ترجمات عبرية

هآرتس: استثمار إنجازات “بزوغ الفجر” لضمان مستقبل إسرائيل

هآرتس 2022-08-16، بقلم: غادي شمني ونيتسان ألون ومتان فلنائي

يقتضي استنفاد الإنجازات المثيرة للعملية في قطاع غزة الاستمرار في سياسة أخذ المبادرة في قطاع غزة وساحات أخرى. عن طريقها يمكن إحداث التغيير، من واقع المواجهة المستمرة إلى الاستقرار وإلى تسويات في المستقبل؛ لأن مقاربة رد الفعل ستعيد المبادرة إلى يد “المتطرفين”. يهدد منحى الضم الزاحف في ظل غياب أكثرية يهودية ثابتة بين النهر والبحر الطابع اليهودي – الوطني للدولة، ويخلد المواجهة بين الشعبين. كل ذلك يعرض للخطر حلم الصهيونية. الآن إسرائيل أقوى من أي وقت أمام جميع التحديات. وبناء على ذلك، فإن هذا هو الوقت المناسب لفحص البدائل. عند دخول رئيس أركان آخر له تجربة إلى الساحة السياسية، نرغب في لفت الأنظار إلى أن الحلول العسكرية مهما كانت ناجحة إلا أنها ليست الحلول الوحيدة.

ظهرت في عملية “بزوغ الفجر” أفضليات اتخاذ المبادرة من جهتين. فعلى الصعيد العسكري العملياتي، فإن اتخاذ المبادرة أخرج العدو عن توازنه، من هنا لم يستيقظ طوال أيام القتال. ولا يقل عن ذلك أهمية الإنجاز على صعيد إبقاء “حماس” خارج جولة القتال، بفضل مبادرة مدنية، وهي التسهيلات التي منحها جهاز الأمن لسكان القطاع بمصادقة المستوى السياسي، وعلى رأسها إعطاء آلاف التصاريح للعمل في إسرائيل، حيث لا تستطيع “حماس” تجاهل رد السكان على احتمالية فقدان هذه التصاريح.

الآن، بعد انتهاء العملية السريعة والناجحة، من الجدير عدم التخلي عن أفضليات المبادرة، وبلورة سلسلة خطوات يمكن أن تغير الظروف في الساحة، ومنع سلسلة جولات قتال، وتقليص الاحتكاك بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفي المستقبل التوصل إلى إنهاء النزاع.

كخطوة أولى، وحتى قبل أن تبرد المحركات، يجب على إسرائيل محاولة تجنيد الدول المعتدلة في المنطقة، مصر والأردن، طليعتَي اتفاقات السلام والشريكتين الإستراتيجيتين في السياقات الأمنية من الجنوب والشرق، وإلى جانبها دول “اتفاقات إبراهيم” ودول أخرى، لعملية شاملة من أجل تغيير جذري في نوعية حياة مليونَي نسمة في غزة وتحسين الواقع في الضفة.

تزرع ظروف الحياة غير المحتملة في القطاع في كل صباح بذور الاضطرابات القادمة. تعاون إقليمي ودولي يشمل توزيع المسؤوليات والمهمات يمكن التوصل إليه فقط بمبادرة من حكومة إسرائيل. رغم التحديات الدولية، فإنه من المرجح أن هذه المبادرة ستحصل على دعم فعال من قبل الإدارة الأميركية. يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل معاً بلورة تحالف قوي، يضخ مساعدة ويساهم في تطوير مشاريع في مجال المياه والكهرباء والرفاه والصحة والتشغيل، الحيوية لسكان القطاع.

في الدمج بين تدخل تحالف إقليمي ودولي قوي، وتحسين حياة السكان في القطاع، بحيث يخافون من فقدان كل ما تم تحقيقه في أعقاب مغامرة أمنية لـ”حماس” أو “الجهاد” أو أي عامل آخر لـ”الإرهاب”، تكمن احتمالية كبح التنظيمات “الإرهابية”. وإذا تبين – لا سمح الله – أن هذا غير كاف، فإن مجرد القيام بهذه الخطوة، وتجسيد مصداقية إسرائيل في الرغبة في التوصل إلى تحسين الوضع في القطاع، سيضمن لها دعماً إقليمياً ودولياً واسعاً إذا اضطرت مرة أخرى إلى استخدام القوة.

يشكل عدم الاستقرار في أرجاء “يهودا” و”السامرة” تذكاراً لضعف السلطة الفلسطينية وهشاشة التنسيق الأمني معها، هذا التنسيق الذي حظي بالثناء من جهاز الأمن على إسهامه في مكافحة “الإرهاب” وإنقاذ حياة الإسرائيليين. في الحقيقة ساهم سلوك السلطة بشكل كبير في وضعها البائس. ولكن إسرائيل أيضاً بسياستها في العقد الأخير، وحتى قبل ذلك، تتحمل جزءاً غير قليل من المسؤولية عن ضعف قدرة السلطة على السيطرة، وفقدان سيطرتها على مناطق واسعة.

تغيير هذا الاتجاه مصلحة أمنية وسياسية بارزة بالنسبة لإسرائيل. من هنا تأتي أهمية التجند وتسخير التحالف الإقليمي – الدولي لمبادرة إعادة ترميم وتعزيز السلطة. يحتاج هذا الجهد إلى الابتعاد عن شعارات مثل “تقليص النزاع”، وتضمين خطوات اقتصادية مدنية وسياسية، وبالطبع إلى جانب استمرار النشاطات الأمنية المطلوبة، ولكن من خلال ملاءمتها مع مهمة تعزيز السلطة.

مع ذلك، يجب عدم الغرق في الأوهام. فحتى مبادرة كبح التنظيمات “الإرهابية”، وتحسين حياة السكان المدنيين في القطاع، والنجاح في جهود تعزيز السلطة، لن تعفي من مواجهة الانزلاق إلى واقع الدولة الواحدة ثنائية القومية، وبعد ذلك ذات الطابع العربي، بين النهر والبحر. لم يعد هذا نبوءة غضب. المعادلة بسيطة: إذا لم نقم بمبادرة، وإذا سلمنا بمواجهة دائمة ومرصوفة بجولات قتال متواصلة، فنحن نضمن أن المجموعتين السكانيتين اللتين كل واحدة منها تضم الملايين، ستتواصلان فيما بينهما فقط عن طريق السلاح. هذا ليس المستقبل الذي وعدنا به أنفسنا والأجيال القادمة. لبننة إسرائيل ليست تجسيداً لحلم الصهيونية.

الانفصال عن الفلسطينيين هو الاحتمالية الوحيدة لضمان مستقبل إسرائيل دولة قوية مع طابع يهودي وطني وديمقراطي لأجيال. يجب علينا العيش إلى جانب الفلسطينيين وليس معهم، في حين تكون بيننا حدود واضحة. قوتنا في مبادرتنا: يجب على إسرائيل القيام بمبادرة للانفصال عن الفلسطينيين مع استمرار السيطرة الأمنية كما هي الآن، إلى أن يأتي الاتفاق. شعار “إدارة النزاع” شعار وهمي، فهو يقودنا إلى واقع مواجهة دون أي هدف.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى