ترجمات عبرية

معاريف: تخصيب اليورانيوم في السعودية سوف يجلب لنا كابوساً

معاريف 29-9-2023، بقلم ألون بن ديفيد: تخصيب اليورانيوم في السعودية سوف يجلب لنا كابوساً

بدأت تسقط الحواجز بيننا وبين السعودية بسرعة مفاجئة: زيارة علنية لوزير السياحة إلى المملكة، ووزير الاتصالات يطلب بناء عريشة له قبيل زيارته في الأسبوع القادم (على أمل ألا تطير سقيفته فيبعث بالسعوديين أيضاً إلى الجحيم). وإحساس عام بأن السلام مقبل. السلام مع السعودية سيشكل اختراقاً دراماتيكياً للعالم العربي، لكن الذي لا يقل دراماتيكية عنه هو الخطر الكامن في الاتفاق: طلب السعودية لبرنامج نووي.

في كل صفقة وفي كل اتفاق عناصر ثمن ومساومة، أما هذه المرة فمطلوب من إسرائيل أن تتخلى عن مبدأ أساس في مفهومها الأمني: منذ عشرات السنين وإسرائيل تعمل على إحباط إقامة أي برنامج نووي في المنطقة، بحيث تبقى الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تنسب لها قدرة نووية. أما المطلب السعودي لقدرة تخصيب اليورانيوم فيهدد بأن يأخذ من إسرائيل مكانتها المميزة في المنطقة ويحرك سباق تسلح نووي.

“اتفاق نووي مع السعودية سيكون إنجازاً غير عادي لإسرائيل، لكن السؤال: بأي ثمن؟”، يقول لي اللواء احتياط أودي آدام، المدير العام السابق لدار البحوث النووية في ديمونا. “إعطاء السعودية قدرة إنتاج مادة مشعة، سيجعلها دولة نووية، وهذا ثمن جسيم أكثر مما ينبغي. قدرة تخصيب اليورانيوم هي قدرة في مسافة قرار يمكن جعلها برنامجاً نووياً عسكرياً”.

والسعودية لا تخفي أنها معنية بوضع أساسات في برنامج نووي عسكري يسمح لها بإنتاج سلاح نووي في اليوم الذي تكون فيه لإيران قنبلة أولى. باقي دول المنطقة ستتنبه لإعطاء قدرة كهذه للسعوديين. بعد لحظة من السعودية، سيبدأ الأتراك والمصريون والإماراتيون بتطوير برنامج نووي خاص بهم، وسنقف أمام تحقق كابوس شرق أوسط نووي.

في الأسرة الأمنية – الاستخبارية إجماع لا يمكن لإسرائيل بموجبه أن تتعايش إلى جانب سعودية كدولة حافة نووية خصوصاً أمام سباق تسلح إقليمي. فما بالك أن إعطاء شرعية لتخصيب اليورانيوم للسعودية سيسحب البساط من تحت كل حجة إسرائيلية ضد إيران. فإذا كان مسموحاً للسعوديين تخصيب اليورانيوم، فلماذا يحظر على الإيرانيين؟

السؤال المفتوح هو: هل سيكون ممكناً خلق ضمانات أو نظام رقابة على السعوديين يمنعهم من تطوير برنامج عسكري، والأجوبة عليه منقسمة. “إنك ترى في إيران ما يساوي نظام رقابة”، يدعي أودي آدام. “في الدول الشمولية، يكون كل شيء متعلقا بنية الحاكم الطيبة في النهاية”. مقابله، ثمة من يعتقدون أنه سيكون ممكناً تطوير آلية يحوز فيها الأمريكيون مفتاحاً لتخصيب اليورانيوم، ومن دونهم لا يمكن أن ينفذ.

الرب والشيطان اجتمعا في التفاصيل الصغيرة لهذا الاتفاق. من عليهم المرور على التفاصيل وإقرار إذا كانوا سيسوغون صفقة كهذه هم أولاً وقبل كل شيء رجال لجنة الطاقة الذرية في إسرائيل، يليهم الخبراء الفنيون في “الموساد” و”أمان”. نافذة الزمن القصيرة للوصول إلى اتفاق قبل أن تغرق الولايات المتحدة في حملة انتخابات الرئاسة – نحو نصف سنة – ستزيد ضغط القيادة السياسية على المهنيين لإعطاء مباركتهم للصفقة.

“ما أفهمه، يفهمه أيضاً أناس لجنة الطاقة الذرية. وهم أيضاً يعارضون قدرة نووية للسعودية”، يقول آدام. “آمل أن تكون لهم القدرة على ألا ينثنوا وأن يقفوا عند رأيهم المهني في وجه نزوات القيادة السياسية. وسيكون صعباً على رئيس الوزراء تمرير الاتفاق حيال معارضة الجهات المختصة”.

في هذه اللحظة، طاقم اللجنة والموساد هم الوحيدين المطلعون على تفاصيل الاتفاق، بينما الجيش ووزارة الدفاع في حالة إقصاء حالياً عن التوافقات المتبلورة. توصيتهم حرجة؛ إذ إنه إذا ما تحطم السد وأغرقت المواد النووية الشرق الأوسط فلن يكون ممكناً إعادة الوضع على سابق عهده، ودليل ذلك قضية الغواصات التي بيعت لمصر، أو الـ اف 35 للإمارات، وسيكون صعباً على نتنياهو هذه المرة أن يتجاهل توصية الجهات المختصة، وهو سيدفعهم ليمنحوه ختم الحلال.

إن حماسة الشركاء الثلاثة للوصول إلى اتفاق في الأشهر القريبة القادمة واضحة؛ ولي العهد محمد بن سلمان في وضعية مريحة للغاية، فهو معني بالصفقة كما هي، دون دوافع إضافية، وهو في هذه الصفقة يحصل على ما يريد. ويدرك أيضاً الإدارة التالية بعد بايدن لن تمنحه صفقة أحلام كهذه.

الرئيس الأمريكي متحمس لخفض أسعار الوقود قبل الانتخابات. بينما رئيس وزراء إسرائيل، الطرف الأكثر هامشية في الاتفاق، سيحظى باختراق تاريخي إلى العالم العربي – الإسلامي وإلى جانبه أيضاً ربح سياسي لا بأس به. لكن إضافة إلى الموضوع النووي، سيتعين على نتنياهو أن يدفع الثمن بعملات صعبة أخرى: تنازلات للفلسطينيين، وتآكل للتفوق النوعي التقليدي للجيش الإسرائيلي في المنطقة.

العائق الأكبر للاتفاق يكمن في تلة مجلس النواب الأمريكي. من الصعب رؤية كيف سينجح الرئيس بايدن في جلب ثلثي الكونغرس لتأييد صفقة تغدق النووي والسلاح المتطور على دولة لا تزال الرؤوس والأعضاء فيها تقطع في ميادين مدنها. ليس مؤكداً أن يكون نتنياهو اليوم قادراً على تجنيد أصوات الجمهوريين اللازمين لتبرير الاتفاق. وعليه، فمن السابق لأوانه كي البدلات والجلابيات للاحتفال في ساحة البيت الأبيض. العوائق الكامنة في الطريق عالية ومركبة، وقلة فقط في أسرة الاستخبارات مستعدون للمراهنة على أنها صفقة ستتحقق بالفعل. بشرى إسرائيل في الاتفاق مع السعودية هائلة – سياسياً واقتصادياً وتاريخياً أيضاً، لكن الثمن اللازم لها باهظ أيضاً، وبرأي الكثيرين، باهظ أكثر مما ينبغي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى