ترجمات عبرية

هآرتس: أسلحة إسرائيلية استخدمت في ميانمار

هآرتس 7-10-2022م، بقلم: ديفيد ستبارو

بدأ اقتحام مون تيانغ فين في الساعة السادسة صباحاً. دخل نحو 150 جندياً القرية من الغرب وهم يطلقون النار في كل الاتجاهات. هرب الكثير من السكان، ووجد آخرون ملجأ في الدير المحلي. ما حدث بعد ذلك وصفه شهود عيان ورووا قصتهم في “راديو آسيا الحرة”. دخل الجنود الدير ووجدوا من دخلوا اليه، وقاموا بإجلاسهم في صفوف، الرجال منفصلين عن النساء. أخذوا النساء الى احدى الغرف وتم حبسهن. أما الرجال فتم تكبيلهم والاستيلاء على أغراضهم الثمينة. بعد ذلك تم خلع ملابسهم والتحقيق معهم وطعنهم بالسكاكين وضربهم. قاموا بحبسهم بدون طعام أو ماء وعدم امكانية ذهابهم الى المراحيض.

في فجر اليوم التالي أُجبر عشرة اشخاص منهم على سحب ممتلكات تم نهبها الى ضفة النهر. وعندما أنهوا العمل قاموا بإعدامهم بالمناجل. أما جثثهم فتم إحراقها. وبعد الظهيرة تم أخذ معظم الرجال الباقين الى القرية وايديهم مكبلة ووجوههم مغطاة. وتم إعدامهم بالرصاص وبالمناجل، وتم سحب جثثهم الى داخل البيوت. كان بينهم من تم تقطيعهم إلى ثلاثة – أربعة اجزاء قبل إحراق البيوت. بعد ذلك غادر الجنود. وبعد بضع ساعات وجد القلائل الذين بقوا في الدير على قيد الحياة الى القرية برك دماء خارج انقاض البيوت، ونهشت الكلاب الضالة بعض الجثث.

القرية التي حدثت فيها المذبحة في ايار الماضي توجد في اقليم سغاينغ في شمال مينمار، وهي منطقة متماهية مع معارضي الزمرة العسكرية التي أقصت الحكومة شبه المدنية لاونغ سين سو تشي في شباط 2021 وسيطرت على الدولة. توجد شهادات بأنه حدثت في هذه المنطقة مؤخرا أعمال قتل وإحراق لقرى أخرى.

هذه فترة عاصفة في ميانمار؛ لأن قوات كثيرة تحارب بعضها مع المس بالمدنيين. الصراع في راكين في غرب الدولة استمر ايضا بعد أن تدهور الوضع الى ابادة شعب لأبناء أقلية الروهينغا. المتظاهرون ضد النظام يتم قتلهم في مدن كبرى، وفي الوقت ذاته هناك مواجهات مع منظمات أقليات عرقية. عن الكثير من الأحداث لا نعرف أي شيء بسبب القيود على حرية الصحافة.

السبب الذي من أجله وصلت المذبحة في مون تيانغ مين الى وسائل الإعلام هو سبب مهم واستثنائي: أحد الجنود، الذي شارك فيها ونسي أو فقد هاتفه المحمول. تم العثور على هذا الهاتف وتم إرسال محتواه الى (اف.آر.إي)، وهي هيئة الإعلام الموجودة في واشنطن والتي تمول من جهات أميركية. الصور والأفلام التي عثر عليها في الهاتف هي دليل دامغ. هناك صورة لشباب وهم يقفون مكبلين في صفوف خارج الدير. في صورة اخرى منذ وقت ابعد، ظهرت جثث خمسة من هؤلاء الشباب، حيث يقف فوقهم ثلاثة جنود، احدهم كان يدخن والثاني ينظر الى الجثث ويحمل بندقية والثالث يصور الجثث بالهاتف المحمول. صور أخرى أظهرت فتى وهو يجلس على ركبتيه مكبل اليدين ويتم تعذيبه بالطعن بالسكين. هناك ايضا فيلم لصاحب الهاتف مع اثنين من أصدقائه يظهرون فيه وهم يتفاخرون بالإعدام الذي نفذوه. الوجوه مكشوفة وإشارات الوحدات العسكرية وأرقامها ظاهرة.

هذه شهادات صادمة لكل انسان. ولكن هناك جانب آخر لها يمكن أن يكون مقلقاً بشكل خاص بالنسبة للقراء في إسرائيل. من المعروف أنه في السابق أجرت إسرائيل علاقات متشعبة مع النظام في ميانمار، وتم استخدام أسلحة وأنظمة سايبر وسيارات ومروحيات من انتاج إسرائيل ويستخدمها الجيش في الدولة. لا يدور الحديث عن علاقات تاريخية، بل عن صفقات منذ منتصف العقد السابق، حيث كانت ايدي جيش ميانمار ملطخة عميقاً بدماء أبناء الروهينغا.

حسب معرفتنا، التصدير الأمني الإسرائيلي لميانمار تم وقفه قبل خمس سنوات تقريبا. ولكن هل يمكن أن يكون السلاح الإسرائيلي ما زال يستخدم من قبل جيش ميانمار؟ هل يمكن أن تكون الفظائع التي حدثت في قرية مون تيانغ فين ايضا لها صلة بإسرائيل؟. بصفتي صحافيا يكتب عن ابادة شعب وعن التطهير العرقي وعن خرق حقوق الإنسان فقد طلبت من “اف.آر.إي” الصور والأفلام الاصلية، وعندما حصلت عليها سررت؛ لأنني اكتشفت أنه لا توجد فيها أي دلائل عن سلاح ومعدات إسرائيلية. أي سبب لتنفس الصعداء.

لكن فقط كما يبدو. فإسرائيل هي احد مصدري السلاح الكبار في العالم. ورغم ذلك هي لم تصادق على الميثاق الدولي للرقابة على تجارة السلاح “إي.تي.تي” كما فعلت معظم الدول الغربية الديمقراطية. امتنعت إسرائيل ايضا عن وضع أنظمة للرقابة على نشاطات الوسطاء، بالأساس شخصيات رفيعة سابقة في جهاز الأمن، في صفقات امنية وبيع السلاح.

إضافة الى ذلك، قبل بضعة أسابيع نشر قسم الرقابة على التصدير الأمني في وزارة الدفاع مشروعا لانظمة جديدة تخفف من تسويق معدات غير سرية. قائمة المعدات غير السرية التي يمكن تسويقها بدون تصريح تم توسيعها، وايضا قائمة الدول التي يسمح بالتصدير اليها. كل ذلك في حين أنه محظور على الجمهور معرفة ما هي هذه المعدات بالضبط، والى أي دول مسموح تصديرها. من المعروف مع ذلك أن الجرائم والفظائع التي يمكن أن تحدث لا تشكل أي اعتبار في تحديد قائمة الدول، والحكومة يمكنها بالطبع أن تتجاوزها عن طريق اتفاقات سياسية سرية.

صحيح أنه في مون تيانغ فين لم يتم العثور على دلائل لسلاح إسرائيلي، لكن بنظرة اوسع ليس لمواطني إسرائيل أي طريقة لمعرفة اذا كانت دولتهم أو الشركات التي تعمل فيها لا تشارك في التسويق والبيع والوساطة في صفقات مع دول تقوم بذبح مواطنيها مثلما في ميانمار، دول يحدث فيها تطهير عرقي مثل أثيوبيا وجنوب السودان، أو دول ديكتاتورية تقوم باحتجاز أقليات عرقية في معسكرات تجميع وتهاجم جيرانها مثل روسيا والصين.

الشفافية وإضافة البعد الأخلاقي للاعتبارات في هذا المجال لن تضر بأمن إسرائيل، وهذه ليست مسألة حزبية. رابطة “ينشوف”، التي تقوم بعمل مهم في هذا الموضوع، توجهت مؤخرا الى جميع الأحزاب من اجل الحصول على مواقفها الرسمية. فقط حزب واحد هو “ميرتس” كلف نفسه بعناء الإجابة. مع ذلك، حتى لو وجد من سيخسر ماديا من تنظيم متشدد في هذا المجال، فان كل المجتمع الإسرائيلي سيربح من ذلك. لأن هذا سيلغي إسهام إسرائيل في الفظائع الكبيرة في عصرنا، وأن اسمها سيتم تصديره الى الدول الأخرى كدولة رائدة في وسائل الري بالتنقيط ودواء الكوباكسون، وليس دولة “أسياد الحرب”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى