ترجمات عبرية

معاريف: انفجرت الروح المناهضة للحكومة في مؤتمر هرتسليا الثالث والعشرين

معاريف 29-5-2023، بقلم يوسي احيمئير: انفجرت الروح المناهضة للحكومة في مؤتمر هرتسليا الثالث والعشرين

 حرم جامعة رايخمن في قلب هرتسيليا هو من أجمل الأماكن في إسرائيل. أذكره منذ بداية طريقه كمركز متعدد المجالات، كلية سارت بعظمة منذ بدايتها. إلى جانب مبان من طابق واحد محفوظة وأسطح من القرميد، نباتات غنية ومخلفات أثرية، ظهرت مبان جديدة، مع عتاد متطور وقاعات محاضرات واسعة. يافطة صغيرة تكاد تكون مخفية عن العين، تفصح عن قاعدة مركزية لقوات مضادات الطائرات في جيش الدفاع الإسرائيلي منذ بداية الدولة حتى 1994. تحولت المنطقة من نطاق عسكري إلى نطاق أكاديمي فاخر، ومنذ سنوات الألفين يستضيف المركز واليوم الجامعة مؤتمر هرتسيليا شائع الصيت والسمعة. سياسيون من البلاد والعالم، سياسيون محليون، باحثون، إعلاميون، يجتمعون في يومين متواصلين مليئين من المناقشات لإطلاق صوتهم ونتائج بحوثهم وآرائهم. هذه منصة عظيمة الصدى تستغل لإطلاق آراء حديثة، ونوايا سياسية، وتلميحات لمخططات مستقبلية.

قيل إن مؤتمر هرتسيليا يسرق العرض من كنيست إسرائيل. كما هو معروف، عندما يلقى خطاب مهم ودراماتيكي في الكنيست، تكون المقاطعات كثيرة. لكن الأمر في هرتسيليا مختلف؛ فالخطيب يلقي القنبلة، ينصرف ثم ينشأ جدار جماهيري شديد. الحالة الأشهر كانت في كانون الأول 2003. رئيس الوزراء أرئيل شارون ألقى “خطاب هرتسيليا” عن فك الارتباط، وقال إنه لن ينتظر إلى أن يبذل الفلسطينيون جهداً لحل النزاع، وسيبادر إلى خطوة من طرف واحد – إخلاء مستوطنات، قال ونفذ. مرت سنتان، واقتُلعت مستوطنة “غوش قطيف” مع 8 آلاف من سكانها من مكانهم.

في الأسبوع الماضي، انعقد في الحرم الجامعي رايخمن مؤتمر هرتسيليا الـ 23، تحت عنوان “رؤيا واستراتيجية في عصر انعدام اليقين”. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يشارك. كما كان متوقعاً، خرج من المؤتمر بضعة عناوين شائقة بلغ عنها باستطراد في وسائل الإعلام. ومع أن بعضاً من وزراء الحكومة ألقوا كلمات في المؤتمر أو أجريت معهم لقاءات صحافية، شعر المرء بروح مناهضة للحكومة إن لم نقل المتحيزة، التي هبت من بعض من جلساته، عن حق أو عن غير حق. كمشارك مدعو – وشكراً لرئيس المؤتمر، صديقي اللواء احتياط عاموس جلعاد، على التنظيم الرائع – فإنك تختار لنفسك جلسات تستمع فيها، فما بالك أن المؤتمر المكثف يجري في مسارين متوازيين.

كانت علاقات إسرائيل والولايات المتحدة هذه المرة في مركز المؤتمر. وتكرر طرح السؤال: لماذا يتلبث الرئيس بايدن في دعوة رئيس وزراء الحليفة إسرائيل إلى البيت الأبيض؟ أفلا يشهد الأمر على تراجع في العلاقات بين الدولتين، اللتين تتقاسمان القيم ذاتها والمصالح ذاتها؟

الشائق أن كل المتحدثين الأمريكيين، وعلى رأسهم السفير المعتزل توم نايدز، استبعدوا الرأي وكأن أمريكا تبتعد عن إسرائيل، ورووا عن منظومة علاقات معمقة في كل المستويات؛ مئات أوجه التعاون التي لا يعرفها الناس، حتى وإن أعربت واشنطن غير مرة عن هذا النقد أو ذاك على خطوات وتصريحات في جانبنا. بالمقابل، انتقد المتحدثون الإسرائيليون بشدة “التدهور في العلاقات” بذنب الحكومة بالطبع، ورفعوا أصبع اتهام تجاه نتنياهو وحذروا مما سيأتي. فكرت في قلبي: هل يتحدث البروفيسور يوسي شاين ورفاقه في الرأي بلغة الحقائق أم بلغة السياسة؟

لا يمكننا نفي أن المؤتمر شهد لحظة سياسية وكانت فيه جلسات قيلت فيها أمور لا تقل في حدتها وتحيزها عن الأقوال التي تطلق في مظاهرات كابلن. هكذا كانت الجلسة عن الأزمة الداخلية التي كرر فيها المتحدثون – غادي آيزنكوت، وتمير باردو، وأمير ايشل وبإدارة بن كسبيت – تصريحاتهم المتطرفة ضد الحكومة. أفلم يكن ممكناً أن يضاف إلى الجلسة أيضاً متحدث برأي مختلف؟ أو جلسة في تركيبة سياسية مشابهة – يورام كوهن، روني ألشيخ، موشيه لادور والعاد شرغا – تحت عنوان “إسرائيل على شفا الهاوية؟”. هل يجتمع أولئك الذين يرون السواد فقط لبحث استنتاجاته معروفة من قبل؟ وكانت جلسة عن “الاحتجاجات”؛ للحظة دخلت إلى هناك وخرجت فوراً. لفرحتي، قلة فقط جاءوا ليستمعوا لأمير هسكيل ورفاقه عن الـ “الدكتاتورية”.

وأنهي بحكاية. مثل باقي المقابلات الصحافية، نال الرئيس السابق أيضاً رؤوبين ريفلين مقابلة صحافية ودية. سمعت أقواله بإنصات، جاءت بأسلوبه الهزلي المميز وبمرارة غير مخفية. كان روبي هو الذي لا يخفي عداءه لمن كان ولا يزال رئيس الوزراء. ها هو عند الخروج من القاعة يتفاجأ لرؤيتي – شاذ في مشهد المصفقين لأقواله ولكل من شتم رئيس الوزراء والحكومة “سلام يا بيبي، ألديك صفحة رسائل في جيبك؟” تفوه نحوي وسارع في طريقه. سؤالي إليك، فخامة الرئيس السابق: بكونك المواطن رقم 1 لم تفوت أي فرصة لتتحدث عن نتنياهو، أحياناً عن حق، وأحياناً لا. هل كل شيء يخضع لحسابه الشخصي مع من لم يؤيد انتخابك للرئاسة؟ ولماذا تحتقر كل أصدقائك الذين تبقوا في الليكود؟ أفلا تعلم أنه يمكن للمرء أن يكون ليكودياً، ورجل الإرث، وليس “بيبياً” سعيداً بكل ما يجري؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى