ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  ينيل ليفي –  توق اليسار الى احتلال متنور

هآرتس – بقلم  ينيل ليفي – 14/11/2021

” إن مأساة معسكر اليسار الاسرائيلي هي سعيه وتوقه الى تحويل الاحتلال الى احتلال اكثر انسانية بدلا من وقفه، وتركيزه على خطاب الحقوق الليبرالي بدلا من معالجة وجود الفلسطينيين تحت سيطرة اسرائيل بدون حقوق سياسية”.

هناك قضيتان حدثتا مؤخرا كشفتا ضعف خطاب حقوق الانسان في اسرائيل بالنسبة للفلسطينيين. الاولى، اعتبار منظمات حقوق انسان فلسطينية منظمات ارهابية. والثانية، كشف “واشنطن بوست” ومنظمة “نحطم الصمت” عن نظام الرقابة البيومتري على فلسطينيين في الضفة.

انتقاد قرار وزير الدفاع بني غانتس حول منظمات حقوق الانسان الفلسطينية تركز على الخطاب الليبرالي – القانوني، بسبب السهولة التي نشرت فيها الاوامر ضدها ودرجة ترسخ المعلومات واسهام هذه المنظمات الفلسطينية وبراءتها وما شابه. لذلك، طلبت منظمات حقوق الانسان الاسرائيلية من وزير الدفاع الغاء اعلانه. لنفترض أنه استجاب ذلك، فما الذي كان سيغيره ذلك بشكل استثنائي من ناحية المنظمات الفلسطينية والتي تعمل هذه المنظمات من اجلها؟ منظومة سيطرة اسرائيل على السكان الفلسطينيين كانت ستبقى بدون أي ضرر، وربما أن وكالات تصنيف الاعتماد الاخلاقي العالمي كانت ستحسن قليلا علامات اسرائيل.

الامر الجوهري هو أن المنظمات الاسرائيلية التي تدافع عن المنظمات الفلسطينية تقبل بالفعل، بمجرد كونها اسيرة للخطاب القانوني، بوجود السكان الفلسطينيين تحت سيطرة اسرائيل بدون حقوق سياسية كنقطة انطلاق، وكأن الامر يتعلق برعايا اسرائيليين. يجب علينا الآن فقط أن نفحص هل الوزير يستخدم بصورة مناسبة سلطته عليهم. 

اضافة الى ذلك، منظمات حقوق الانسان الاسرائيلية، مثل مراسلي “هآرتس”، يفترضون أن النضال ضد سيطرة اسرائيل يجب أن تدفع به قدما منظمات حقوق الانسان الفلسطينية وليس المجتمع الفلسطيني. “السلطة الفلسطينية وقيادة فتح… غير قادرة على الدفاع عن مواطنيها الذين يتعرضون للهجوم من قبل المستوطنين والجنود”، كتبت عميره هاس (“هآرتس”، 9/11). وجدعون ليفي يتخيل “جنود يقتحمون كل ليلة غرف نوم الاطفال. واسرائيليون مصممون ينتظرون هناك وهم يحملون الكاميرات” (“هآرتس”، 31/10). هذا تعبير ملخص لمساهمة بعيدة المدى لمنظمات حقوق الانسان، الخطاب الذي يدفعونه قدما ونجاحاتهم القانونية التي تأتي احيانا، تقليص الضغط الدولي على اسرائيل وتخفيف معارضة السكان الفلسطينيين لآليات السيطرة الاسرائيلية.

مثل خيبة الامل التي يثيرها المس بمنظمات المجتمع المدني، هكذا ايضا خيبة الامل في قضية الخزان البيومتري، ليست سوى تعبير للتوق الى “احتلال متنور”. وانشاء المخزون كان انجاز كما يبدو لمنظمات حقوق الانسان التي هاجمت دخول الجيش الى بيوت الفلسطينيين لغرض “رسم الخرائط”.

على ذلك رد الجيش الاسرائيل بالقول إن المخزون البيومتري استهدف “تحسين جودة حياة السكان الفلسطينيين” (وتمكين الجيش من العثور على مراكز المقاومة بالطبع). وحتى أن الجيش ابلغ المحكمة العليا أنه بفضل تكنولوجيا بديلة قرر النوقف عن رسم الخرائط. ربما أن القصد هو، ضمن امور اخرى، المخزون البيومتري.

يوجد للجيش آليات سيطرة بديلة تقلص الاحتكاك مع السكان. وبالتالي تقلص العنف الجسدي. ولكن أليس هذا ما يستهدفه بالفعل خطاب الحقوق؟ تحويل الاحتلال الى احتلال متنور بدلا من وقفه؟.

خطاب الحقوق صرخ بصوت عال ضد استخدام تشخيص الوجوه في اطار التكنولوجيا البيومترية بدلا من مناقشة السيطرة على السكان بحد ذاتها. ويمكن القول إن منظمات حقوق الانسان تعمل، حتى لو بغير قصد، على تحويل الاحتلال الى احتلال انساني بدلا من وقفه. وربما هذه هي مأساة معسكر اليسار في اسرائيل.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى