ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – قمة النقب: تغيير دراماتيكي في خارطة المصالح

اسرائيل اليوم  2022-03-30 – بقلم: عوديد غرانوت

لم تغطِ العملية الإجرامية في الخضيرة بإلهام من داعش فقط على قمة النقب بل شددت بالذات على الارتباط بين مشاركيها.
فلئن كان ثمة شيء مشترك بين إسرائيل ووزراء خارجية الدول العربية الأربعة الذين جاؤوا إلى هنا، إلى حدث علني لم يكن مثيل له أبداً، فهو معارضة التطرف الإسلامي السني، الذي يتمثل في صورة داعش، وللتطرف الشيعي المتمثل في وكلاء إيران.
إن التنديد بالعملية في الخضيرة، والذي أطلقه هنا وزراء خارجية مصر، المغرب، اتحاد الإمارات والبحرين لم يأتِ كضريبة لفظية.
مئات عديدة من الضباط، الجنود والمواطنين المصريين ضحوا بحياتهم في أعقاب عمليات فرع داعش في سيناء الذي عمل أيضا في الأردن وفي دول عربية أخرى، وذلك في الوقت الذي يعمل فيه الإرهاب الشيعي على إسقاط النظام في البحرين، ودول الخليج تعلن عن حزب الله كتنظيم إرهابي.
تنظيم داعش، الذي هزمه تحالف دولي عظيم يوجد في تراجع، لكن الأيديولوجيا التي اتخذها لم تمت وتنجح في أن تخلق بين الحين والآخر عمليات في أرجاء العالم.
والادعاء بأن أعمال القتل في بئر السبع وفي الخضيرة تشهد على وجود عشرات خلايا داعش غافية في إسرائيل، تستيقظ الآن للعمل يبدو مبالغاً فيه.
فالحديث يدور عن بضع مئات من الأشخاص في أقصى الأحوال، ممن لا يحظون بتأييد في أوساط الجمهور الغفير لعرب إسرائيل.
ليس في هذا ما يلغي الحاجة إلى استعداد مناسب ورفع يقظة قوات الأمن لإحباط عمليات في المناطق وفي داخل الخط الأخضر، على خلفية التوتر القائم على أي حال مع اقتراب شهر رمضان.
ولكن شيئاً واحداً لا شك فيه: ما جلب وزراء خارجية عرباً إلى سديه بوكر هو الفهم بأن الإرهاب الشيعي بقيادة إيران، أخطر بأضعاف من الإرهاب الداعشي وحتى من استمرار النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.
ستسرع أموال النفط التي ستضخ لإيران بعد التوقيع القريب على الاتفاق النووي مشروع الصواريخ الباليستية التي ستحمل رأساً متفجراً نوويا، وإزالة الحرس الثوري عن قائمة منظمات الإرهاب ستساعد إيران على تصعيد نشاطها التآمري في أرجاء الشرق الأوسط.
صحيح أن الولايات المتحدة كانت القوة المحركة من خلف التوقيع على اتفاقات إبراهيم، لكن كل الدول الموقعة على هذه الاتفاقات، والتي جاء ممثلوها إلى النقب، ترى الآن واشنطن في حالة ضعفها بعد أن عمد الرئيس أوباما، الذي تجلد على الغزو الروسي للقرم، إلى التموضع العسكري في سورية وإلى استخدام الأسد للسلاح الكيماوي ضد المدنيين، فإن الرئيس بايدن يبدو كمن يبث حماسة زائدة للتوقيع على اتفاق سيئ مع إيران سيزيد فقط تهديد أمن إسرائيل ودول الخليج.
في هذه الظروف، فإن الدول المعتدلة التي جاءت إلى سديه بوكر – وكذا السعودية، التي لم تأتِ ولكنها أعطت مباركتها للقمة – ترى في إسرائيل، عن حق أم بالخطأ الجهة الوحيدة القادرة على والمستعدة لأن تقف في وجه التهديد الإيراني، كما أن السعوديين يتوقعون من إسرائيل، بفضل علاقاتها مع الإدارة الأميركية أن تحاول التوسط والمساعدة في تحسين العلاقات العكرة بين الرياض وواشنطن.
إضافة إلى ذلك، لا شك في أن قمة النقب تشكل تغييراً دراماتيكياً في خارطة المصالح في الشرق الأوسط وفي مسيرة انخراط إسرائيل في المنطقة.
صحيح أنه لم تتخذ قرارات هناك ولكن قيلت هناك كلمات لم يسبق لها أن قيلت في الماضي.
وزير خارجية الإمارات أعرب عن حزنه على أن بلاده لم تقم سلاماً مع إسرائيل قبل 43 سنة، فور عمل مصر ذلك، ونظيره المغربي قال إن السلام بيننا ليس خطوة مؤقتة بل انعطافة حقيقية.
في أيام قاسية من التوتر والعمليات بإلهام من داعش، فإن هذه الأقوال في حد ذاتها هي سبب وجيه للتفاؤل.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى