أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  التأليه والفاشية وشعرة امسالم

عمر حلمي الغول – 25/11/2021

كثير من الحكام يصابون بلوثة العظمة، والاعتقاد أنهم منزلون من روح الله، ويتقمصون دور الرب على الأرض، فلا يعودون يعيرون من حولهم أي اهتمام، ولا بالعباد ومصالحهم، ولا بالعقد الاجتماعي الناظم للعلاقة التبادلية بينهم وبين شعوبهم، ويعيثون فسادا في المجتمع ومؤسسات النظام التشريعية والتنفيذية والقضائية والثقافية.

هذه الشريحة من الحكام، وأيا كان خطابهم وخلفياتهم الفكرية والسياسية، هم الوجه الآخر للاستعلاء والتكبر والغرور والغطرسة والفاشية، لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية، حتى لو ادعوا عكس ذلك، ومتسلطون، ومتفردون في الحكم، ومتعالون على منظومة الحكم بمختلف مستوياتها، ويسعون لإخضاع من حولهم وتحويلهم لأدوات تنفيذية لرغباتهم وأهوائهم ونزعاتهم الفردية، وقهريون لكل من عارضهم، ويستخدمون نفوذهم في استعباد بطانتهم وأبناء الشعب، وينسون تماما أن الشعب من جاء بهم لسدة الحكم، وأنهم مجرد موظفين لخدمة شعبهم ومجتمعهم. لكنهم بعد إمساكهم بناصية الحكم، وفرض هيمنتهم على مؤسسات النظام والدولة على حد سواء، يظهرون وجههم الحقيقي نقيض ما جاء على أساسه للحكم، وتتجلى دكتاتوريتهم وعنجهيتهم المفرطة في كل ملمح من ملامح الحكم. ما تقدم له عميق العلاقة مع شخصية بنيامين نتنياهو، زعيم الليكود وزبانيته ومريديه، الذي افترض في نفسه، أنه الإله المنزل، والملك الجديد لدولة إسرائيل المارقة، حتى أنه لم يعد يرى شخصا آخر مؤهلا مثله لقيادة دولة المشروع الصهيوني، وبات غير قادر على رؤية نقيض له في الليكود أو في الحكومة، ويفترض أنه الأجدر والأكفأ في البقاء على سدة الحكم. ولهذا مارس أدهى وأبشع وألعن صنوف التحايل، والالتفاف على الخصوم والأعداء لتطويعهم وفق مشيئته وحساباته الخاصة. وتعزيزا لما تقدم، أستحضر ما صرح به ديفيد امسالم، عضو الكنيست لصحيفة “ذي ماركر الاقتصادية يوم السبت الماضي الموافق 20 نوفمبر الحالي عندما رد على هزيمة حزبه، وإسقاط مثله الأعلى، الملك الحاوي نتنياهو، وبعد تمرير الميزانية في الكنيست، عندما قال “سنغلق على اليساريين كل الأبواب، نتنياهو مبعوث إلهي، اليساريون هم أصحاب الثروات في إسرائيل، لو كنت المتحدث الرسمي باسم الكنيست، لن أسمح لأي يساري بدخوله” وتابع “فليذهبوا إلى المحكمة العليا، سنغير قضاتها عندما نفوز في الانتخابات، سنمحو كلمة (عدالة) سنحطمهم. يجب إغلاق كل السبل عليهم، لأنهم سيقتلوننا.” ترجمة الصديق توفيق أبو شومر.

دقق أيها القارئ العزيز فيما صرح به ذلك المأفون، ديفيد امسالم، أولا أكد من وجهة نظره، أن رئيس الحكومة السابق مبعوث إلهي. لا يجوز عزله أو تغييره لا بالطرق الديمقراطية ولا بغيرها، ويجب أن يبقى متسيدا على رأس السلطة الحاكمة في دولة التطهير العرقي؛ ثانيا رفض ويرفض أية رؤية من القوى السياسية الأخرى الصهيونية، التي وصفها بـ”اليسارية” بمن فيهم بينيت وساعر وشاكيد ومن لف لفهم من أقطاب اليمين الصهيوني المتطرف. وتجاهل أن رئيس الحكومة، وزعيم حزب يمينا أكثر تطرفا ويمينية من معلمه، ويفوق بيبي عنصرية وفاشية؛ ثالثا توعد كل القوى الصهيونية ومن يركض في مستنقعها من القوى الفلسطينية المأجورة أمثال “راعم” بزعامة منصور عباس بعظائم الأمور في حال نجحوا في الانتخابات القادمة، وحتى لن يسمح لهم بدخول الكنيست لمجرد دخوله؛ رابعا للتغطية على قضايا الفساد لرئيسه ونموذجه في الحكم، ادعى أن تلك القوى النقيضة للفاسد أبو يائير، بأنهم أصحاب الثروات، وكأن سيده ليس كذلك، ولم ينهب الحكومة والدولة وأصحاب رؤوس الأموال؛ خامسا كشف بوضوح سافر أن حزبه ورئيسه سيغلقون كل السبل أمام المعارضة في حال استعادوا ناصية الحكم مجددا، ولن يسمحوا لكلمة العدالة بالاستخدام في الكنيست؛ سادسا وجه تهمة لخصومهم غير مسبوقة، وبشكل علني، عندما قال، إنهم سيقتلوننا ليبرر خطابه وجنونه وإفلاسه السياسي، وأضاف أننا (يقصد الليكوديين) سنحطمهم!؟ أهذه الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط؟ الجواب برسم الغرب الرأسمالي وإذا نظرنا لخطاب امسالم، عضو الكنيست نلحظ، أنه لم ينطق بلسانه الشخصي، إنما كان بمثابة صدى لصوت بنيامين نتنياهو.

والنتيجة، أن دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية معقدة التركيب الإثني والديني والاجتماعي، والتي ولجت منذ زمن بعيد الفاشية، ماضية قدما نحو تعميق سلوكياتها وانتهاكاتها الأكثر فاشية ووحشية ضد الإسرائيليين أنفسهم، وضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وهذا أحد عوامل هدم الدولة، التي ولدت من رحم الجريمة والإرهاب والفاشية بأجلى صورها.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى