ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عوفر اديرت  – الخوف من السوفييت، زراعات الأنا وحس دعابة لدى غولدا: وثائق جديدة من يوم الغفران

هآرتس – بقلم  عوفر اديرت  – 6/10/2021

” بعد مرور 48 سنة على حرب يوم الغفران ينشر ارشيف الدولة 61 وثيقة تاريخية من تلك الفترة، تظهر من هو “صديق تسفيكا” وما الذي حدث لمبادرة قصف دمشق وما الذي ما زال محظور نشره حتى الآن “.

“يجب عليه أن يطلب دبابات وطائرات فانتوم فورا، ليذهب الى كيسنجر ويقول له: اس.أو.اس”، هذا ما قالته غولدا مئير. “اليهود بشكل عام غير محبوبين. واليهود الضعفاء هم أقل محبة. سيرموننا للكلاب”. هذه الاقتباسات الدراماتيكية قالتها رئيسة الحكومة مئير في ذروة حرب يوم الغفران، التي تم شنها في مثل هذا اليوم قبل 48 سنة في 6 تشرين الاول 1973.

بمناسبة الذكرى السنوية نشر ارشيف الدولة 61 وثيقة تاريخية، تشمل 1229 صفحة توفر ثغرة للاطلاع على ما وراء كواليس الحرب. ضمن امور اخرى، تم الكشف عن تسجيلات من يوميات الحرب لرئيسة الحكومة، محاضر جلسات في مكتبها ومحاضر جلسات للحكومة ومشاورات سياسية – امنية. “الوثائق تمكننا من رؤية الحرب بعيون رئيسة الحكومة وكبار رجال الدولة”، قال للصحيفة أوري بيالكوف، الباحث الناشط في مركز حرب يوم الغفران. “هي توفر ثغرة تاريخية مهمة للاطلاع على الاحداث مثلما حدثت في الوقت الحقيقي وليس الاطلاع على المعالجات المتأخرة لها من قبل المؤرخين”.

السفر الى لندن

في الجلسة التي عقدت في 6 تشرين الاول سمعت صافرة انذار. الحرب اندلعت. الساعة هي الثانية ظهرا. “مع ذلك فاجأونا”، قالت غولدا بعد خمس دقائق. مع ذلك، المفاجأة في نهاية المطاف لم تكن كاملة. وثيقة من الوثائق المهمة التي تنشر الآن هي تقرير رئيس الموساد تسفي زمير لرئيسة الحكومة غولدا عن لقائه في لندن مع أشرف مروان، عميل الموساد الذي قدم له تحذير قبل 14 ساعة من اندلاع الحرب.

انتظار اشارة من مروان بدأ قبل وقت ما من ذلك. “انتظرنا نبأ حول الحرب”، قال زمير. “… تلقيت نبأ بأنه سيأتي، وأعطاني اشارة على اندلاع حرب”، اضاف في تطرقه للقاء الاول مع مروان. في اعقاب ذلك سافر بسرعة الى لندن من اجل الالتقاء معه. “بدأنا في البحث عن رحلة طيران. ولم يكن هناك رحلة لشركة “ال عال”. وأنا لم اتمكن من السفر في رحلة جوية اخرى. سافرت الى المطار، وايلي زعيرا (رئيس الاستخبارات العسكرية) اتصل وقال إنه قلق بدرجة معينة. قلت له: أنا اعتقد أن هذه حرب”.

في صباح اليوم التالي، 5 تشرين الاول، وصل زمير الى لندن، وبعد ذلك التقى مع مروان. “لقد وصل في الساعة الثانية عشرة ليلا، جلسنا حتى الساعة الثانية فجرا. وقال لي إنه ستكون هناك. أنا لا اعرف لماذا. وهذه الحرب ستكون بعد الظهر أو في المساء. إنه ذاهب الى الحرب. وزودني بتفاصيل. أنا قررت اجراء اتصال هاتفي”.

خلال الحرب واصل مروان حتلنة زمير بالتطورات المختلفة. في جلسات الحكومة تمت تسميته “صديق تسفيكا”، ضمن امور اخرى، قدر مروان بأن المصريين سيطلقون صواريخ سكاد نحو اسرائيل فقط اذا هاجمت اسرائيل المدنيين في مصر. “صديق تسفيكا قال إن هناك حالتين فقط يمكن عن طريقهما انهاء الحرب، إما أن تتم ابادة الجيش أو على الاقل السادات ينتهي”.تم اقتباس رئيسة الحكومة غولدا في احدى الوثائق. اضافت بنغمة ساخرة: “أنا اوافق على أنه لن يحدث أي أمر من الامرين”.

الضابط المصري

انذار آخر قدمه الموساد تم العثور عليه في 12 تشرين الاول، في الوقت الذي اجتمع فيه الكابنت الامني لمناقشة خطة عبور القناة. وفي منتصف النقاشات الطويلة تم استدعاء رئيس الموساد زمير بصورة مستعجلة للهاتف. رئيس مكتبه اخبره عن نبأ تم التقاطه في اللاسلكي، هذه المرة لم يكن هذا مروان، بل العميل المصري العسكري. في الوثائق التي يتم الكشف عنها الآن كتب أن غولدا قالت للحاضرين “نحن سننتظر لدقيقتين وسنقرأ المادة التي حصلت عليها الآن”. وبدأت في قراءة الاوراق. “هناك ورقة من تسفيكا، سأخبركم بها”، اضافت.

النبأ الذي نقله الضابط المصري تناول نية المصريين استخدام الوية المظليين الى جانب قوات المدرعات من اجل احتلال مناطق مهمة في عمق شبه جزيرة سيناء. في اعقاب تلقي النبأ تقرر الاستعداد لصد المصريين قبل اجتياز القناة. “أنا الآن اعرف ما الذي يجب أن افعله. سنستعد بشكل جيد ونصد هجوم المصريين ونقوم بضربهم بقوة عن طريق فرق . وبعد ذلك سنعبر القناة”، قال رئيس الاركان في حينه، دافيد اليعيزر في اعقاب التقرير. نائبه، اسرائيل طل اضاف: “هذه ستكون ضربة دراماتيكية مثيرة لا مثيل لها. وهذا سيخرج الهواء من اشرعة الهجوم المصري ويفجر البالون شريطة أن نقوم باعداد هذه المعركة”. غولدا لخصت الموضوع: “أيها الاصدقاء، أنا اعرف أن تسفيكا أنهى النقاش لنا”. 

كما وصف الباحث في بيالكوف، الذي اطلع على الوثائق بفضل التحذير استعد الجيش الاسرائيلي مسبقا للهجوم. “القوات المصرية ضربت من قبل الجيش الاسرائيلي في معركة من معارك الدبابات الكبيرة في حروب اسرائيل. صورة المعركة في الجبهة الجنوبية انقلبت رأسا على عقب”. بعد ذلك قال زمير عن ذلك: “من خلال نقل هذا النبأ فان الضابط المصري انقذ اسرائيل من الهزيمة المهينة في تاريخها”. 

من يوجد له قناع

الوثائق تتناول، ضمن امور اخرى، خوف اسرائيل من استخدام صواريخ سكاد وسلاح كيميائي من قبل مصر ضد اهداف مختلفة. الشخصيات الرفيعة في اسرائيل قدرت بأن الاتحاد السوفييتي يساعد المصريين في الاستعداد لاستخدام الصواريخ. “الروس قالوا لهم نحن سنتعلم هذا معا. في نهاية المطاف اذا تم اطلاق الصواريخ فهذه ستكون صواريخ سوفييتية، لكنهم سيقولون بأنها صواريخ مصرية”، كتب في احدى الوثائق.

“لنتذكر تحذير السادات بأنه اذا تمت مهاجمة المدنيين فهو سيهاجم بصواريخ سكاد”، قال وزير الدفاع في حينه، موشيه ديان، وهو في حالة ضغط. “ما الذي سيحدث اذا ضغط على الروس؟ اذا قال إننا هاجمنا المدنيين وطلب منهم اطلاق الصواريخ علينا؟ هناك أنباء تقول بأنه يوجد لدى المصريين 400 صاروخ سكاد. السادات قلق جدا على مستقبله”، قال ديان في احدى الجلسات التي استبعد فيها احتمالية أن يضرب الجيش الاسرائيلي اهداف استراتيجية في مصر خشية من اطلاق صواريخ سكاد ردا على ذلك. “هو يخشى من أن المصريين، كعملية انتقام، سيستخدمون الصاروخ المشهور”، قال الوزير يغئال الون في السياق.

الخوف من تدخل السوفييت النشط في الحرب كان بارزا في الوثائق. بيالكوف اوضح في هذا السياق بأن “الحرب كانت احد الاحداث التي كنا قريبين فيها من حرب عالمية ثالثة، حيث رفع الروس الجاهزية عندما رأوا حلفاءهم يخسرون، بهدف ارسالها الى مصر أو الى سوريا”. في الوثائق تم توثيق سؤال الوزير اسرائيل غليلي وهو اذا كان يوجد تهديد سوفييتي بالتدخل؟ كيف يجب علينا الرد؟ ما الذي طلبناه من الامريكيين؟. في هذا السياق تساءلت رئيسة الحكومة غولدا: “أنا أريد أن اعرف ما الذي يجعل كيسنجر (وزير الخارجية الامريكي في حينه) ينذعر؟ بماذا هددوه؟”. الوزير يغئال الون اجاب: “يحتمل أن تكون في الاسالية قوة سوفييتية لمصر”.

كانت هناك انباء ايضا عن احتمالية استخدام الغاز، قيل في احدى الجلسات. “هل يوجد للجميع اقنعة ضد الغاز؟”، تساءلت غولدا. السكرتير العسكري، اسرائيل ليئور، قال إن عدد من الوحدات تم تزويده بالاقنعة، “لكن السؤال هو هل يوجد لكل شاب قناع؟”. 

في المقابل، الوثائق ايضا توثق نقاشات حول استخدام محتمل للصاروخ الاسرائيلي “عبري” الذي تم انتاجه قبل الحرب. رئيس الاركان، اليعيزر، اقترح اطلاقه نحو دمشق. “توجد لدينا صواريخ ارض – ارض، صحيح أن عددها فقط 25 صاروخ والتي بدأنا في انتاجها في هذه السنة”، قال. “بواسطتها سنصل الى عمق دمشق اذا اردنا ذلك”.

وقد اقترح، ضمن امور اخرى، “قصف مطار قرب دمشق بهذه الصواريخ، بحيث يتم سماع الانفجارات في دمشق وتهتز النوافذ”. غولدا سألت: “هل هذه الصواريخ دقيقة؟”. وهو اجاب: “نعم، لكن يجب الاخذ في الحسبان بأن منازل قرب المطار يمكن أن تتضرر. هذا سيسمعونه في دمشق بشكل جيد. أنا لا اقترح الاطلاق داخل المدينة… اعتقدت أنه في المقام الاول يجب اطلاق النار داخل دمشق، لكن الشكر لله نحن لم نصل الى ذلك. لهذا، ليس داخل دمشق بل في المطار”. وزير الدفاع، موشيه ديان، عارض ذلك وفي نهاية المطاف لم يتم تنفيذ اطلاق الصواريخ.

برعاية روتشيلد

في وثيقة اخرى تم توثيق الجهود الكبيرة لوزير المالية، بنحاس سبير، لتجنيد اموال يهود اثرياء في العالم لصالح المجهود الحربي. سبير قال لهم بأنه ذهب الى جولة تجنيد فورية عند اندلاع الحرب وأنه ضمن امور اخرى، تم الحصول على منحة من عائلة روتشيلد. “لقد اتصلنا مع السيدة دورتي روتشيلد (متبرعة بريطانية يهودية وزوجة جيمس روتشيلد). ها أنا حصلت على خبر بأنها ستتبرع بمليوني جنيه استرليني، لكن هذا الخبر يجب أن يبقى سرا. في ذاك المساء دعت عدد من الاشخاص الى بيتها… أنا تأخرت، وسافرت اليها مباشرة من المطار دون أن استحم. لقد انتظرتني في البيت وطلب مني أن احدثها عما يحدث في البلاد. انا قلت بأنني سأتصل مع رئيس الحكومة، وأنت ستسمعي ما الذي يحدث الآن. في الواقع ليس من السهل الوصول الى المكتب عبر الهاتف مرورا بكل السكرتاريا. ولكنها قالت إن هذا اعطاها الحياة عندما تحدثت معك (مع غولدا مئير). مسكت رأسها وابتسمت. وفي نفس اليوم ارسلت اثنين من اقاربها لابلاغنا بأنها ستتبرع بمليوني جنيه، وأنها تعتقد بأن الوضع جدي. وبالطبع نحن قمنا باستغلال ذلك”.

بعد ذلك اضاف ووصف جهوده في تجنيد التبرعات ايضا من يهود آخرين، من بينهم رجل اعمال ومتبرع اسمه تشارلز كلور، الذي قال عنه “لقد اغلقت عليه الغرفة وقمت بهزه، هو يهودي غالي”. من اجل تجنيد الاموال استخدمت اسرائيل ايضا ذكرى الكارثة. “عشرات المرات قلت لهم، لو أنكم فعلتم في 1939 ما تقومون بفعله الآن ، عندما صرخ وايزمن “شعب اسرائيل”، ربما لكان مليون يهودي اقل ذهبوا الى اوشفيتس”.

معارك الأنا

الوثائق وثقت ايضا حروب الجنرالات ومعارك الأنا في قيادة الدولة والجيش، ضمن امور اخرى، قال وزير الدفاع موشيه ديان عن اريك شارون: “يوجد له فم، لكنه قائد ممتاز. الآن لا يجب فعل أي شيء حتى لو كان سوبر نابليون. بعد ذلك سنرى. نحن سنضطر الى التعايش مع فمه والمصريون سيضطرون للتعايش مع يده”. رئيس الاركان، اليعيزر ابلغ غولدا: “غورودوش (شموئيل غونين، قائد المنطقة الجنوبية) قال إن اريك يفعل ما يحلو له. اريك غائب عنه. هو غير واثق مما يفعله”. غولدا قالت ردا على ذلك: “لا توجد لديه الشجاعة لقول رأيه بأريك”. 

الاخفاءات التي بقيت

“الصفحات الكثيرة التي يتم فتحها الآن امام الجمهور هي المادة الوثائقية الخام الاصلية التي كتبت اثناء حدوث الاحداث الدراماتيكية لأحد الاحداث التاريخية التي ما زالت تعتبر جرح نازف في تاريخ الدولة والمجتمع في اسرائيل”، كتب في البيان الذي نشرته المسؤولة عن ارشيف الدولة، روتي ابراموفيتش. “للمرة الاولى منذ 48 سنة يمكن متابعة الديناميكية التي حدثت في الحكومة فيما يتعلق بحرب يوم الغفران، ورؤية الذعر والعقبات والنقاشات والعلاقات المعقدة التي كانت سائدة بين رؤساء الدولة، هؤلاء الذين قادوا الحرب القاسية واولئك الذين قادوا السياسة”.

الكشف عن الوثائق تم بفضل التماس للمحكمة العليا تم تقديمه في السنة الماضية وطالب بأن تعرض على الجمهور جميع مواد الارشيف المتعلقة بالحرب. هذا الالتماس قدمه المحامي بنيامين بيرتس والجنرال احتياط اوري أور ومركز حرب يوم الغفران ورئيس المركز رامي تسفات والبروفيسور اوري بار يوسف. 

لكن بين المادة الكثيرة التي سمح الآن بنشرها ما زالت هناك فقرات كاملة حظرتها الرقابة. “من تاريخ معين، كل مرة يفتح فيها تسفيكا زمير فمه، يوجد شطب”، قال للصحيفة بار يوسف. من السياق يمكن الفهم بأن الرقابة قد قامت بمحو اجزاء تطرقت للعلاقة الحساسة بين اسرائيل والاردن حول مسألة انضمام الاردن للحرب. ضمن امور اخرى، يمكن الافتراض بأنه تم حظر مقاطع تطرق فيها رئيس الموساد للعلاقة السرية التي اقامتها اسرائيل مع الاردن في تلك الفترة. اضافة الى ذلك، بار يوسف لخص اقواله بأن الاطلاع على الوثائق يكشف الأداء الجيد للمستوى السياسي. “الوضع الاصعب الذي شهدته اسرائيل منذ غزو الجيوش العربية في العام 1948″، حسب قوله. “لقد واجهوا ضباب حربي كثيف جدا. أنا احييهم. هذا يطرح سؤال ما الذي كان سيحدث لو أنه سقط في تل ابيب الف صاروخ ولم يبق أي ذكر للكرياه وابراج عزرائيلي، كيف كان سيتصرف رئيس الحكومة الحالي ورئيس اركانه في هذه الحالة؟”، اضاف بلهجة متشائمة. 

خطأ في الرقابة

على هامش النشر يختفي ايضا خطأ للرقابة، التي شطبت كلمتين من احدى الجمل وابقتها في جملة ملاصقة. “وزير الدفاع قال إن بيغن طلب منا التوجه (… بعد هذه الكلمة تأتي كلمات تم شطبها) واستراليا ونطلب طائرات من نوع ميراج، ربما سيوافقون على اعارتها لنا”، كتب في الوثيقة. بعد ذلك يتبين ما هي الكلمات التي شطبت، عندما ردت غولدا: “استراليا لن تعطي، جنوب افريقيا ربما”.

في احدى الوثائق يظهر ايضا حس الدعابة لرئيسة الحكومة. “هل ستقضين وقتك هنا في هذا المساء، يا غولدا؟”، سأل ديان. “كان يجب علي أن اكون في احد نوادي الديسكو”، اجابت، “لكني سأبقى هنا لبعض الوقت”. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى