ترجمات عبرية

مباط عال: هجوم المصالحة الإيراني على الدول العربية يزيد التهديدات ضد إسرائيل

مباط عال 2023-04-20، بقلم: سيما شاين وراز تسيمت: هجوم المصالحة الإيراني على الدول العربية يزيد التهديدات ضد إسرائيل

في الأشهر الأخيرة، وبقوة أكبر في الأسابيع الأخيرة، تعمل إيران على الدفع قدماً بشبكة العلاقات الثنائية بينها وبين الدول العربية السُنية، وعلى رأسها دول الخليج. ويبرز على نحو خاص في هذا السياق استئناف العلاقات مع السعودية، الذي تقرر برعاية الصين، قبل نحو شهر. بعد وقت قصير من الإعلان عن الاتفاق، عقد لقاء بين وزيري خارجية الدولتين في بكين، وفي أعقابه دُعي الرئيس الإيراني لزيارة الرياض في موعد لم يتقرر بعد. ومؤخراً تجري زيارات متبادلة لوفود فنية من إيران والسعودية، غايتها الإعداد لإعادة فتح الممثلية الدبلوماسية. في أعقاب الاتفاق الإيراني- السعودي استؤنفت محادثات بوساطة عُمانية بين وفود من السعودية والحوثيين في اليمن في محاولة لتحقيق تسوية في اليمن تسمح بإنهاء المعركة العسكرية السعودية طويلة السنين في الدولة. وبالتوازي تجري إيران محادثات عمل مع البحرين أيضاً وعلى جدول اعمالها استئناف العلاقات معها أيضاً. وهكذا تستكمل عملية استئناف العلاقات بين إيران وعموم دول الخليج.

ان ميل تحسين العلاقات بين إيران والعالم العربي لا ينحصر بدول الخليج فقط. ففي الأشهر الأخيرة علم عن جهود إيرانية لتحسين العلاقات أيضاً مع مصر والأردن، تجري منذ سنين على مستوى منخفض: في أعقاب الاتفاق على استئناف العلاقات بين إيران والسعودية أعلن الناطق بلسان الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، بأنه سيكون للاتفاق تأثير ايجابي ايضا مع علاقات إيران مع مصر، الاردن، والبحرين. كما أن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أعلن بأنه قريباً ستكون تطورات مهمة في العلاقات بين إيران والاردن ومصر في اطار جهود حكومة الرئيس ابراهيم رئيسي لتبديد التوترات في المنطقة. في كانون الأول 2022 التقى عبد اللهيان مع ملك الأردن عبد الله ومع رئيس مصر عبدالفتاح السيسي على هامش مؤتمر دولي في موضوع العراق عقد في عمان. كما عُلم من مصادر في العالم العربي بأنه تبذل جهود وساطة عراقية بين إيران ومصر والأردن. في بداية نيسان أفادت وكالة “رويترز” للانباء عن مصادر في وزارة السياحة المصرية بأن مصر ستسمح قريباً للإيرانيين المسافرين في مجموعات منظمة الحصول على تأشيرة مع وصولهم الى شبه جزيرة سيناء، وان النية هي لتوسيع النهج الى مناطق أخرى في الدولة. رحب الأردن ومصر من جانبهما بالاتفاق الإيراني -السعودي وأعربا عن الأمل في أن يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

على خلفية تبديد التوتر بين إيران والدول العربية يبرز تصعيد متزايد بالمواجهة المتواصلة بين إيران وإسرائيل، وبخاصة في ضوء الهجمات الإسرائيلية المكثفة في سورية رداً على العملية التي وقعت في مفترق مجدو في 13 آذار. في الهجوم في الليلة بين 30 و 31 آذار في منطقة دمشق، والذي نسب لإسرائيل، قتل ضابطان في الحرس الثوري. ورداً على ذلك هددت إيران بالانتقام، وفي كتاب الى الأمين العام للأمم المتحدة شدد مندوبها الدائم على ان القوات الإيرانية في سورية توجد في أراضي الدولة بناء على طلب صريح من النظام السوري، وبالتالي فإن من حقها الدفاع عنها، ولا تعتزم إخراجها من سورية. في 2 نيسان اسقط الجيش الإسرائيلي مُسيّرة إيرانية تسللت من جهة سورية الى أراضي إسرائيل. ومع ذلك يمكن الافتراض بأن إطلاق المُسيّرة من سورية لا يشكل رداً كافياً في نظر طهران. في هذا السياق ينبغي ان نرى ايضا التحذيرات التي نقلتها واشنطن الى سفن في بحر العرب وخليج عُمان وقرار الاعلان عن اطلاق غواصة نووية هي فلوريدا الى الخليج الفارسي.

على هذه الخلفية، فإن التصعيد الأمني في إسرائيل حول الحرم والهجمات من لبنان وسورية استُقبلت برضى كبير في إيران. عُرض رد إسرائيل في قطاع غزة وفي لبنان في وسائل الاعلام الرسمية في إيران كدليل على عدم قدرة إسرائيل على التصدي في المستقبل لسيناريو اطلاق صواريخ في وقت واحد من عدة جبهات، بخاصة في ضوء الازمة السياسية الداخلية في الدولة. هكذا مثلاً أثنت الصحيفة اليومية المحافظة “وطن امروز” على نجاح “المقاومة الفلسطينية” في المبادرة الى معركة ضد إسرائيل من عدة جبهات في آن واحد، وشددت على ان التضامن العملياتي والإعلامي لعناصر “جبهة المقاومة” في الوضع الحساس الذي توجد فيه إسرائيل في عيد الفصح، خلق معادلة جديدة تثير الخوف في إسرائيل. وادعت وكالة الأنباء “تسنيم”، المتماثلة مع الحرس الثوري بأن سلوك حكومة نتنياهو وأجهزة الأمن الإسرائيلية في احداث التصعيد تشهد على أنها تخاف حتى من مواجهة متزامنة في جبهتين، ومن الواضح أنها قلقة من أن دخول باقي “جماعات المقاومة” الى حرب شاملة الساحات، من شأنه ان يؤدي الى تصفية إسرائيل. وتناول الناطق بلسان الحرس الثوري، رمضان شريف، في مؤتمر صحافي بمناسبة يوم القدس العالمي في 14 نيسان الموضوع فقال ان وجود “جبهة موحدة ضد الصهيونية من جنوب لبنان والجولان السوري وحتى غزة والضفة الغربية” يضع إسرائيل أمام تحدٍ هائل في غضون فترة زمنية قصيرة، بخاصة على خلفية الازمة السياسية الداخلية فيها.

إضافة الى ذلك، أجرى الرئيس الإيراني رئيسي مكالمات هاتفية مع زعماء سورية، تركيا، الجزائر، وتركمانستان شدد فيها على الحاجة الى تشكيل جبهة مشتركة حيال إسرائيل لتحرير فلسطين. في حديثه مع الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، دعا إلى عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي لفحص السبل للتصدي لإجراءات إسرائيل في الحرم. وكان للحديث مع الرئيس السوري، بشار الأسد، أهمية خاصة على خلفية تزايد الهجمات على الأراضي السورية، مؤخراً، وكذا إطلاق ثلاثة صواريخ من جنوب هضبة الجولان نحو إسرائيل (في 8 نيسان) اغلب الظن من منظمات فلسطينية. وقال رئيسي للأسد ان “النظام العالمي يتغير لصالح محور المقاومة، وان جرائم النظام الصهيوني تشهد على ضعفه ويأسه، وعلى المستقبل المضمون واللامع لتيار المقاومة. كما أن زيارة قائد قوة القدس، إسماعيل قآني، الى سورية في 8 نيسان جاءت لتعزز الرئيس السوري وتحسن التنسيق بين الدولتين، بينما توجد على جدول الأعمال تقارير متزايدة حول توريد منظومات دفاع جوي إيرانية لسورية.

جملة الأحداث في إطار التصعيد على حدود إسرائيل، والتي في مركزها الحرم وتفعيل “حماس” ساحات غزة، لبنان، وهضبة الجولان، استمرارا لهجمات إسرائيل في سورية ضد أهداف إيرانية، تطرح السؤال كم هي الخطوات في الساحات المختلفة منسقة بين عموم عناصر “جبهة المقاومة” مع التشديد على “حزب الله” وإيران؟
في السنوات الاخيرة شددت إيران جهودها لتثبيت قدرات استراتيجية تجاه إسرائيل، بما في ذلك من خلال فروعها في المنطقة، لأجل توفير جواب محسن في ضوء النشاطات الإسرائيلية المتزايدة على اهداف إيرانية في سورية وفي إيران نفسها. رغم الهجمات الإسرائيلية تواصل إيران نقل السلاح الى سورية و”حزب الله” في جملة متنوعة من الطرق، ومؤخراً أيضاً من خلال استغلال الخدمات الإنسانية المنقولة الى سورية إثر الهزة الأرضية التي وقعت في شباط. كما أن إيران تواصل تعزيز وتسليح الميليشيات المؤيدة لها العاملة في سورية وعلى الحدود السورية العراقية، ومن الواضح أنها زادت مشاركتها في الساحة الفلسطينية بعامة وفي الضفة الغربية بخاصة. كل هذا في محاولة لزيادة التنسيق بين عناصر “جبهة المقاومة”. وفي هذه المعركة هناك دور مركزي لـ “حزب الله” وأمينه العام، حسن نصر الله، شخصياً سواء بفضل تجربته ومعرفته الطويلة لإسرائيل أم بسبب مكانته المركزية ونفوذه في طهران واللذين تعززا منذ تصفية قاسم سليماني في كانون الثاني 2020. وتتيح طريقة العمل الإيرانية من خلال الفروع في المنطقة مجال حصانة ونفي، في ظل الحفاظ على نفوذها وزيادة قوة شركائها الإقليميين من خلال توريد السلاح والتكنولوجيا بما في ذلك القدرة على الإنتاج الذاتي.

إضافة الى ذلك حتى لو كان واضحاً ان المبادرة الى جولة التصعيد الأخيرة لا ترتبط بشكل مباشر بإيران بل بالتطورات في الساحة الفلسطينية، وبخاصة بأحداث الحرم، بأنه على أساس التنسيق المسبق وطويل المدى الجاري بين عناصر “جبهة المقاومة”، فإن إيران وفروعها يستغلون الوضع كفرصة لتثبيت ميزان ردع تجاه إسرائيل. في هذا السياق ينبغي أن نرى التواجد، مؤخراً، لرئيس المكتب السياسي لـ “حماس”، إسماعيل هنية، وأمين عام “الجهاد الإسلامي”، زيادة النخالة، في بيروت ولقائهما مع نصرالله، وكذا زيارة قائد قوة القدس في دمشق ويحتمل الى بيروت ايضاً. وحتى لو لم تقع أحداث التصعيد بناء على مبادرة إيرانية ولم تدرها طهران فإن هذه تطورات إيجابية بالنسبة لإيران قد تسمح باتساع مواجهة مستقبلية محتملة مع إسرائيل الى مواجهة متعددة الجبهات سيصعب على إسرائيل التصدي لها. من شأن هذا التقدير الإيراني أن يعزز إحساس الثقة في طهران بالنسبة لإمكانية التصدي بنجاح أكبر لإسرائيل، ويعزز بذلك استعداد طهران وفروعها لتبني خط اكثر استفزازاً تجاه إسرائيل، غير المعنية بتقديرهم في مواجهة شاملة في الوقت الحالي.

وختاماً، بينما تعمل إيران على تحسين علاقاتها مع الدول العربية وبخاصة في الخليج يمكن الاشارة الى تصعيد متواصل بين إسرائيل وبين إيران وشركائها في محور المقاومة. بينما في الخلفية ثمة تنسيق متزايد بين عناصر هذا المحور. كان التنسيق واضحاً في أحداث “حارس الأسوار” في أيار 2021 حيث عملت غرفة مشتركة في بيروت ضد إسرائيل، ضمت “حزب الله”، “حماس”، و”الجهاد الإسلامي”.

على إسرائيل أن تأخذ بالحسبان بانه من ناحية طهران فان “جبهة المقاومة” بمعناها الأوسع وفي سياق اشتعال إقليمي واسع تشمل ايضاً الميليشيات الإيرانية في العراق والحوثيين في اليمن المزودين بقدرات عسكرية متطورة. من غير المستبعد أن يستخدم تبديد التوتر بين إيران وجيرانها العرب لديها فرصةً لزيادة جهودها في تحسين الرد على إسرائيل وتعزيز الردع الإستراتيجي لها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى