ترجمات عبرية

القناة 12 العبرية: إسرائيل ستكون ضعيفة اقتصادياً، غير ديمقراطية، وعنيفة داخلياً وخارجياً

القناة 12 العبرية 2023-03-15، بقلم: عيران يشيف*: إسرائيل ستكون ضعيفة اقتصادياً، غير ديمقراطية، وعنيفة داخلياً وخارجياً

من الممكن أن نتوقع نشوء واقع جديد في الشرق الأوسط كنتيجة مباشرة للانقلاب القضائي. سيتميز هذا الواقع بوجود إسرائيل ضعيفة، لكنها عدوانية، وستكون في توازُن رعب أمام إيران النووية. الآن، هناك حوارات بشأن التشريعات التي تتعلق بالنظام القضائي، ويمكن لهذا السيناريو أن يتغير، ولكن من المهم جداً فهمه في سياق هذه الحوارات.

هذه الديناميكية ممكنة لتطوُّر السيناريو المذكور أعلاه: يؤدي الانقلاب القضائي، حتى لو كان بصيغة مخففة، إلى أضرار اقتصادية وهجرة فئات قوية اقتصادياً. ستتفاقم هذه الأضرار بسبب إضعاف القضاء، وهو ما يؤدي إلى هروب المزيد من المستثمرين، ويتم تحويل جزء كبير من الميزانيات إلى فئات غير منتجة، وبالتالي ستنمو سوق غير قانونية، وحتى جنائية، تؤدي بدورها إلى مزيد من الفساد الحكومي. تدفع هذه الظروف المزيد من الفئات القوية اقتصادياً، وبضمنها التكنولوجيا العالية الدقة، إلى ترك البلد وأخذ مساهمتها المهمة في الناتج والمجتمع والضرائب.

ومن المهم التشديد على أن إسرائيل تتميز بسوق متعددة جداً، وغير موحدة. فيها فئات قوية جداً وضعيفة جداً. مقطورة النمو الأبرز هي قطاع التكنولوجيا العالية الدقة، والذي يساهم في ربع الضرائب لخزينة الدولة. لذلك، فإن التكنولوجيا العالية الدقة هي مساهم مهم جداً للفئات المهمة. وتركها البلد، ولو جزئياً، سينقل السوق إلى مرحلة جديدة. لا أود هنا الدخول في تفاصيل الانهيار الاقتصادي الذي بدأ، وذلك بأنني وزملائي وصّفنا هذا المسار كثيراً خلال الأسابيع الماضية.

ستحول هذه التغييرات القضائية إسرائيل إلى دولة ضعيفة اقتصادياً. الدول الضعيفة تميل إلى العدوانية، وخصوصاً أن قياداتها تعلن وجود أعداء داخليين وخارجيين، بهدف رصّ الصفوف داخل الشعب خلفها، وتحميل الأعداء الداخليين والخارجيين مسؤولية ضعفها وفشل قياداتها. هذه طريقة عمل معروفة لدى الحكومات الشعبوية والقومية. هناك نماذج كثيرة من ذلك، وبصورة خاصة في جنوب أميركا، وروسيا، ودول أفريقيا. تشير نتائج أبحاث على عيّنة من 200 دولة تقريباً إلى أنه توجد علاقة إيجابية ما بين ضعف الدولة وقيامها بمنح غطاء للإرهاب، وتدخّلها في نزاعات عسكرية.

نشرت مجلة “فورين أفيرز” مؤشر “الدول الضعيفة”. ونشرت منظمة الـOECD أيضاً مؤشراً كهذا. الدول الموجودة في مواقع متقدمة على المؤشر هي دول فاشلة، أما الموجودة في آخر القائمة فهي دول مستقرة. على رأس قائمة المؤشر، الذي يضم 179 دولة، توجد اليمن والصومال وسورية. إسرائيل موجودة الآن في المرتبة 146، كدولة مستقرة. ولكن إذا تحقق السيناريو، فإنها ستصعد سريعاً على سلّم الضعف. ومن الأمثلة على ذلك من الأعوام العشرة الأخيرة: هنغاريا صعدت بسرعة مشابهة من الدرجة 141 إلى الدرجة 133؛ تركيا صعدت من الترتيب 91 إلى 57 خلال 14 عاماً. المشترك بين هذه الدول في الفترات الماضية هو أنها تحولت من وضعية دول ديمقراطية إلى دول مع نظام ديكتاتوري صلب يحكمه قائد واحد قوي شعبوي، يقمع حقوق الأقليات.

العدو الداخلي الأول الذي سيتم الهجوم عليه لدينا هو “عرب إسرائيل”. وبحسب التاريخ المتراكم، يمكن توقُّع استمرار الهجوم على النواب العرب والبلدات العربية، بالإضافة إلى قوانين تضيّق عليهم، كقانون القومية وخطوات أكثر حدة، كتقليص حق التصويت للكنيست، بذرائع مختلفة.

سيستمر العدو الخارجي بكونه إيران أساساً. إذا تحولت إسرائيل إلى ضعيفة اقتصادياً، وعدوانية في الوقت نفسه، فإنها ستدفع بإيران إلى تخطّي مكانة دولة عتبة نووية. فعملياً، لن يكون لديها أيّ بديل. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لن يتم منح إسرائيل، الضعيفة وغير الديمقراطية، الضوء الأخضر من الولايات المتحدة للهجوم على إيران، وحتى ليس لضربة استباقية. عملياً، ستتحول إسرائيل إلى حِمل استراتيجي ومشكلة استراتيجية للغرب. وستكون النتيجة توازُن رعب في الشرق الأوسط، بكل ما يتضمنه من مخاطر.

وفي المقابل، هناك في إسرائيل مسار طويل الأمد تتعزز فيه قوة فئات تريد تحويل إسرائيل إلى دولة شريعة. الفئة الأولى هي الحريديم [اليهود المتشددون دينياً] وهي تشكل 12% من مجمل السكان في إسرائيل. الفئة الثانية هي المتدينون القوميون، ولديها حجم مشابه بتقديرات محافظة. تمثيل الفئتين المباشر في الكنيست الآن 32 عضواً، وهو ما يعكس نسبة 25% من المجتمع الذي صوّت للأحزاب الثلاثة ذات الصلة. ومن المتوقع أن يزداد حجمهما الديموغرافي. يكفي النظر إلى معطيات التصويت في القدس، المدينة التي تتنبأ بالمسارات الطويلة المدى في إسرائيل، لفهم كيف سيكون المستقبل غير البعيد: أحزاب حصلت على 56% من أصوات الناخبين في 1 تشرين الثاني 2022.

ستكون إسرائيل أشبه بإيران، دولة لديها موارد طبيعية وبشرية كثيرة، تحولت إلى ديكتاتورية في سنة 1979. لم تتحرر إيران من نظام غير ديمقراطي أو ديني منذ 44 عاماً، جزء كبير من المواطنين النوعيين غادروا، اقتصادها أصبح أضعف أكثر بكثير من القوة الكامنة لديها، وتشغلها الحروب والإرهاب. إيران موجودة في الترتيب الـ 39 بين الدول الضعيفة.

سيتحول هذا السيناريو إلى حقيقي إن لم تحدث تغييرات جدية في المسارات السريعة التي تقوم بها الحكومة لتحويل إسرائيل إلى دولة غير ديمقراطية، بما معناه دولة من دون توازنات بين السلطات الثلاث. إن التخوف من هذه التطورات لن يبقى همّ المواطنين الإسرائيليين فقط، يمكن الاعتقاد أن قيادات الدول الغربية ستعبّر أيضاً عن هذه المخاطر، ويمكن أن يكون رأيها مؤثراً في مرحلة ما. حالياً، لا توجد أيّ إشارة إلى نشاط من طرفها. ونحن مستمرون في طريقنا نحو الكارثة.

 

*أكاديمي ومحاضر في جامعة تل أبيب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى