أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  أفريقيا تدعم فلسطين

عمر حلمي الغول – 23/10/2021

كانت وما زالت افريقيا شعوبا وحكومات وقيادات داعمة للشعب الفلسطيني وكفاحه التحرري، لأن شعوبها ذاقت على مدار التاريخ السابق، وحتى الآن مرارات الاستعمار الرأسمالي الغربي، وتعي وحشية وهمجية الانتهاكات الاستعمارية. كما ان العديد من قادة القارة السوداء وفي مقدمتهم جمال عبد الناصر وكوامي نكروما الغاني وباتريس لومومبا الكونغولي وليو بولد سنغور السنغالي ونيلسون مانديلا الجنوب افريقي وغيرهم من الزعماء، الذين لعبوا دورا مهما في ترشيد الوعي الجمعي للشعوب الافريقية، وساهموا في التعاضد مع كفاح شعب فلسطين. كما وساهم الاشقاء العرب في افريقيا خصوصا والمنظومة العربية الرسمية عموما وقادة منظمة التحرير تحديدا، جميعهم- تعزيز مكانة القضية الفلسطينية.

هذا الإرث التاريخي الناظم لعلاقات فلسطين وشعبها مع الشعوب الشقيقة والصديقة في القارة المكافحة من اجل الحرية، ساهم ويساهم في استمرار وشائج التعاون بينهم، رغم انكفاء وتراجع بعض الدول الافريقية عن دورها الإيجابي في دعم القضية الفلسطينية، التي احتضنت فلسطين منذ تأسيس منظمة الوحدة الافريقية مايو 1963، وبقيت داعمة ومساندة للقضية الفلسطينية، مما أثار على الدوام استياء وتحريض الغرب الرأسمالي ودولة مشروعهم الاستعماري الإسرائيلية، ومحاولات التسلل للقارة عبر وسائل الترغيب والترهيب وخاصة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية معها في اعقاب حربي عام 1967 و1973.

ونجحت إسرائيل الاستعمارية بعد محاولاتها المتواصلة منذ عام 2002 من الزمن من “الانضمام” للاتحاد الافريقي في تموز/ يوليو الماضي (2021) في غفلة من دول الاتحاد، ونتاج التواطؤ مع رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، موسى فقي محمد، الذي أعلن في بيان رسمي بتاريخ 22/7/2021 قبول عضوية إسرائيل كمراقب في الاتحاد بذريعة، ان ثلثي دول القارة تقيم علاقات دبلوماسية معها، وان عددا من الدول قدمت طلبات بهذا الشأن. وتناسى رئيس المؤتمر ان العديد من دول القارة اكتشفت حقيقة إسرائيل الاستعمارية داخل دولها، وعدم وفائها بوعودها “الوردية” لها.

لكن خطوة رئيس الاتحاد، كما اشرت لم تجد استحسانا، لا بل رفضا واستنكارا لتفرده في الإعلان عن قرار الضم، وساهمت كل من الجزائر وجنوب افريقيا ونيجيريا وناميبيا وغامبيا وغيرها من الدول في تحشيد 24 دولة عضوا لإعلان رفضها بشكل رسمي ومكتوب، عبرت فيه عن اعتراضها على قرار مفوض الاتحاد، وطالبت بعرض الملف على جدول اعمال المجلس التنفيذي الوزاري للاتحاد الافريقي، مما اضطره لطرح المسألة على جدول اجتماع يومي الخميس والجمعة الموافقين 14 و15 أكتوبر الحالي. لكنه لم يطرحه للتصويت عليه، وانما للاطلاع، بعدما وجد معارضة كبيرة داخل دول الاتحاد، وخشية من ان ينجم عن قراره الباطل ازمة حادة قد تؤدي للانشقاق، وفرط منظومة الاتحاد.

ونتاج احتدام الخلاف بين الدول المعارضة لضم إسرائيل ومكتب الرئاسة المؤيد لذلك، تم تحويل الملف للمناقشة على مستوى قادة دول الاتحاد في القمة المقبلة في شباط/ فبراير 2022، وهو ما يعتبر نجاحا نسبيا في مواجهة ضم دولة الاستعمار الإسرائيلية إلى الاتحاد الافريقي.

نعم ما حصل في المجلس الوزاري التنفيذي لدول الاتحاد يعتبر خطوة إيجابية. بيد انها تستدعي تكثيف الجهود الفلسطينية والعربية والافريقية المؤيدة للحق الفلسطيني في أوساط الدول الافريقية، التي لم تعبر بعد عن موقفها، او الدول المحايدة، وحتى الدول المؤيدة لتوجه رئاسة مكتب الاتحاد، وتبيان اخطار الموقف على عملية السلام، وأيضا لعدم مكافأة دول القارة السمراء إسرائيل الفاشية على جرائمها وانتهاكاتها الخطيرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وتذكيرها جميعا بما خلفه الاستعمار الغربي بمختلف مسميات دوله من ألم وضحايا ودم وموت ونهب للثروات الوطنية في دولها.

معركة التصدي لضم دولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، معركة الكل الفلسطيني بقيادة الرئيس أبو مازن ومعه دوائر منظمة التحرير المختصة ووزارة الشؤون الخارجية عموما والسفراء الفلسطينيون في دول افريقيا جميعا، وهو ما يتطلب وضع خطة عمل وطنية أولا ومع الدول الشقيقة والصديقة المساندة والداعمة للموقف الوطني الفلسطيني ثانيا للنجاح في افشال توجهات مكتب الرئاسة لدول الاتحاد.

كما ان الضرورة تحتم على صانع القرار تكثيف الجهود والاهتمام بالدول الافريقية، لأنها ذخر استراتيجي لكفاح الشعب الفلسطيني، وايلاء اهتمام أكبر بالمصالح الافريقية بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى