد في جنوب إفريقيا لم يثر الانفعال، أو عناق اللاساميين في هنغاريا ورومانيا الذين يكرهون اليهود ويحبون الإسرائيليين. الاتفاقات مع روتمان وسموتريتش ستؤثر على حياتي أكثر من الاتفاق مع السعودية.

ليرددوا في التلفاز كلمات مثل “تاريخي” و”دراماتيكي” إلى أن تزرق أوداجهم، فهذا لن يحول الاتفاق الخيالي إلى أكثر واقعية. الاتفاق الذي يتحدثون عنه سيتم توقيعه على كوكب آخر، في دولة أخرى وفي زمن آخر، في مكان لا تتم فيه محاكمة رئيس الحكومة بتهمة تلقي الرشوة، ومئات الآلاف لا يتظاهرون ضده ويوافق على قرار حكم القضاة.

الاتفاق الذي أعاد الحمرة إلى وجه كوشمارو جاء في الوقت غير المناسب، بالضبط عندما يكتشف جميع المشاركين أوراقهم. عندما شاهدنا يد القوميين المتطرفين، الذين يسمون “صهاينة متدينين”، أدركنا بأنهم قد خدعونا، وأن جميع الأحاديث عن “اليهودية والديمقراطية” كانت خدعة كبيرة، وذر للرماد في العيون.

“اليهودية والديمقراطية” هدف خيالي. “يهودية” مرتبطة بـ “ديمقراطية” في فلسطين. لقد اعتقدوا أنه ربط سيهدئنا. وكانوا على حق؛ فقد وجدنا أنفسنا نحارب شيئاً خيالياً، وهمياً. أرادوا أن نتجاهل هدفهم، “دولة يهودية”، “دولة شريعة”، ليس ديمقراطية أو أي شيء آخر.

كان من المريح لنا التعايش مع اليهودية والديمقراطية، “افعلوا في ساحتكم ما يخطر ببالكم شريطة أن لا نعرف ذلك”. الآن عندما تكشفت الأوراق أدركنا أننا لسنا في اللعبة، حيث استولى الفاشيون على يهوديتنا وتبنوا مفاهيمنا للتشويش والإظهار بأن “الكل هو نفس الشيء” وأن “ديمقراطيتهم هي نفس ديمقراطيتنا”. لم يرمش جفن لليهود النازيين وهم يطلقون علينا اسم “فاشيين” (“الفوضويون” لم تساعد).

هناك فجوة كبيرة بيننا، بين اليهود العلمانيين والليبراليين من جهة وحفنة الفاشيين المتدينين. لن نوافق على “القليل من الديمقراطية” ولن يوافقوا على “القليل من الشريعة”. عهد التنازلات انتهى. لم يعد هناك “هيا نلتقي في الوسط”. شعار “نحن أخوة” تبين أنه خدعة لحرف الانتباه عن الهدف الرئيسي.

“دولة شريعة” هي عقيدة الصهاينة المتدينين. “ديمقراطية” ليست دين العلمانيين الليبراليين. الديمقراطية أداة لتحقيق بمساعدتها طموحاتهم ومستقبل أولادهم. بواسطة الديمقراطية فقط يمكن للعلماني الليبرالي أن يحقق أمله في حياة مرضية أكثر. الصهيوني المتدين يتنازل عن تحقيق الذاتي لصالح الوطني. لا يهمه أن لا يكون لعائلته وأولاده أمن شخصي أو اقتصادي. اليهودي العلماني الليبرالي لن يوافق على أن تحطم “اليهودية” أحلامه. الفاشي المتدين لن يسمح لـ “الديمقراطية” بأن تحرمه من تحقيق حلمه القومي.

حلمه هو دولة يهودية من البحر حتى النهر.

قبل أربعة أشهر من الأحاديث عن السعودية، رأى الفاشيون الذين يرتدون القبعات بأنه قد أصبح لديهم بيت كامل في متناول اليد. الـ 64 أسطورة التي يملكونها زادت انفعالهم. برعايتها بدأوا يتطاولون على المحكمة وعلى الوضع الديني الراهن وعلى الصلاة في يوم الغفران في الفضاء العام. سألنا بدهشة: لحظة، ألم نوافق على الفصل غير الرسمي؟ نحن هنا وأنتم هناك؟ تل أبيب وبني براك؟ إسرائيل ويهودا؟ كان الفصل في خيالنا فقط.

الآن أدركنا بأن السيطرة والاحتلال ليست وسيلة بل غاية: ليست دولة ديمقراطية لليهود، بل “يهودية” مشوهة. دولة ينطبق عليها تعريف أمبرتو إيكو للفاشية: عبادة التراث ورفض الحداثة، والنظر إلى عدم الاتفاق كخيانة. الفاشية اليهودية تضع الدولة فوق الفرد والزعيم فوقها. الفاشيون المتدينون الذين بحثوا عن مسيح يقف على رأسهم، في القرن السابع عشر، كان مثل هذا المسيح، وكان اسمه يعقوب فرانك. لقد كان شهوانياً وجشعاً وكاذباً. وقد فرح أتباعه عندما لم يدفع ثمن خطاياه. لقد رأوا في ذلك الدليل على الحماية الإلهية المنشورة عليه. وتبعته مجموعة من الكهنة المزيفين الذين تملقوه واستغلوا جهل الجمهور الساذج والغبي، وأغروه بالاعتقاد أنه يتصرف باسمه ومن أجله. بيبي نتنياهو هو يعقوب فرانك العصر الحديث.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى