ترجمات عبرية

هآرتس: الصهيونية الدينيـة: خدعــة نتنياهـو الكلاسيكية لتضليل المعسكر الليبرالي

هآرتس 19-12-2022م، بقلم: ايريس ليعال: الصهيونية الدينيـة: خدعــة نتنياهـو الكلاسيكية لتضليل المعسكر الليبرالي

في ليلة الأربعاء/الخميس، ذهبت للنوم وأنا متعبة ومريضة. تناولت حبة دواء وأملت أن أنام نوما سعيدا. ولكن بعد لحظة على نومي انفجرت صورة واضحة لوجه إيتمار بن غفير في رأسي وأيقظتني. نبض قلبي، لكن الأصوات المعروفة في الشارع والضوء الخافت في الصالون والتقارير والتحليلات عن المباراة بين فرنسا والمغرب التي نشرت في التلفاز أعادتني إلى النوم. ومرة أخرى انفصلت عنه بعد لحظة رعب.

نمت طوال الليل واستيقظت بذهول على صورة بن غفير. هذا ليس خيالاً بل هو ما حدث بحق. بأثر رجعي عرفت أن هذا كان هذيان الحرارة المرتفعة. ولكن ما الذي أوجده. مؤخرا أنا غارقة في قراءة مقال يتكون من 400 صفحة يتناول، ضمن أمور أخرى، الصورة التي صعدت فيها الفاشية وعمى الكثيرين، من بينهم أيضا مثقفون ومفكرون كبار من ذلك العهد. وكيف أنهم لم يشاهدوا علامات التحذير. هذا المقال، الذي هو جزء من رواية، كتبه الأديب كارل اوفا كناوسغورد. ربما بسبب ذلك ولأنه ليس مؤرخا بل أديب، فإن هذا هو الوصف الأكثر حيوية للإنكار الجماعي الذي قرأته.

يستخرج كناوسغورد التجربة العاطفية والدفاع النفسي من الوثائق التاريخية المقبولة، ويقدم للقارئ صورة كاملة ومتناقضة عن المجتمع في لحظة الانتقال من الديمقراطية إلى نظام آخر، الذي ما زال يفتقد إلى تعريف واضح. ولكن الأمر الذي يولد الانطباع الأقوى من قراءة المقال هو تحليل الطريقة التي يمهد فيها تغيير اللغة الأرضية للواقع الجديد. ليس عبثا تمت تسمية الحركات الشمولية «تنظيمات سرية أقيمت في وضح النهار». بدون اللغة وبدون بناء المصطلحات الحزبية وبدون اللجوء إلى العاطفة، وقبل أي شيء بدون تمويه النية الحقيقية، لا توجد دعاية، التي هي العنصر الحاسم في الانقلاب في الحكم.

أعضاء «الليكود» مثلا يقولون إنه تم انتخابهم ليحكموا، وليطبقوا مواقفهم، لكن عددا قليلا من الناخبين يدرك لمن بالضبط صوتوا. وأنه من وراء التعريف البريء «إصلاحات» تخفي رزمة حقوق خطيرة ستغير وجه الدولة. يجب علي التحفظ والقول، إنه لو أن عددا من أعضاء الحزب لا يعرفون حتى النهاية الهدف إلا أنني على ثقة بأنه يوجد بينهم أشخاص كهؤلاء. وإذا قالوا لهم إنه في إسرائيل سيحدث تغيير راديكالي على طريقة الحكم فإنهم لن يعرفوا عما يدور الحديث.

بولندا هي مثال غير سيئ. فالعملية التي حدثت هناك بعد صعود اليمين القومي المتطرف في 2015 تدل على أهمية اللغة. هي تمثل كيف أن «إصلاحا واسعا في جهاز القضاء» هو كنية عن «ربما تقفز الديمقراطية في وجهي». عمليا، اشك في أن نموذج بولندا قد حصل على دراسة عميقة من قبل نتنياهو. في بولندا اضطر 22 قاضيا إلى الاستقالة كجزء من الإصلاح. عندنا اقتراح ياريف لفين في إطار «إصلاح جهاز القضاء» خفض سن التقاعد لقضاة المحكمة العليا من 70 سنة إلى 67 سنة، سيؤدي إلى تقاعد 3 من القضاة الليبراليين على الفور واستبدالهم برجاله. ما قاموا بإصلاحه في بولندا وفي هنغاريا وما ينوون إصلاحه هنا هو في الحقيقة القيود والكوابح القائمة.

إذا عدت إلى اللاوعي في الليلة التي فيها ظهرت أمامي صورة بن غفير فسيظهر لي بأنه حاول إعطائي إشارات بأنه خلف صورته تختفي صورة لفين، وخلف صورة لفين تختفي صورة نتنياهو. وأن مجموعة الأشخاص الغريبين من «الصهيونية الدينية» هي سمكة الرنغا الحمراء الكلاسيكية لنتنياهو، التي سيقوم بالخداع من خلالها، خداع المعسكر الليبرالي، الذي موهبته الكبيرة هي الاحتجاج على أمور تافهة حقا. نتنياهو يعرفهم منذ فترة طويلة. في الوقت الذي سيحتفلون فيه بصورة تظاهرية بعيد الميلاد احتجاجا على الإكراه الديني سيعمل على المضي قدما في سن فقرة الاستقواء ببطء وبشكل معتدل، وسيسحب من تحت إقدامهم بساط الديمقراطية، التي تتآكل كل يوم، بأدوات قانونية.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى