أقلام وأراء

الأقصى ما بين مخاطر الهيكل المعنوي والجولات التعليمية الإلزامية

بقلم: راسم عبيدات 23-11-2021م

المشروع الإسرائيلي للسيطرة على المسجد الأقصى بفرض التقسيم المكاني بعد التقسيم الزماني وصولاً الى ما يعرف بإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد القبلي… يتقدم خطوة خطوة،في ظل حالة ضعف داخلي فلسطيني وتشظي وإنقسام،وحالة عربية مهرولة بشكل غير مسبوق نحو التطبيع مع دولة الإحتلال… موفرة الغطاء الكامل للمحتل لتنفيذ مشاريعه ومخططاته التهويدية بحق القدس والأقصى …فعلى طريق التقسيم المكاني للمسجد الأقصى… توسعت عمليات الإقتحام وزادت اعدادها بشكل كبير،ليس فقط في فترات الإقتحام الكبرى ما يعرف بذكرى “توحيد” القدس وخراب الهيكل وعيد الفصح والأعياد اليهودية الممتدة من رأس السنة الى يوم ” الغفران” فعيد ” العرش” اليهودي…. بل شهدت عمليات الإقتحام تطورا غير مسبوق، في الإقتحامات الكبيرة والواسعة في تلك الأعياد،في التحضير لما يسمى بتأسيس ” الهيكل المعنوي”… ومحاولة ادخال أدوات الطقوس الاحتفالية التلمودية والتوراتية النباتية من سعف النخيل واغصان الريحان والصفصاف الى ساحات المسجد الأقصى، ومن ثم القيام بعمليات ” النفح في البوق” أكثر من مرة في ساحات الأقصى واداء طقوس ما يسمى بالسجود الملحمي، إنبطاح المستوطنين على وجوههم،وهذا يعتبر في الفكر التلمودي التوراتي ،أعظم اشكال الطقوس التلمودية والتوراتية ..وترافق ذلك مع رفع علم دولة الإحتلال في ساحات الأقصى وترداد ما يسمى بالنشيد القومي اليهودي ” هتكفاه”…وكذلك القيام بإتمام مراسيم زواج في ساحات الأقصى وافعال لا اخلاقية فاضحة ..كل هذا كان يجري تمهيداً لإجراء كل طقوس العبادات المتعلقة بالهيكل في ساحات الأقصى على شكل صلوات تلمودية وتوراتية صامتة تمهيداً لأدائها بشكل علني مع توفر الظرف المناسب.. العمل استمر على تغيير الوضع القانوني والديني والتاريخي للأقصى… وتجويف الوصاية الأردنية وتفريغها من محتواها على المسجد الأقصى وتحويلها الى وصاية شكلية،وكذلك تقليص صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية وسحب المسؤولية الإدارية منها بشكل تدريجي.. واصحاب الوصاية والسلطة الفلسطينية والعرب والمسلمين،استمروا في نفس سياستهم العقيمة، والتمسك بنفس اللغة ” الخشبية” من شجب واستنكار وندب وبكاء وتشكي أمام المؤسسات الدولية،التي لا تقيم لها اسرائيل وزناً ولا تعترف بقراراتها…. تطورت الأمور نحو سماح احدى قضاة محكمة الصلح الإسرائيلية “بيهلا يهالوم” بالسماح للحاخام الصهيوني المتطرف “أريه ليبو” وأتباعه بأداء طقوس الصلوات الصامتة في الأقصى، وهذا الحاخام العنصري، هو أمين سر مجلس” السنهدرين الجدد”، الذي شكلته مجموعة من الحاخامين من التيار القومي- الديني لإحياء ما يسمى بالهيكل المزعوم بدل المسجد الأقصى مع كامل طقوسه التلمودية والتوراتية.

الإستهداف للأقصى لم يتوقف ،بل الجماعات التلمودية والتوراتية تعمل ليل نهار من أجل تحقيق مخططاتها ومشاريعها للوصول الى هدفها في إقامة الهيكل المزعوم…. ولذلك نجد بان هناك مجموعة مشاريع تستهدف زيادة اعداد المقتحمين باعداد كبيرة جداً للأقصى، عبر مشاريع القطار الطائر ” التلفريك”، والذي سيمر فوق المسجد الأقصى،ومن خلال 73 عربه له،تقوم بجلب 3000 مصل يهودي وزائر اجنبي كل ساعه الى حائط البراق …وصولاً الى اتخاذ لجنة التعليم في البرلمان الإسرائيلي ” الكنيست” يلزم المدارس الإسرائيلية بأن تشمل جولاتها التعليمية بشكل إلزامي المسجد الأقصى “جبل الهيكل” وهذا يعني بأننا سنكون أمام عشرات الآلاف من المقتحمين للمسجد الأقصى بشكل يومي….وهذا يعني محاولة جادة لتغير الوضع القانوني والتاريخي والديني للأقصى،وبما يمكن الجماعات التلمودية والتوراتية،أن تجد لها موطىء قدم مكاني فيه،حيث مخططها يشمل السيطرة على كامل المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى والتي تعادل 1/3 مساحة المسجد الأقصى، حيث تسعى للسيطرة على مصلى باب الرحمة ،واقامة كنيس يهودي كبير فيه، وكذلك السيطرة على باب الرحمة وجزء من مقبرة باب الرحمة الذي جرى مصادرته ومنع الدفن فيه،من اجل اقامة حدائق تلمودية وتوراتية، ومن ثم السيطرة على كامل المنطقة الجنوبية الغربية، القصور الأموية وحائط البراق،على أن يتم ربط ذلك بالبؤر الإستيطانية والأنفاق الموجودة في بلدة سلوان،82 بؤرة استيطانية ،وكذلك انفاق ممتدة من وادي حلوة الى الأنفاق الموجودة اسفل المسجد الأقصى.

نحن نرى بأن قرار لجنة التعليم في الكنيست جاء من أجل تعزيز وزيادة عدد المقتحمين اليهود للمسجد الأقصى المبارك ولترسيخ فكرة الهيكل المزعوم في العقول اليهودية الناشئة”.

وكذلك فإن ما تقوم به الجماعات اليهودية المتطرفة بدعم من الحكومة اليمينية المتطرفة بالمساس بأقدس مقدسات المسلمين المسجد الأقصى المبارك، بهدف إشعال المنطقة بحروب دينية لها أول وليس لها آخر وتتحمل حكومة إسرائيل كافة تبعاتها. ولعل الإجتماع الذي عقد بين وزير ما يسمى بالشؤون الدينية لدولة الإحتلال مع زعامات جماعات الهيكل ومطالبها لشرعنة تهويد الأقصى ..فتح المسجد الأقصى امام الجماعات المتطرفة طيلة شهر رمضان لكي يتسنى لهم الإحتفال بما يسمى بعيد الفصح بداخله…اغلاق الأقصى أمام المصلين المسلمين في فترة الأعياد اليهودية وزيادة فترة الإقتحامات المسائية…تعديل تعريف ما يسمى بالأماكن المقدسة لكي تشمل المسجد الأقصى باعتباره معبدا ومعلما توراتيا يهوديا …زيادة عدد الأبواب التي يجري من خلالها الإقتحامات اليومية للأقصى.

هذا الإجتماع وتلك المطالب ،تبين حجم الإستهداف للأقصى،من تلك الجماعات التلمودية والتوراتية.

ان الخطر الكبير والجدي المحدق بالمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية،يتطلب أوسع التفاف شعبي وجماهيري حولها، وشد الرحال الى الاقصى من كافة المناطق التي يتمكن خلالها أبناء شعبنا من الوصول اليه ..وكذلك فالأردن صاحب الوصاية عليه مطالب بإتخاذ مواقف عملية، ولديه اوراق ضاغطة في هذا الجانب سياسية واقتصادية ودبلوماسية ،ويستطيع ان يُفعل تلك الأوراق من خلال طرد سفير دولة الإحتلال من الأردن وسحب السفير الأردني من تل أبيب ومراجعة اتفاقية وادي عربه، والغاء اتفاقية الغاز وغيرها،وكذلك المؤسسات العربية والإسلامية من جامعة دول عربية ودول منظمة التعاون الإسلامي، ،يجب أن يكون لها دور في حماية الأقصى من خطر التهويد والتقسيم المكاني ،ولم يعد مقبولاً الركون الى القنوات الدبلوماسية واللقاءات الرسمية مع قادة دولة الإحتلال، فما أن يجف حبر تلك اللقاءات،حتي يبادر قادة دولة الإحتلال الى خرق التزاماتهم وتعهداتهم للملك الأردني عبد الله الثاني وحكومته بعدم تغيير الأوضاع القانونية والدينية والتاريخية للمسجد الأقصى.

قرار لجنة التعليم في الكنيست الصهيوني على درجة عالية من الخطورة ،وينذر بتطورات غير مسبوقة على صعيد تحويل وجر المنطقة الى صراع ديني غير مسبوق.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى