ترجمات عبرية

هآرتس: الجيش الأكثر أخلاقية في العالم “يَتَحَيْوَن”!

هآرتس 22-3-2024، بقلم: عوزي بنزيمان: الجيش الأكثر أخلاقية في العالم “يَتَحَيْوَن”!

اورد التقرير الذي نشرته الـ «بي.بي.سي» في الاسبوع الماضي شهادات لاطباء وممرضين في مستشفى ناصر في خان يونس حول عمليات تنكيل لجنود الجيش الاسرائيلي. حسب وصفهم فان الجنود قاموا بضربهم بالعصي والمواسير واعقاب البنادق واللكمات. وقد تم نقلهم بالملابس الداخلية الى داخل اسرائيل من اجل التحقيق، وطوال الطريق قام الجنود باهانتهم وصب المياه الباردة عليهم. أحدهم، الدكتور احمد أبو صبحة، قال إن احد الجنود قام بضربه على يده الى أن كسرت، بعد ذلك تم اخذه الى المراحيض وهناك اطلقوا عليه الكلاب. عمليات التنكيل استمرت ايضا خلال فترة اعتقالهم الى أن تمت اعادتهم الى غزة.

في «وول ستريت جورنال» نشرت شهادات اخرى تفيد بأن الفلسطينيين المشبوهين الذين تم اخذهم من القطاع الى اسرائيل تعرضوا للتنكيل الجسدي والنفسي. وقد تم خلع ملابسهم واحتجازهم في العزل وضربهم اثناء التحقيق، وبين حين وآخر تم منعهم من النوم (13/3/2024). قبل ذلك نشرت «هآرتس» بأن 27 معتقلا غزيا ماتوا منذ بداية الحرب في منشآت عسكرية في اسرائيل، التي تم احتجازهم فيها («هآرتس»، 7/3). المعتقلون ماتوا وهم محتجزون في قاعدة سديه تيمان قرب بئر السبع وفي قاعدة عناتوت قرب القدس وفي منشآت اخرى في اسرائيل.

هذه ليست ظاهرة ظهرت مؤخرا فقط، وهي ليست مجموعة من الحالات الاستثنائية. بعد شهر على اندلاع الحرب نشر نير حسون وهاجر شيزاف «لقد بدأ الكثير من الجنود يوثقون انفسهم وهم يقومون بضرب واهانة الفلسطينيين المعتقلين، ونشر افلام فيديو في الشبكات الاجتماعية. الفلسطينيون تم توثيقهم في افلام وايديهم مقيدة ووجوههم مغطاة، وفي بعض الحالات تم توثيقهم وهم عراة أو يرتدون بشكل جزئي. في بعض الافلام كان الجنود يضربون الفلسطينيين ويشتمونهم. وفي افلام اخرى يجبرون المعتقلين على قول اشياء أو التصرف بشكل مهين» («هآرتس»، 8/11/2023).

موقع «محادثة محلية» نشر في 3/1 شهادات لاربعة معتقلين فلسطينيين اعتقلوا في غزة وتم اطلاق سراحهم بعد التحقيق معهم. وقد تحدثوا عن تواصل غير منقطع للاهانة والتعذيب وموت اصدقاء في منشآت الاعتقال العسكرية. «حسب الكثير من الشهادات»، كتب يوفال ابراهام في الموقع «الاساليب تشمل التقييد بالجدار لساعات والضرب في كل انحاء الجسم واطفاء السجائر على الظهر والرقبة والتكبيل وعصب العيون في معظم ساعات اليوم. وحسب الشهادات فان الجنود تبولوا على المعتقلين وقاموا بالاعتداء عليهم بالضربات الكهربائية واحرقوا جلودهم بالقداحات وبصقوا على وجوههم ومنعوهم من النوم والاكل والذهاب الى المرحاض حتى قضوا حاجتهم على انفسهم».

هذه اعراض حيونة في الجيش الاسرائيلي، وطالما أنها مستمرة فانها تتفشى وتصيب بالعدوى وحدات اخرى وجنودا آخرين. يبدو أن هذه نتيجة متوقعة يجب عدم التفاجؤ منها: الحرب هي وضع فيه يتحرر الحيوان الذي يوجد داخل الانسان ولا مناص من التسليم بمظاهر الحرب المروعة، خاصة في الظروف التي وجدت فيها اسرائيل نفسها في صباح 7 تشرين الاول. ما هو الضرب والتعذيب الذي يقوم به الجنود هنا وهناك للمعتقلين أو الاسرى الفلسطينيين امام المذبحة المنظمة والجهنمية التي نفذتها حماس وملحقاتها بدون تمييز ضد المئات من الاسرائيليين، الاطفال الرضع والنساء والشيوخ والمرضى؟

الجندي الذي يقوم بالتنكيل يحصل كما يبدو على الشرعية على سلوكه المرفوض من الفضاء الذي يعمل فيه: هو جزء من فرق كبيرة تزرع الدمار والموت الكبيرين في قطاع غزة. في نهاية المطاف تم استدعاؤه للدفاع عن الوطن من قبل نظام جامح شجع في السنة الماضية على التنكيل بالفلسطينيين وطمس الحدود بين المسموح والممنوع بالنسبة لهم.

ساحة الحرب التي وضع فيها مليئة بالعنف وتعرض حياته للخطر؛ هو في نهاية المطاف يحمل معه مشاهد واصوات الرعب التي احدثتها حماس في 7 تشرين الاول؛ أبناء عائلته واصدقاؤه سقطوا أو تم اختطافهم؛ هو مملوء بمشاعر الانتقام والدولة زودته بالسلاح والوسائل القتالية الاخرى كي ينفذ مهمته. في هذه الظروف فانه لا يوجد كما يبدو أي مكان لمحاسبته على سلوكه الشخصي امام العدو الذي وقع في يده.

لكن القانون والاخلاق والحكمة تقتضي التصرف بشكل مختلف، وتطبيق القانون على الجنود الذين يقومون بالتنكيل. اللقاء بين المقاتل الاسرائيلي والاسير الفلسطيني هو لحظة الحقيقة التي تطفو فيها شخصية وقيم الجندي (المحسوب على «الجيش الاكثر اخلاقية في العالم») امام من اعتبر عدوه (على الاغلب الشكاوى عن التعذيب تأتي من فلسطينيين ليسوا مقاتلين). المزيد من الجنود لا يجتازون اختبار المعايير المناسبة ويلحقون العار بالدولة والجيش. من ناحية التفاخر والتقدير لتفاني جميع جنود الجيش الاسرائيلي واستعدادهم للتضحية فانه لا يجب الاستمرار في تجاهل خطر فقدان صورة الانسان التي تكمن في ممارسة الانتهاكات الآخذة في التفشي في صفوفه.

المسؤول عن انتزاع الرؤية التي تبرر التنكيل من قلوب الجنود هو رئيس الاركان. هرتسي هليفي (بالمناسبة، أنا اعرفه منذ طفولته) دعا خلال الحرب عدة مرات الجنود للتصرف بشكل مناسب والحفاظ على «قيم الجيش الاسرائيلي» وطهارة السلاح.

للاسف الشديد، في الظروف الحالية فان المواعظ والاقوال الاخلاقية ليست الوسيلة الناجعة للتعامل مع مظاهر الحيونة. من اجل اجتثاث هذه الآفة مطلوب قبضة حديدية من القيادة العليا، يجب اعتقال الجنود الذين يمارسون التنكيل، والتحقيق معهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم بشكل صارم. يجب على كل الجيش الاسرائيلي الشعور بأن قادته غير مستعدين لاستيعاب التنكيل بالفلسطينيين، سواء في غزة أو في الضفة، لأن هذه الانتهاكات غير قانونية وغير اخلاقية وايضا تضر بمصالح الدولة.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى