ترجمات أجنبية

فايننشال تايمز: انقلاب في الجابون: سقوط حكومة أفريقية أخرى تحت الحكم العسكري

فايننشال تايمز 31-8-2023، بقلم دافيد بيلينغ وأيانو أديو: انقلاب في الجابون: سقوط حكومة أفريقية أخرى تحت الحكم العسكري

بدا الرئيس الغابوني علي بونغو، مشتتا وهو ينظر إلى الكاميرا ويناشد المجتمع الدولي لمساعدته ضد الجنرالات الذين قاموا بآخر انقلاب في وسط وغرب أفريقيا. وقال بونغو: “لا أعرف ماذا يجري”، وكان يتحدث بعد فترة قصيرة من إعلانه كفائز في انتخابات يوم السبت.

ويأتي الانقلاب العسكري في البلد الغني نسبيا بالنفط، ويصل فيه مستوى دخل الفرد، اسميا، إلى 8800 دولار، في أعقاب انقلاب آخر في النيجر، البلد الأفقر.

والدول التي شهدت انقلابات، كلها مستعمرات فرنسية سابقة في غرب ووسط أفريقيا، وحدثت فيها سبعة انقلابات خلال ثلاثة أعوام. ويعطي الانقلاب الأخير، صورة عن جرأة الجنرالات وعجز القوى الخارجية عن التأثير على الأحداث، بحسب خلود خير، مديرة “كونفولنس أدفيزاري” في السودان الذي يعيش حربا بعد استيلاء العسكر على السلطة.

وفي النيجر، شجب الاتحاد الأفريقي الانقلاب، فيما هددت المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) بالتدخل العسكري، لكن لم تفعل شيئا لوقف مد الانقلابات، كما تقول خير، مضيفة أن الجنود يحاولون استغلال سخط السكان من الأنظمة الحاكمة في بلادهم. وأضافت: “من الصعب عكس انقلاب عندما يحدث.. لقد انكشفت القوى الاستعمارية السابقة مثل فرنسا ودول إيكواس، نيجيريا بالتحديد، وبدت ضعيفة في جهودها لإلغاء أي شيء”، مشيرة إلى أن الانقلابات باتت واضحة ومتوقعة، ويمكن تسميتها: “مرّ علينا انقلاب”.

ومثل النيجر، فقد بدأ انقلاب الغابون من داخل القصر الرئاسي، مع أن الانقلاب الأخير مشابه لسيطرة العسكر في غينيا على السلطة عام 2021، كما يقول المحللون. فقد أطاح العسكر بالرئيس ألفا كوندي (83 عاما) بعد فوزة بدورة ثالثة في الانتخابات.

ومثل كوندي، يبدو أن بونغو فقد الدعم الشعبي. فقد ظل والده يحكم البلاد منذ عام 1967 حتى وفاته عام 2009، حيث خلفه علي. واتهم الرجلان بجمع ثروات هائلة وإدارة البلاد من أجل منفعتهما المالية. وخرج المتظاهرون في العاصمة ليبرفيل للاحتفال بما رأوه نهاية حكم عائلة استمر 56 عاما. وقال تشيدي أودينكالو من مدرسة فليتشر للقانون والدبلوماسية، بجامعة تافتس: “لا يوجد أي شيء ثمين في الغابون لم تصل إليه يد عائلة بونغو”، مضيفا أنهم كانوا يستخدمون الغابون كـ”مزرعة خاصة بهم”.

ورغم الشجب الفرنسي القوي للانقلاب، إلا أن تراجع الدعم الشعبي لبونغو يعني غياب الشهية الدولية والإقليمية لإعادته إلى السلطة كما يقول أودينكالو.

وبدأ علي بونغو رحلته السياسية بعدما كان عازف بيانو، وأصدر ألبوما في عام 1977 حقق نجاحا متواضعا، وحاول تحسين سمعته بالقول إن الغابون تحمي غاباتها المطيرة وتتبنى سياسات اقتصادية مستدامة. وانضمت الغابون في العام الماضي لرابطة دول الكومنويلث. ولا يزال معظم سكان البلاد الذين لا يتجاوز عددهم 2.4 مليون نسمة، فقراء.

وأشار بونغو في خطاب ألقاه يوم الاستقلال هذا العام، إلى أن بلاده منيعة على الانقلابات التي تجتاح المنطقة “في الوقت الذي هزّت فيه الأزمات العنيفة قارتنا خلال الأسابيع الأخيرة، كونوا مطمئنين، فلن أسمح لأن تكونوا وبلدنا الغابون رهينة عدم الاستقرار، أبدا”، وفق قوله.

وجاء انقلاب الغابون بعد ساعات من إعلان هيئة الانتخابات عن فوز بونغو بولاية ثالثة بنسبة 67.27% من الأصوات، وبتحسن عن الفترة الماضية، حيث فاز بنسبة 49.8%. ويقول ألكيس فاينز، مدير برنامج أفريقيا في تشاتام هاوس بلندن، إن غياب الشفافية في العملية الانتخابية أضعفت شرعية بونغو، فـ”عندما تعلن عن حظر التجول وتقطع الإنترنت ولا تدعو المراقبين الدوليين أو الإعلام الدولي، فهذا يخبرك عن أمر ما” في إشارة للإجراءات التي اتخذتها الحكومة الغابونية أثناء التصويت.

وقال فاينز إن “الإحباط في ليبرفيل بسبب هيمنة عائلة بونغو كان ملموسا جدا خاصة بين الشباب” وأن “هناك رغبة للتغيير.. لهذا تستطيع رؤية سبب حدوث الانقلاب”.

ويقول المحللون إن الانقلابات في أفريقيا حظيت بشرعية مع فقدان الناس ثقتهم بالانتخابات والحكم الديمقراطي، حيث تعلم الحكام المنتحبون التلاعب بالنظام السياسي. ففي زيمبابوي، كان إيمرسون ماننغوا، آخر قادة دول توصف بالديمقراطية، ويفوز بجولة انتخابية اتسمت بالتخويف والتجاوزات بقصد ضمان فوز الرئيس. ويقول إدينكالو: “هؤلاء الرجال يقومون باختطاف دول. وما هو الفرق بين انقلاب عسكري وانتخابات مزورة؟”.

FT: ‘Déjà coup’ in Gabon as another African government falls to military rule

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى