ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم جدعون ليفي – الطابور الخاص

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي – 8/10/2020

المجتمع الاسرائيلي يكره العرب ويكره الاصوليين ويكره الحريديين ولكنه يتجاهل اضرار الحريديين ويتجاهل مساهمة العرب. فقد حان الوقت للاعتراف بان العرب ليسوا طابورا خامسا بل لعلهم طابور اول أو ثانٍ“.

لقد كان الاصوليون على مدى السنين هدفا لكراهية العلمانيين. اختلافهم، انغلاقهم، عاداتهم الغريبة، زعماؤهم المتململون، لباسهم القديم، موقفهم من النساء، الاكراه الديني واساسا حقيقة أنهم لا يخدمون في الجيش، والمعاذ بالله، لا يتعلمون المواضيع الاساسية بل وبعضهم لا يعملون، كل هذه اشعلت نارا عظمى ضدهم. الكراهية لهم كانت عمياء، لاذعة، مبالغا فيها وغير مناسبة. وكانت احيانا تشبه اللاسامية. والتعابير التي اتخذت تجاههم كانت من ابشع التعابير واكثرها تنفيرا. والى جانب مساهمتهم السلبية في تصميم الموقف منهم كانوا ايضا  ضحايا مشاعر ظلامية بل وفاشية احيانا ايضا. لقد احب الاسرائيليون المستوطنين الذين الحقوا اضرارا اكثر مصيرية بهم، وكرهوا الحريديين.

عرب اسرائيل مكروهون، مقصيون، مميز ضدهم، مظلومون، مهانون ومنبوذون اكثر بكثير. بخلاف الحريديين، اشتبه بهم ايضا على نحو دائم كطابور خامس، يتآمر على شخصية الدولة ويتطلع الى تخريبها من الداخل. وكان اخلاصهم موضع شك، ولم يعترف بمساهمتهم للمجتمع وسدت طريقهم واشترطت حريتهم. هم ضحايا واضحون لنزعة القومية المتطرفة والعنصرية المغروسة عميقا في الدولة.

في اعقاب الكورونا كانت حاجة الى اعادة تنظيم علاقة المجتمع بهذه التجمعات السكانية وتقديرها. هذا هو الوقت للبدء، لاجراء حساب متشدد مع الحريديين على سلوكهم السائب وعديم المراعاة والتغيير الجذري للموقف تجاه العرب بفضل مساهمتهم.

اذا ما ظهر طابور خامس في هذه المعركة فانه الطائفة الحريدية، مع كل التعميمات المرافقة لذلك. لاول مرة في تاريخها يقوض سلوكها بالفعل شخصية المجتمع ويلحق به ضررا عظيما. فالتحلل التام لجماعات واسعة في هذه الطائفة من العبء، تعالي الحريديين على باقي الاسرائيليين وتجاهلهم الفظ والوقح بازماتهم، مصاعبهم ومعاناتهم وضعهم في مكان جديد في المجتمع. وحتى من كن لهم  عطفا واحتراما واعتقد بان الموقف  منهم غير نزيه ومثير للحفيظة لم يعد بوسعه ان يتجاهل سلوكهم المعيب. هكذا يبدو الطابور الخامس. هكذا تتصرف طائفة لا تراعي احدا غير ذاتها، احتياجاتها، معتقداتها وجنوناتها. الحريديون سيدفعون ثمنا على ذلك، مثلما لم يدفعوا ابدا. والاسرائيليون لن ينسوا بسرعة سلوكهم. بذور الكراهية التي زرعها الحريديون الان بايديهم خلقت وضعا لن توافق فيه الاغلبية بعد اليوم على مواصلة قواعد اللعب السابقة. فغياب التضامن يجب أن يترافق وشارة ثمن. محظور أن تنسى ادارة الظهر من جانبهم للمجتمع في ظل تعريض حياة وصحة الكثيرين للخطر. هذا لن يحصل في يوم واحد. ولكن الحريديين لا بد سيشتاقون للواقع الحالي. الكراهية تجاههم ستتعاظم وتتفجر.

بالمقابل، يجب لهذه ان تكون الساعة الجميلة للطائفة المقصية والاكثر ولاء، عرب اسرائيل. هذه الطائفة ايضا تصرفت في البداية في ضوء الوباء بشكل معيب وفاشل. في ظل التجاهل الفظ للقواعد والاحتياجات، ولكن مع مرور الزمن صحت وغيرت الاتجاه. بعد اشهر كانت فيها معدلات الاصابة في الوسط العربي تشبه تلك لدى الحريديين، تعلموا الدرس وشبهوا معدلات الاصابة بالمتوسط القطري. هذا هو الزمن ليس فقط للاعتراف بالاصلاح الذي اجروه في موضوع الكورونا بل وايضا لتقدير مساهمتهم المبهرة في الحرب ضده. بخلاف الحريديين، الذين مساهمتهم قليلة للعرب نصيب هام في الجهاز الصحي. هذا ليس طابورا خامسا، هذا طابور اول او ثانٍ. بسبب مساهماتهم الاخرى للمجتمع وللاقتصاد التي يضيق المكان عن تفصيلها، على الاسرائيليين اليهود ان يتراجعوا عن موقفهم الناكر للجميل تجاههم.

في لحظة تلفزيونية نادرة ومثيرة استضاف هذا الاسبوع عراد نير في اخبار 12 طبيبي كورونا من مستشفى هعيمق في العفولة. اسماهما فقط شهدا على انتمائهما الوطني. د. نائل بشارات ود. ايهود باز تجادلا على شدة الوباء. لم يكن لاصطلاح المساواة بين اليهود والعرب ابدا تعبير اجمل من هذه اللحظة التلفزيونية الساحرة. فمن يدري لعلها تبشر ببداية التغيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى