ترجمات عبرية

معاريف – بقلم  جاكي خوجي – بازار فارسي

معاريف – بقلم  جاكي خوجي – 17/12/2021

” اعمال تجارية امنية مع الصين، علاقات مع اسرائيل، تقارب لايران، مداعبة لاردوغان: محمد بن زايد يعلم زعماء المنطقة درسا في الدبلوماسية. وهذا الاسبوع اصدر للامريكيين بطاقة صفراء “.

بازار فارسي. لا يوجد تعبير مناسب اكثر لوصف المناورة التي قامت بها دولة اتحاد الامارات للامريكيين في الايام الاخيرة. فالطرفان لا يزالان يتداولان على الصفقة الكبرى التي رافقت اتفاقات ابراهيم، والتي تفضل فيها البيت الابيض بان يبيع لمحمد بن زايد سربين من الطائرات القتالية من طراز اف 35، من الاكثر تقدما في العالم. الصفقة لم توقع بعد، وليس هذا فقط، بل اصطدمت بالمصاعب. 

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” هذا الاسبوع الدراما من خلف الكواليس وما يختبيء بين سطورها ايضا. يتبين ان الامريكيين يطلبون من اصدقائهم في ابوظبي ضمانات على الا تكون التكنولوجيا المتطورة للطائرة مكشوفة او تتسرب الى الصينيين. وقد سبق للاماراتيين ان وافقوا على عدم بيع الطائرة او كل علم تنطوي عليه الى دولة ثالثة. لكن الامريكيين ليسوا هادئين. فهوا يعربون عن التخوف من تجسس صيني على اسراب الطائرات. قد يكون هذا تخوف حقيقي وقد يكون كلمة السر التي تعبر عن عدم الثقة من جانبهم بالتعهدات الاماراتية لعدم كشف الطائرة على الاخرين. مهما يكن من أمر، واشنطن ليس مطمئنة. 

يدور الحديث عن صفقة رزمة ثلاثية. الامريكيون يبيعون الاماراتيين 50 طائرة قتالية من الافضل في العالم مقابل 10 مليار دولار. وتضاف اليها 13 طائرة هجومية غير مأهولة بمبلغ 3 مليار دولار، ومنظومات اخرى ووسائل قتالية مختلفة بـ 10 مليار اضافية. بالاجمال 23 مليار دولار. لا مجال للقلق على صناعة السلاح الامريكي، لا على شركة “لوكهايد مارتن” التي تنتج الطائرات ولا الشركات الاخيرى التي ساهمت بالاجهزة المختلفة. وكما هو وارد في هذا الجانب من الكرة الارضية، فانه عندما احد ما لا يعجبه شيئا فانه يعربد بغضب وفي النهاية يلقى ما يطلبه. هكذا هذه المرة ايضا: ابوظبي ضربت الطاولة وابوظبي ستتلقى ما تشاء.

اول امس، فور التسريب، وصل وفد امني رفيع المستوى من ابوظبي الى واشنطن للبحث في تفاصيل الصفقة. من لا يريد ان يشتري طائرة، لا يرسل مندوبيه لشرائها. يبقى في البيت. التسريب نشر عن قصد عشية هبوطهم هناك لاجل اجبار الامريكيين على اعادة احتساب المسار. مرن اكثر. 

نادر ان يقع مثل هذا الانفجار، ونادر اكثر ان يكون احد الطرفين او كلاهما يريدان رواية ما حدث للرفاق. مشوق على نحو خاص قراءة اقوال موظف اماراتي كبير اقتبسته الصحيفة وهو يشرح ما الذي دفع مرسليه للاعلان عن الانسحاب. “مطالب فنية، قيود عملياتية سيادية واعادة تقدير للكلفة مقابل المنفعة”، هكذا علل بيانهم لالغاء الصفقة. الكلفة مقابل المنفعة؟ ماذا حصل؟ فجأة هذه الرزمة، التي كانت تطلعهم، التي طلبوها منذ سنين ولم يحصلوا عليها، تحولت لتكون غير مجدية؟ هذه الجملة استهدفت بث تلميح واضح بانه في الايام التي تتفاقم فيها علاقات ابوظبي مع طهران، يحتمل أن تكون الطائرة القتالية الافضل في العالم هي بضاعة لا داعٍ لشرائها.

هذا اللذع استهدف الضغط على الامريكيين، ولكن مشكوك أن يكون فيه قدر من الصدق. محمد بن زايد لن يتنازل عن دمية محبوبة بهذا القدر مثل اف 35، والتي تمنحه بطاقة دخول الى النادي الاعتباري قبل لحظة من سكوته في يديه. في هذه الاثناء يستخدم الايرانيين كورقة للضغط على الامريكيين وربما ليس فقط عليهم. 

اسرائيل ليست ابنة مفضلة

ولكن القصة ليست ايران. هي بالتأكيد ليست اسرائيل، التي حرك اتفاق السلام معها الرئيس ترامب  لان يوافق على بيع الطائرة الاكثر تقدما للاماراتيين. ما يقلق الامريكيين هو التسلل الصيني الى كل مكان. هذا هو احد الاسباب الاساس التي جعلت براك اوباما يرفض بيع الطائرة الاعتبارية لـ ابن زايد رغم أن هذا ناشده طويلا. 

بعد وقت قصير من دخول بايدن الى البيت الابيض كشف له رجال استخباراته بان الصينيين يقيمون منشأة عسكرية قرب ابوظبي. وابقي هذا المشروع بالسر، وما أن انكشف حتى ناشد الامريكيون اصدقاءهم بوقف انشائها. واشنطن ترى في اتحاد الامارات صديقا بل وشريك استراتيجي هام في الشرق الاوسط. لكن يبدو أن هناك، في عمق الصحراء يرون هذا بشكل مختلفا قليلا. بالنسبة لهم، الامريكيون هم بالفعل اصدقاء – ولكنهم ليسوا الوحيدين. في واشنطن يخشون، وعن حق، من أنه اذا لعب الصينيون في الملعب الاماراتي فانهم سينجحون في ان يضعوا ايديهم، باذن ام بدهاء على معلومات حساسة وتكنولوجيات متطورة  يعود اصلها الى الولايات المتحدة. 

القلق الامريكي ليس عديم الاساس. فالامارات تتسكع بالفعل مع حكومة الصين. في السنوات الاخيرة، في سلسلة من الاتصالات التي اخذت بالنضج، منح الاماراتيون كبرى شركات الاتصال الصينية “هاواوي” حقوقا لتركيبة شبكة الخلوي من الجيل الخامس في الامارات.  فالسيطرة على شبكات هواتف دولة غاية هي الحلم الرطب لكل جهاز استخبارات. فهي تسمح لاصحابها ليس فقط الاستماع الى  المكالمات بل والتسلل الى مراكز الخدمة، التقاط المضامين من كل نوع كان، زرع المعلومات وعند الحاجة ايضا زرع التشويشات.

ان بيع الـ اف 35، وان كانت صفقة كبرى، هو ساحة واحدة اخرى من الصراع بين الصين والولايات المتحدة. لقد درج على القول عن اتحاد الامارات انها توجد تحت التهديد، ولهذا فانها تتسلح بافضل الوسائل القتالية. اما عمليا فان ابن زايد يخلط الجميع معا. الايرانيون، الذين فتح معهم حوارا مباشرا في الاشهر الاخيرة. الامريكيون، الذين يعتبرون القوة العظمى الاقرب اليه من الجميع. الصينيون، الذين يتبين انهم اصبحوا  لتوهم ضيوف شرف في مملكته. الاسرائيليين، الذين توجد له معهم علاقات سلام قريبة،  ومؤخرا ايضا الاتراك، الذين مع زعيمهم، اردوغان حطم الجليد بعد سنوات من العداء. 

لا مجال للعجب منه ومن الشكل الذي يخلط فيه اوراقها. ثمة مجال للعجب بمن يعجب.  هكذا يرمم البيت وتعزز اساساته. اذا منح فضلا لقوة عظمى واحدة، سيثير عليه شهية او ضغينة اخرى. عندما  يقرب اليه الجميع، يتحكم بحرارة العلاقات، فبوسعه ان يتمتع بكل العوالم. يتاجر مع جيرانه الايرانيين،  يشتري السلاح من الامريكيين، يبتسم للاسرائيليين ويتقرب من الاتراك. بهذه الطريقة يقرب الاحتمال في ان ينوي اي منهم  الشر له. اسرائيل لن تحظى ابدا هناك بالافضلية على الاخرين، مثلما لم تحظى اي  قوة عظمى اخرى على فضل هام على غيرها. نحن سنكون، في افضل الاحوال صديقا متساويا بين متساوين. 

في فهم حكومات الخليج، نحن، الاسرائيليين، مثل الامريكيين، مثل الصينيين،  لسنا اصدقاء روحهم. هم سيبتسمون الينا بكياسة وباحترام. سيستقبلوننا ببشاشة بل وسيتباهون بالعلاقات معنا ولكننا دوما سنبقى بالنسبة لهم مادة بناء لتعزيز عواميد البيت.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى