ترجمات عبرية

هآرتس: اسرائيل لم تتوقع التغيير الاستراتيجي في ايران وعليها أن تراعيه في شدة ردها على الهجوم

هآرتس 17/4/2024، عاموس هرئيل: اسرائيل لم تتوقع التغيير الاستراتيجي في ايران وعليها أن تراعيه في شدة ردها على الهجوم

الهجوم الواسع بالصواريخ والمسيرات من قبل ايران على اسرائيل في يوم السبت يتوقع أن يؤدي في القريب الى رد اسرائيلي. القرار المبدئي في هذا الشأن تم اتخاذه واسرائيل اهتمت بتقييد نفسها بعدة تصريحات علنية لوزراء في الحكومة وقادة كبار في الجيش. النقاشات حول طبيعة الرد ما زالت جارية، لذلك فانه من غير المؤكد أن يأتي هذا الرد على الفور. في الادارة الامريكية يحرصون على توجيه وسائل الاعلام الامريكية وابلاغها بأن العملية الاسرائيلية ستكون محدودة ومركزة بهدف الامتناع عن حرب اقليمية. وحتى هذا يعتبر طريقة لتقييد مسبقا ورسم حدود المعركة.

لا يجب الاستخفاف بخطورة العملية الايرانية. فقد تم اطلاق على اسرائيل حوالي 350 نوع من السلاح على الاقل، استهدف أن يهبط فيها في فترة زمنية قصيرة والحاق أضرار كبيرة، حتى لو كان الهجوم وجه بالاساس الى قاعدتين لسلاح الجو في النقب، بعيدة نسبيا عن مراكز السكان المدنيين. حجم السلاح الذي اطلق على القواعد كان كبير جدا. ولو أن الهجوم نجح لكان ألحق اضرار كبيرة بطائرات اف 35 ومواقع عملياتية حساسة وقدرات حيوية لسلاح الجو. الاستعداد المسبق والتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة ودول غربية اخرى، اضافة الى اسلحة الجو في دول عربية معتدلة في المنطقة (حسب ما نشر في وسائل الاعلام الاجنبية)، أدى الى احباط شبه كامل لخطة ايران.

لا يقل عن ذلك اهمية فهم اعتبارات النظام في طهران، التي يمكن أن تؤثر ايضا على قوة العملية المحتملة التي ينوي تنفيذها الجيش الاسرائيلي. لا توجد طريقة للتملص من حقيقة أن الاستخبارات الاسرائيلية لم تقرأ مسبقا عملية ايران. يبدو أن الاعتقاد كان أن ايران ستستوعب عملية اغتيال الجنرال حسن مهداوي، القائد الكبير في الحرس الثوري، أو أنها ستكتفي برد محدود في الحد الادنى كما حدث في اعقاب عمليات مشابهة في السابق. ايران في هذه المرة اختارت خيار استراتيجي وهاجمت للمرة الاولى اسرائيل من اراضيها، مع قرار استخدام تسليح بارز. هذا يمكن أن يكون نتيجة اعتبار أو أكثر، الشعور بأن هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير، وملاحظة موقف ضعف اسرائيلي (هذا ايضا كان أحد اعتبارات حماس عندما نفذت المذبحة في الغلاف في اكتوبر)، أو تقدير مبالغ فيه للقوة الاقليمية لايران. ومهما كان الامر فان اسرائيل لم تدرك النقطة التي فيها تغيرت استراتيجية ايران، نحو الاسوأ من ناحيتنا.

عملية ايران الهجومية فشلت وهي ستحتاج بالتأكيد الى حساب شديد للمسار من قبل النظام، لكن هذا لا يعني أن القضية انتهت بذلك. فايران تقوم بتطوير صناعة السلاح والصواريخ منذ ثلاثة عقود تقريبا. والفكرة الاساسية التي تقول إن الايرانيين يعملون، حسب اقوال خبراء مخابرات غربيين، هي “جيدة بما فيه الكفاية”. ليس هناك أي حرص على تحقيق الكمال التكنولوجي، بل السعي الى انتاج وتشغيل كميات كبيرة، التي جزء صغير منها يكفي لتحقيق الاهداف العسكرية. في هذه المرة كان الفشل شامل.

حتى الآن يجب عدم استبعاد امكانية أن تستخلص ايران الدروس وأن تحاول مرة اخرى. بطاريات القبة الحديدية وصلت مع مرور الوقت الى قدرة ناجعة على الاحباط تبلغ 90 في المئة. حماس تتسبب بشكل عام بأضرار قليلة من اطلاق الصواريخ من القطاع ومع ذلك هي لم تتوقف عن المحاولة. من يؤيدون الرد الشديد على ايران يحذرون من امكانية أنه بدون تحديد خطوط حمراء بما فيه الكفاية فانه ستكون مرة أخرى، وبعد ذلك المزيد. 

من يتحفظون من عملية كبيرة يذكرون بسلم الاولويات الاصلي للحرب. فقد بدأت بتلقي ضربة قاسية من قبل حماس، والاهداف الاساسية، تدمير سلطة حماس وقدراتها العسكرية اضافة الى اعادة جميع المخطوفين، لم تتحقق حتى الآن. وهناك شك اذا كان سيكون بالامكان تحقيقها ضمن سير الامور الحالي. وتوجيه معظم الانشغال والاهتمام بالمواجهة مع ايران ستأتي على حساب علاج مشكلة غزة. وهي ايضا من شأنها أن تطيل الحرب في جميع الجبهات وأن تدمج فيها بشكل كامل حزب الله اذا قررت ايران توجيه قدرات حزب الله على اطلاق النار، نحو عمليات انتقام مستقبلية ضد اسرائيل.

طبيعة الرد الذي ستختاره اسرائيل في النهاية سيتأثر ايضا من الموقف الامريكي. رغم العلاقات المتوترة مع الادارة الامريكية إلا أنه من الواضح أن النجاح الكبير في صد الهجوم لم يكن ليتحقق بدون التنسيق الوثيق مع امريكا، وبالاساس مع كبار قادة المنطقة الوسطى في الجيش الامريكي (السنتكوم). ليون بنتا، وزير الدفاع السابق ورئيس الـ سي.آي.ايه في ادارة اوباما قال في يوم الاثنين الماضي لـ “سي.ان.ان” إن اسرائيل يجب عليها التذكر بأن “الانتقام هو طعام من الافضل تقديمه باردا”. وقد أوصى اسرائيل بشكل كرر اقوال الرئيس الامريكي، أنه من الافضل استغلال التحالف الاقليمي الذي عمل هنا على تحريك خطوات سياسية اخرى ضد ايران وفي الساحة الفلسطينية. 

جهات ايرانية رفيعة اشارت منذ منتهى السبت بأن بلادها أنهت الرد على عملية الاغتيال، ولكنها لن تتردد في الرد مرة اخرى اذا قامت اسرائيل بمهاجمتها كما تقوم بالتهديد. طهران خرجت من منطقة الراحة في الهجوم عندما اوقفت للمرة الاولى الاختباء وراء الوكلاء والمبعوثين في عملياتها ضد اسرائيل.

المرشد الاعلى علي خامنئي معروف كمن يدعو بشكل عام الى الصبر الاستراتيجي، والنضال الطويل والحذر مع السعي الى تحقيق الهدف. في التصريحات والافعال منذ عملية الاغتيال فان خامنئي العجوز انحرف عن مقاربته التي تبناها لفترة طويلة. ولكن في الفترة القريبة سيضطر الى الأخذ في الحسبان اعتبار آخر وهو أن ايران تستعد لعملية نقل السلطة، للمرة الثانية فقط منذ اقامة الجمهورية الاسلامية منذ 45 سنة. الدخول الى حرب اقليمية طويلة ومتعبة وغير متوقعة لا يعتبر وصفة مؤكدة لعملية توريث بدون اضطرابات، بالتأكيد في دولة فيها عدد كبير من السكان يكرهون السلطات.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى