ترجمات عبرية

البروفيسور آريه الداد يكتب – دعوة للابتزاز بالتهديد

بقلم: البروفيسور آريه الداد، معاريف 16/4/2019

انتهت حملة الانتخابات. كل من لديه ذاكرة قصيرة جدا، او يكره اليمين، يقول انه لم يسبق ان كانت حملة قذرة كهذه. هراء. هؤلاء هم نوع من شيوخ فقط ممن لا يتذكرون الحر/البرد/اسعار كهذه في المئة سنة الاخيرة. نسوا فريات الدم، الضربات، البندورة، بيغن الهتلري سيدفع بالدبابات نحو الكنيست، بدون حيروت وماكي. رابين خائن. شارون قاتل. كل هذه كانت اسوأ من الاعلانات فان بيبي فاسد وخائن، محرض ومقسم ومخرب للديمقراطية ومروج للدكتاتورية، وغانتس يساري، مختل عقليا ومن يدري ماذا كان له في هاتفه.

اما الان، حين انتهت هذه القذارة – يبدأ التلوث الحقيقي. فالرشوة التي يتهم بها نتنياهو – بضعة الاف السجائر الفاخرة، بضعة براميل منالشمبانيا، تغطية عاطفة مقابل مليار لالوفيتش وغيرها من الصغائر – ليست شيئا وصفرا مقارنة بالفساد القانوني جدا، الرشوة السياسية التي يعتزم نتنياهو دفعها لعناصر الائتلاف. بالضبط مثلما فعل بن غوريون، اشكول، غولدا، رابين، بيغن، شامير وباراك، شارون واولمرت. من اليمين ومن اليسار. كلهم دفعوا رشوة سياسية بقيمة متراكمة من مئات المليارات، كي تدعمهم الاحزاب الاعضاء في الائتلاف. وليس فقط بالمال الحقيقي للكيبوتسات، لمشاريع الهستدروت، للمدارس الدينية أو للمستوطنات – وهذا هو المقطع الصغير من الرشوة – بل بالتعيينات لمناصب الوزراء وايداع مصادر قوة ومال ضخمة في ايدي الاحزاب .

ولما كنا اجتزنا عهود البراءة (قلة من بين القراء هم ابناء اقل من ثلاث سنوات)، ولما كنا نعرف بان ساندريلا والامير الصغير لا يعيشان الا في الاساطير، فلم نعد نؤمن بان وزير الجسور والسدود، الذي يقيمها حتى عندما لا يكون نهرا في المحيط، لا يفعل ذلك فقط لرفاهية الجمهور ولا من أجل تعظيم اسمه وضمان تقدمه في المستقبل.  وهكذا هي الامور ايضا بالنسبة لوزير شؤون كرة القدم والباليه الكلاسيكي، وزيرة حقوق الناجين من برامج الواقعية التلفزيونية، وزير الهوايات، نائب وزير المشروبات الغازية ورئيس السلطة الوطنية لمنع الحمضيات.

وعليه فاني ارفق قائمة مطالب قصيرة موجهة لزعماء احزاب اليمين الذين يتعلق نتنياهو بتأييدهم كي يشكل حكومة. كي يربح شعب اسرائيل شيئا ما حقا من الحكومة التي تهل علينا بالخير.

بعد أن تنهوا من البحث في قائمة الحقائب التي تريدونها، ساوموا، ابدوا مرونة ومسؤولية وطنية ولا تسجلوا المفاوضات على كبريائكم ومكانتكم – تعالوا مع طلب أساس: لبلاد اسرائيل وبلداتها.

صفقة القرن لترامب تكمن لنا خلف الباب. حتى لو تأخرت، فلا بد ستأتي. لا ادري ما يوجد فيها، ولكن يمكن الافتراض بانه سيكون للسفارة في القدس، للعقوبات ضد ايران وللجولان ثمن – ومن شأنه أن يكون الطلب للاعتراف بسيادة فلسطينية وبمكانة في شرقي القدس. سيسرني جدا أن يخيب ظني. ولكن اذا ما جاء طلب كهذا، محظور الموافقة عليه حتى وان كانت هذه موافقة تكتيكية، متحفظة، وحتى وان كانت فقط من أجل كسب الوقت الى أن يصرخ ابو مازن اولا “لا!”. ثمة امور محظور الموافقة عليها مبدئيا، وذلك حتى لو كان ترامب يحبنا اكثر مما يحب نفسه – بعده قد يأتي رئيس آخر ويطالب بصرف السند. وعليه، ففي الخطوط الاساس للحكومة يجب أن يخط رفض لكل سيادة غريبة غربي نهر الاردن واحلال سيادة اسرائيل في يهودا والسامرة.

ولكن، كما اسلفنا، لم نعد أبرياء. بشكل لا مفر منه قد يوقع نتنياهو على مثل هذا الطلب، ولكن اذا اراد، او اضطر – الى الموافقة على دولة فلسطينية، سيكون بوسعه ان ينتهك تعهده وعندها سيقيم حكومة وحدة مع غانتس. هذا سيوافق “من اجل السلام” بالطبع، ان يجلس مع نتنياهو في حكومة واحدة، او حتى فقط ان يؤيد الانسحاب من الخارج. فهكذا بالضبط تصرف زعيم الليكود شارون في فك الارتباط.

وبالتالي هنا تكمن القصة، التي هي العنصر السري في كل طبخة سياسية حقيقية – يجب طرح شرط لا يمكن لازرق أبيض واحزاب اليسار ان تلتزم به، حتى لو كانت تتوق للانسحاب من المناطق وتتمنى الدولة الفلسطينية. على الموالين لبلاد اسرائيل أن يتعهدوا بابقاء نتنياهو كرئيس وزراء حتى بعد رفع لائحة اتهام، بل وحتى في اثناء المحاكمة. ولكن عليه أن يعرف بانه في اليوم الذي يوافق فيه على سيادة فلسطينية، سيفقد تأييدهم لحصانته وسيشق طريقه الى السجن.

ابتزاز بالتهديد؟ صحيح، ولكن على من، على الطاولة. هل هذا تهكم مستعد للتسليم بالفساد؟ بالضبط. مناورة نتنة؟ جدا. هذه تسمى سياسة. حان الوقت لان يعرف اليمين الايديولوجي ايضا كيف يلعب هذه اللعبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى