أقلام وأراء

لؤي ديب: الضربة القاضية

لؤي ديب – 12/6/2022

هذا المقال لا يستهدف تنظيماً بعينه ولا أشخاص يحتضن أسمائهم ولا يشكل حالة نقد تتساقط علي الأُحادي دون الآخرين ولا يسعى لإلقاء المسؤوليه علي أحد فيما تخطط وتسعى له اسرائيل فالكل مسؤول دون استثناء ، فالهدف توضيح خطة تتدحرج في كل يوم وتتقدم ونشارك فيها كفلسطينيين بالتطنيش والعناد والغباء والكبرياء وفقدان البصيرة واستحلاء الحال الحاضر علي المستقبل القريب وعدم الاكتراث بخطورة ما يتأسس لمستقبل بعيد يقترب من أعناقنا في كل لحظة ليشكل طوقاً يعصف بالروح والجسد.

أولاً/ لا يشك إثنين بأن اسرائيل تسعي للسيطرة الكاملة علي القدس وأن حربها في القدس سياسية بالدرجة الأولي وليست عسكرية أو أمنية بل الإثنين تحصيل حاصل للمعركة السياسية ، ويدور رُحى المعركة السياسية مع الجسم الرسمي لمؤسسات منظمة التحرير والدولة والسلطة مع شىء من مناوشات جانبية مع الحركات والتنظيمات والارتجال وعقبة صلبة دون دعم في تمسك أهل القدس بفلسطينية مدينتهم والله وحده يعلم كم سيدوم هذا الصمود دون ظهير فلسطيني موحد وغياب عربي واسلامي وانساني ومفاوضات تتم مع دول عربية لنقل الوصاية الهاشمية علي المقدسات فيها لإحدي الدول العربية الأكثر مرونة والتي تستطيع بمالها أن تستميل وتسهل الأمر عليها .

ثانياً/ الضفة الغربية هي خاصرة اسرائيل المرتخية وأمنياً وعقائدياً لا يمكن لاسرائيل تسليمها للسلطة بل تسعي منذ زمن للسيطرة الكاملة عليها والانقضاض على الوجود الرسمي الفلسطيني فيها وتتسارع الخطة التي تورث من حزب صهيوني لآخر لا يقل صهيونية مع بعضٍ من مصالح انتخابية .

ثالثاً/ نتفق في اولاً وثانياً أن اسرائيل تريد القدس والضفة ومن أجل الوصول لهدفها لا بُد لها من القضاء علي المنظمة ومؤسسات الدولة والسلطة والتي تتشكل غالبيتها من حركة فتح 

رابعاً / إسرائيل منذ نشأتها تحمل عبء غزة فهي لا تريد السيطره عليها وعقائدياً وامنياً تريد التخلص منها ولكنها لا تستطيع التعايش مع القوة العسكرية وكمية الصواريخ التي تتعاظم بجوارها وتشكل  تهديداً مستمراً لأمنها الداخلي والأهم اقتصادها الذي تتفتح له أبواب ما كانت تخطر علي بال مؤسسيها ورويداً رويداً تتقدم لتقود المنطقة من خلال التقارب والتطبيع .

خامساً/ نتفق في رابعاً ان اسرائيل لا تريد غزة ولكنها أيضاً لا تريد حم اس والجه اد والشعبية وباقي التنظيمات بما تحمل من سلاح لذا فهي تسعي لنزع سلاح غزة وقتل او طرد من فيها من مقاتلين واختصار الدولة الفلسطنية فيها منزوعة السلاح بنظام جديد تحت وصاية احدي الدول العربية وكي لا يتبادر الي ذهن أحد مصر ، فما تسعي له اسرائيل ليس مصر في الوصاية علي غزة فهي تريد دولة لها من القوة الاقتصادية ما يمكنها من جعل غزة سنغافورة الشرق لتكون جوار آمن وسوق لاسرائيل ومورد رخيص للعمالة .

سادساً/ ربما يتسائل الجميع كي سوف يتسني لاسرائيل التخلص من كل هؤلاء واعادة السيطرة علي ما نزلت عنه في اوسلو وتبعاتها من حروب عسكرية وعمليات أمنية واستثمار في الخلاف الفلسطيني وجعله واقع بالانقسام  ، بل كيف سوف تتخلص من الدعم الأوربي للسلطة والتقارب الجديد ما بين السلطة وادارة بايدن علي عكس ما كان من ادارة ترامب فاسرائيل لا تستطيع ان تبني خطتها علي المجهول وتقلب الادارات فهي تريد انجاز خطتها التي تهيأت لها كل الاسباب فلسطينياً وعربياً واسلامياً وحتي مع منظومة أحرار العالم التي تمثلت قديما في افريقيا وامريكا اللاتينية حيث اصبحت القارتين مرتعاً لاسرائيل ، وكي نفهم وندرك علينا القراءة بتمعن ودون تعصب لنعلم شيئاً حول تسلسل الأحداث في المستقبل والخطة ببساطة كالتالي :
1/  تسعي حم اس  جادة لاتمام صفقة تبادل اسري تحمل في ثناياها علامات نصر لتفي بما وعدت وترفع شعبيتها ،  كما تسعي اسرائيل في الوقت نفسه للصفقة لاستعادة اسراها لكن اسرائيل تريد ان تستثمر في هذه الصفقة الي ابعد حد ممكن .
2/ سوف تشمل الصفقة التي سوف تتم عاجلاً ام آجلاً شخصيات من الوزن الثقيل وعلي رأسها المناضلان مروان البرغوثي واحمد سعدات لكن اسرائيل تشترط انتقالهم للعيش في غزة وليس الضفة وقطعت الاطراف شوطاً طويلاً في الحديث عن الأمر كان أخرها لقاءات السيدة فدوي البرغوثي في مصر وغيرها ولا احد ضد خروج الاسرى انبل ما فينا .
3/ شخصية كمروان البرغوثي لن تقبل بالخط السياسي الذي تنتهجه فتح الرسمية التي تستحوذ علي مؤسسات المنظمة وما يقع تحتها ، وسيحدث الانشطار الثاني في فتح بعد شرخ التيار الاصلاحي وبعض عصب الموالي للأشخاص هنا وهناك وسيتم اضعاف وارهاق الحركة الوطنية الأولي بخلافات لا تنتهي ونهج سياسي متعاكس .

4/ سوف تسعي اسرائيل ومعها دول عربية لتعميق الخلاف الفلسطيني وتزين فكرة الشرعية الموازية وتدفع باتجاه اجراء انتخابات في غزة منفصلة عن الضفة ليكون البرغوثي رئيس يقود حكومة من الفصائل في مقابل حكومة في الضفة مر وقت علي انتخابها الاخير ولم يتجدد وبالتالي ستطالب حكومة غزه بحقها في قيادة المنظمة وبما سيتوفر لها من دعم مادي عربي سنشهد الانشقاق في السفارات والمؤسسات .
5/ هنا ودون ان يدري احد ستكون اسرائيل قوضت الشرعية الفلسطينية ومزقت حركة فتح وستبدأ هجومها العسكري للسيطرة بيد من حديد علي الضفة الغربية والقدس دون وجود ظهير سياسي يتصدي لها لأن المنظومة السياسية التي بنيت في عشرات السنوات وبالدماء ستكون علي مشاهد الانهيار وسوف تبدأ بعرض المواطنة الاسرائيلية من الدرجة الثانية علي سكان الضفة يصاحبها انفراج اقتصادي، و ضخ تصاريح ال بي ام سي الرفيعة للدخول للداخل .
6/ بعد القضاء علي المنظمة ستشن اسرائيل هجوما واسعاً علي غزة تهدف من خلاله الي نزع سلاحها وطرد عناوين المقاومة فيها وتصفيتهم وهنا لسنا في حالة الجدال هل ستتمكن من ذلك ام لا فنحن نتحدث عما تخطط له لا علي النتائج التي تبقي في علم الغيب .
7/ ستعمد اسرائيل لتسليم السيطرة الأمنية علي غزة لدولة عربية ستدفع بقوات لها تحكم قبضتها علي غزة وتبدأ معها مرحلة ولادة دولة في غزة منزوعة السلاح بوصاية عربية.
خطة اسرائيل فيها تفاصيل كثيرة تحدث كل يوم وتمر مرور الكرام وباكتمال الخطة تكون تخلصت من المنظمة وكل التنظيمات وفرضت سيطرتها النهائية علي ما تريد.
ما كُتب اعلاه ليس خيال وانما خطة تتدحرج وتكاد لا تكون سراً في كثير من الصالونات السياسية ، وانا لا اشكك في النوايا السليمة لاحد ولكني اتناول كيف تسعي اسرائيل للاستثمار في هذه النوايا لتوجيه الضربة القاضية ، وقد حاولت ان ابسط الموضوع قدر استطاعتي ليصل للقاريء ومنّ بيده القرار هنا وهناك وعلي الأطراف وقد بلغت ما علمت وليبذل كلٌ من موقعه علي ان لا تحصل اسرائيل علي غايتها وتوجه لنا الضربة القاضية.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى