ترجمات عبرية

هآرتس: استشهد شاب فلسطيني بالرصاص دون سبب وضرب الجنود صديقه

هآرتس 18-8-2023، بقلم جدعون ليفي وأليكس ليباك: استشهد شاب فلسطيني بالرصاص دون سبب وضرب الجنود صديقه

طالب ابن 19 سنة كان يقف في الشارع وهو يبكي. كان جسمه يرتجف وصوته مختنقاً إلى درجة أن قام أحد أقاربه باحتضانه. علامات الصدمة كانت ظاهرة عليه. وكيف يمكن أن يكون الأمر مختلفاً: في هذا المكان، في الشارع الضيق الذي ينزل من مركز قريته سبسطيا، فقد صديقه المقرب أمام عينيه. ما زالت بقع دماء صديقه على الشارع. في هذا المكان أصيب هو نفسه أيضاً، وبعد ذلك ضرب على يد الجنود الذين حسب قوله، نكلوا به لفترة طويلة. في هذا المكان فقد صديقه السيطرة على السيارة التي كانوا يسافرون فيها، بعد إطلاق النار على رأسه وجسمه، اصطدمت السيارة بالجدار. صور القتيل هناك الآن، وهو يرتدي ربطة عنق حمراء وعدد من أصص الأزهار التي ذبلت من حرارة الجو، وثمة علم فلسطين أيضاً.

في هذا الأسبوع، وقف الطالب محمد مخيمر في المكان، وتذكر ما فعله به جنود الجيش الإسرائيلي الذين قتلوا أعز أصدقائه أمام عينيه دون ذنب. وبعد ذلك، توجهوا للتنكيل به. يقول الجنود إن السائق حاول دهسهم. لكن إطلاق سراح مخيمر بعد تسعة أيام من قبل المحكمة العسكرية يشهد على دحض هذا الادعاء: لم تكن عملية ولا محاولة دهس. بل انفعال زائد لدى الجنود الشباب الذين أصابهم الملل وكانوا متعطشين لأعمال الإثارة بدرجة كبيرة من أجل إطلاق أكبر قدر من النار.

قبل شهر بالضبط نشرت قصة مشابهة هنا: شابان من يعبد سافرا إلى أرض العائلة في قرية طورة، وقامت قوة للجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على سيارتهما وأصابتهما إصابة بالغة. قال الجيش في حينه أيضاً بأنهما حاولا دهس الجنود، لكن منفذي “العملية” التي لم تكن، حتى لم يتم اعتقالهم (“منطقة الشفق”، “هآرتس”، 28/7). بعد شهر عشنا قصة رعب مشابهة.

محمد مخيمر وفوزي مخالفة كانا صديقين من الصغر، يعيشان كجيران في سبسطيا، تعودا على فعل كل شيء معاً. هكذا أيضاً كان في يوم الجمعة في 21 تموز. في المساء، طلب والد فوزي منه أن يذهب إلى مصنع أكياس النايلون الذي يمتلكه في القرية القريبة “قرية دير شرف”، لتشغيل الأفران قبل يوم العمل التالي. هو يفعل ذلك مساء كل سبت في نهاية يوم العطلة. اتصل فوزي مع صديقه واقترح عليه الذهاب معاً. سافرا في سيارة والد فوزي من نوع “سيات أتيكا”. محمد طالب في السنة الأولى في كلية المحاسبة، وفوزي كان طالباً في السنة الأولى في الإدارة، كانا يتعلمان في جامعة القدس المفتوحة في نابلس.

الرأس على الركبتين

ياسر عرفات يؤدي التحية في لافتة قديمة تشرف على ساحة عملية القتل. سافرت سيارة “السيات” في منحدر الشارع الضيق. ظهر الجنود فجأة من داخل الظلام. الساعة 23:50. قدر محمد أن نحو 15 جندياً كانوا يسيرون على الشارع الذي تعرج قليلاً في هذا المقطع. كان إطلاق النار كثيفاً. عشرات الرصاصات، حسب قوله، بدون أي تحذير. سقط رأس فوزي على ركبتيه، لكن محمد لم يفكر بأن صديقه قد مات. هو نفسه أصيب برصاصة في يده اليمنى وشظايا في جسده. عند رؤية صور سيارة السيات المثقوبة كلها، يصعب معرفة كيف نجا محمد.

صاح به الجنود وطلبوا منه النزول من السيارة. وقف على الشارع ويتذكر. صوبوا البنادق نحوه وبدأ يصرخ: لا تطلقوا النار. نزل من السيارة ودفعوه ورموه على الشارع. وضع أحد الجنود قدمه على عنقه. بعد ثلاث دقائق جروه ووضعوه بجانب جدار الاسمنت الموجود في طرف الشارع. سأله أحد الجنود باللغة العربية: ماذا حدث لكما؟ رد محمد بأنهما كانا في الطريق إلى دير شرف، وتفاجأ بإطلاق النار بدون سبب ولا تحذير. وقال أيضاً إنه ظهر له بأن الجندي الذي مال نحوه وهو يتحدث معه أرسل نظرة استغراب لزملائه وكأنه يقول لماذا أطلقتم النار. في هذه الأثناء، وصلت سيارة إسعاف فلسطينية إلى المكان، قامت بنقل فوزي. أراد محمد الاقتراب لرؤية صديقه – حتى الآن لم يكن يعرف أنه قتل – لكن الجنود منعوه وهددوه بإطلاق النار عليه مرة أخرى.

كبل الجنود يدي محمد من الخلف. وقال له الممرض الفلسطيني إن فوزي مات. انفجر محمد بكاء. هو يتذكر المرة الأخيرة التي شاهد فيها صديقه. رأسه على ركبتيه. أمره الجنود في هذه الأثناء بالنهوض واقتادوه معهم إلى مستوطنة “شفيه شومرون” التي تبعد كيلومتراً عن المكان. وقال إن أحد الجنود ضربه بعقب البندقية أثناء السفر، وسقط بسبب ذلك. عندما كان ملقى على الشارع، قام أحد الجنود بضربه على ظهره. نهض محمد، لكن الضرب بعقب البندقية لم يتوقف طوال الطريق إلى “شفيه شومرون”. كانت الدماء تسيل من ذراعه. قرب حاجز الدخول إلى المستوطنة أجلسوه على حجر وعصبوا عينيه بقطعة قماش.

عاد الجنود وضربوه وركلوه وهو معصوب العينين، كل بدوره. رفعه أحد الجنود وأسقطه أرضاً بضربة واحدة. في النهاية، وضعوه في سيارة عسكرية، التي واصلوا فيها ضربه. داسوا عليه. ضغط أحد الجنود على رقبته، وضغط آخر على ذراعه المصابة. أخذوه إلى القاعدة العسكرية في “شفيه شومرون”، وهناك قام ممرض عسكري بفحصه وتنظيف إصابته. أعطاه ممرض آخر حقنة، حسب قوله، بصورة عنيفة. بعد ساعة، جاءت سيارة إسعاف تابعة لنجمة داود الحمراء ونقلته إلى المستشفى، التي لا يعرف أين (من المرجح مستشفى مئير في كفار سابا). وهو في سيارة الإسعاف شعر بأنه يفقد الوعي.

بعد قضاء ليلة في المستشفى، أطلق سراحه وأخذ للتحقيق في مركز الشرطة في مستوطنة “أريئيل”. ضابط الشرطة اتصل مع والده وأبلغه عن وضع ابنه وسمح لمحمد أيضاً بالقول لوالده بأنه سيتم إحضاره لتمديد اعتقاله في المحكمة في “سالم” بعد يومين.

هنا أوقفنا… تذكر الأحداث على الشارع بسبب الحرارة المرتفعة وذهبنا إلى منزل عائلة فوزي القتيل: الوالدان الفاقدان، فائقة (42 سنة) تبكي طوال الوقت، وزوجها هاني صاحب المصنع، (48 سنة). قال هاني إنه سمع إطلاق النار في تلك الليلة، وعندها بدأ يتصل بهاتفين يحملهما ابنه، ولكن دون جدوى. صعد على سطح المنزل وشاهد سيارة وجنوداً حوله. حتى الآن، لم يكن يعرف أن ابنه هناك. اتصل بالجيران القريبين من مكان الحادثة وسألهم عن نوع السيارة التي تقف هناك. فأجابوه: سيارة “سيات”. أسرع إلى مستشفى رفيديا في نابلس، وهناك أبلغوه بالوفاة. الجدة نيسان أيضاً (75 سنة) تبكي وهي ترتدي الأسود.

بدون أي أدلة

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، قال للصحيفة في هذا الأسبوع: “أثناء نشاط لقوة من الجيش الإسرائيلي في قرية سبسطيا في 21 تموز، حدثت محاولة دهس للقوة التي ردت بإطلاق النار على المشبوهين الذين كانوا يسافرون في سيارة. خلال الحادثة، قتل سائق السيارة وأصيب معه متهم آخر كان برفقته وتم نقله لتلقي العلاج. ظروف الحادثة قيد الفحص. لا توجد أي شكوى عن عنف الجنود تجاه المشبوه. وإذا تم تقديمها فسيتم فحصها كالعادة”.

تم أخذ محمد إلى المحكمة في “سالم” يوم الأحد، وهناك أبلغه المحامي صالح أيوب بأنه تقرر إطلاق سراحه. ما الذي شعر به في تلك اللحظة؟ “كل ما أردته هو رؤية فوزي”. ولكن فوزي تحت التراب الآن. ذهب محمد فوراً إلى منزل والديه، وذهبوا معاً إلى قبره. باحث “بتسيلم” عبد الكريم سعدي، الذي شاهد فيلم زيارة القبر، قال إن محمد ظهر هناك في حالة نفسية صعبة، غير متماسك. ما تزال آثار الصدمة ظاهرة عليه أيضاً في هذا الأسبوع، كما قلنا. “هذه صداقة لا يمكن نسيانها. هذا حب قدسته الدماء”، كتب حاييم غوري في قصيدة “الصداقة”. محمد قال إن فوزي كان بمثابة أخ له من سن السادسة.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى