ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم ايال زيسر- فشل متوقع مسبقا في افغانستان

اسرائيل  اليوم– بقلم  ايال زيسر- 16/8/2021

” الدرس واضح. ففي السياسة العالمية لا يوجد اصدقاء، توجد فقط مصالح. واحد ايضا لن يتطوع للقتال من أجل من هو غير قادر على الدفاع عن نفسه”.

آخر الجنود الامريكيين سيغادر افغانستان بعد نحو شهر فقط، ولكن طالبان وصل الى العاصمة  كابول.  في ادارة بايدن قدروا مع ذلك بانه مع انسحاب القوات الامريكية من شأن طالبان ان يسيطر على الدولة في غضون بضعة اشهر، ولكنهم لم يخمنوا بان يحصل الامر في غضون ايام قليلة. 

مشاهد الاخلاء المفزوع للامريكيين من سايغون، عاصمة جنوب فيتنام في نيسان 1975، وكذا الفرار المفزوع لالاف اللاجئين من قوات الفيتكونغ المتقدمة تتكرر الان وبقوة في كل ارجاء افغانستان هكذا تشهد كالف شاهد. واشنطن لم تتعلم شيئا من التاريخ. لم تكن حرب اكثر عدلا من الحرب التي خرجت اليها الولايات المتحدة في اواخر العام 2001، بهدف اسقاط نظام طالبان في افغانستان. فهذا النظام منح ملجأ ومساعدة ايضا لزعيم القاعدة، اسامة بن لادن، الذي وقف خلف عمليات 11 ايلول 2001، التي خلفت الاف القتلى في نيويورك وفي واشنطن. 

لقد كان حكم طالبان في افغانستان حكما ظلاميا بالضبط مثل حكم داعش الذي تغذى من مصادر الالهام ذاتها. فقد حبس طالبان النساء في بيوتهن، منع ادخال التكنولوجيا والثقافة الغربية الى الدولة والتعليم الذي ليس دينيا للاولاد بل وخرب ببربرية آثار التاريخ ما قبل الاسلام في الدولة. غير أن انظمة الظلام توجد في دول كثيرة، والاسرة الدولية لا تفعل شيئا كي تسقطها. 

ولكن في افغانستان، وبعد سنتين من ذلك في العراق ايضا، لم يعرف الطموح الامريكي حدوده. فواشنطن لم تسعى فقط الى معاقبة طالبان بل وايضا الى بناء امة افغانية، في مكان يعود فيه انتماء السكان الى العائلة او الى القبيلة وبالتأكيد ليس الى أمة وهمية ليست موجودة على الاطلاق. 

لقد جلب الامريكيون نعمة لافغانستان، شقوا فيها طرقا ودفعوا اقتصادها الى الامام. جلبوا بشرى لافغانيين كثيرين ممن فتحت امامهم الان  امكانيات التعليم  والعمل. ولكن الامة لا تبنى بل تتطور وتنمو بذاتها وببطء وبالتأكيد ليس كاستجابة لاملاء اجنبي. التجربة الامريكية في اليابان وفي المانيا بعد الحرب  العالمية الثانية غير ذات صلة في الحالة التي أمامنا، إذ ان الحديث يدور عن سكان تقليديين، مضطهدين وعديمي الهوية القومية. لقد خرج العديد من الافغان كاسبين من التواجد الامريكي ولكن كثيرين جدا بقوا في الخلف، واختاروا منح اولوية للتقاليد – على تغيير أنظمة العالم وعلى عالم غريب ومهدد من القيم والثقافة الغربية. 

وفضلا عن كل هذا، فان الحكم الذي اقامه الامريكيون كان عفنا وفاسدا، معززا بالدولارات ومسنودا الى حراب الجنود الامريكيين. ومثل قصة نهايتها معروفة مسبقا، في اللحظة التي اعلن الامريكيون عن نيتهم الانسحاب من الدولة، انهار هذا النظام كبرج من ورق. كان من الافضل ربما، في العام 2001، ضرب طالبان وترك الدولة وهكذا توفر عقدين من سفك الدماء.

لا حاجة للولايات المتحدة أن تقلق. يدور الحديث عن قوة عظمى قوية وواثقة، بالاجمال ترغب في تقليص المخاسر. وهي ستواصل الازدهار حتى بدون افغانستان. إذ انه حتى فيتنام الشمالية اصبحت لاحقا حليفة لها، قريبة من طاولتها (بسبب الخوف من الصين بالطبع). ولكن القلب يتفطر على الافغان، الذين وقعوا في ايدي نظام ظلامي مصمم على أن يعيد الدولة وسكانها الف سنة الى الوراء. وعلى اي حال احد لا يسأل رأيهم، وفي كل الاحوال ليس لديهم الارادة والقوة للاعتراض على ذلك. والا لكنا رأينا مقاومة اكثر بقليل لطالبان، وتجندا بالحد الادنى لصالح الحكومة. 

ينبغي فقط الامل ان يتبين طالبان في صيغة 2021 كمن تعلم الدرس، من طالبان صيغة 2001 ومن داعش على حد سواء. ومن يدري، لعله في المستقبل يصبح حليفا لواشنطن، بسبب عدائه لايران ولروسيا. مهم يكن من أمر فالدرس واضح. ففي السياسة العالمية لا يوجد اصدقاء، توجد فقط مصالح. واحد ايضا لن يتطوع للقتال من أجل من هو غير قادر على الدفاع عن نفسه. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى