ترجمات عبرية

إٍسرائيل اليوم: الحلف الدفاعي مع الولايات المتحدة يلحق الضرر بالردع الإسرائيلي

إٍسرائيل اليوم 2023-08-18، بقلم: يعقوب نيغل: الحلف الدفاعي مع الولايات المتحدة يلحق الضرر بالردع الإسرائيلي

يجري البحث في اتفاق “حلف دفاع متبادل”، الآن، بين الولايات المتحدة وإسرائيل، كجزء من التطبيع مع السعودية ومن الاتفاق الثلاثي بين الولايات المتحدة، السعودية، وإسرائيل، وهو يتضمن نواقص كثيرة جداً. من شأنه أن يأتي على حساب الأفضلية الإسرائيلية العليا: منع اتفاق/توافقات سيئة بين الولايات المتحدة وإيران، تفضي بإيران بيقين الى القنبلة في زمن قصير.

يتواجد وزير الشؤون الاقتصادية، رون ديرمر، الآن، في واشنطن لعقد لقاءات واتخاذ قرارات مهمة في البيت الأبيض. الجولة الحالية، مثلما اكد أيضا رئيس الوزراء في حديثه مع الرئيس بايدن، ستتركز على الدفع قدما بـ “حلف دفاع محدود”. المحادثات حول الحلف، التي طرحت مؤخرا في انتخابات 2019، تعود الى العناوين الرئيسة بتصدر من الوزير ديرمر، الذي لا يخفي تأييده منذ أكثر من عقد. المحادثات هذه المرة جدية لأنها ترتبط بالصفقة السعودية، بمشاركة إسرائيلية. وستتضمن الصفقة تطبيعا بين إسرائيل والسعودية له بحد ذاته أهمية هائلة.

المطالب الأساس للرياض: ضمانات امنية أميركية تقوم على أساس حلف دفاع، وصفقات سلاح متقدمة، ومنطقة تجارة حرة. هذه مطالب يمكن لإسرائيل أن تقبلها على افتراض أن تفوقها النوعي (Qualitative Military Edge) سيحافظ عليه.

المشكلة الأساس هي المطالبات السعودية بنووي “مدني”. فالسعوديون يطالبون بدائرة وقود نووية مستقلة وكاملة: التنقيب عن اليورانيوم، وجعله “عجينة صفراء”، وتحويله الى غاز (UF6)، وتخصيبه الى المستوى اللازم لانتاج قضبان وقود نووي لمفاعلات كهربائية. القدرات مطلوبة على ارض السعودية، المستعدة للاشراف والرقابة من الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنع الاستخدام العسكري في المستقبل. المطالب خطيرة على إسرائيل وعلى المنطقة، لكن يبدو أن إسرائيل مستعدة مبدئيا لقبول المطالب، ويبحث طواقم من الخبراء الإسرائيليين والاميركيين عن السبل لـ “تربيع الدائرة”.

الموضوع الفلسطيني لم ينسَ، وتدفع به الولايات المتحدة أساسا. اما السعوديون فانهم سيرفقونه على ما يبدو لاحقا، وسيتعين على إسرائيل أن تتنازل في شيء ما كي تحقق التطبيع.

من المحظور التشوش – سلم الأولويات الإسرائيلية يجب ان يكون واضحا: لم يدحر منع اتفاق نووي سيئ في ضجيج الصفقة السعودية او التطلع الى حلف الدفاع.

تستند المطالبات السعودية الى سوابق الاتفاق النووي السيئ الذي منح إيران تخصيبا مستقلا وتطوير أجهزة طرد مركزي متطورة. وعلى نهج السعوديين فانه اذا كان الإيرانيون، الذين خدعوا العالم تلقوا تخصيبا مستقلا فلماذا لا ينطبق هذا عليهم؟ وهذه الحجة ستستخدمها دول أخرى في المنطقة مثل مصر، الامارات، وتركيا. ودون صلة بالقيود التي ستفرض في السعودية، فان مجرد وجود التخصيب في السعودية هو المشكلة.

النواقص في حلف الدفاع

المشكلة المركزية هي في مجرد الطلب. فطرح الحاجة ينقل رسالة بان إسرائيل لا تؤمن بقوتها وقدرتها في الدفاع عن نفسها بقواها الذاتية. الصيغة النهائية لا تهم، إذ ان الحلف سيكسر بيقين الفهم التاريخي بأن إسرائيل لا تطلب ان يموت جنود اميركيون من اجلها في إسرائيل. ستكون بيقين حالات تستدعى فيها قوة أميركية للعمل في الشرق الأوسط، على الأقل في حالات التهديد الوجودي، القابل للتفسيرات. ولاجل تحقيق فضائل الحلف سيكتب في النص: “الهجوم على احد أعضاء الحلف سيعد هجوما على الحلفاء، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معان”.

لكن المشكلة اعمق بكثير. فحسب المادة 5 في حلف الناتو، الذي هو مستوى الضمانة الأمنية الأعلى التي تمنحها الولايات المتحدة لحلفائها، فان الولايات المتحدة لن تحميها في حالة أنها فتحت هجوما مانعا بمعنى أنها بيقين لن تحمي أي دولة مع مستوى حلف ادنى من ذلك، كاسرائيل وكالسعودية التي تهاجم إيران في هجوم مانع، كما هو متوقع. لمزيد من الدقة، فان الولايات المتحدة لن تكون ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل. وعليه فان عرض الحلف وكأنه يحسن حرية العمل مغلوط تماما.

الحلف قد يتسبب بضرر قاس للردع الإسرائيلي. وهو سيؤدي الى انطباع إيراني بان إسرائيل تنضم الى الولايات المتحدة وتحتوي إيران نووية. وانهم طالما لم يجتازوا “خطاً احمر”، وهمياً وغير مهم، فانهم سيبقون محصنين وسيدخلون الى مكانة دولة عتبة نووية. سيعطي الحلف سببا آخر ومغلوطا لعدم مهاجمة إيران والبنى التحتية والمنشآت الخطيرة التي بناها “حزب الله” في لبنان، بما في ذلك لانتاج سلاح دقيق، بدعم وتمويل من إيران. عمليا الولايات المتحدة قد تدافع عن إسرائيل لكن هذا منوط بمن سيكون الرئيس وماذا سيكون سلم الأولويات الأميركي. حين ترغب، ستجد الولايات المتحدة الطريق للخروج من الحلف مثلما حصل في تايوان.

سيكون خطأً جسيماً ربط الاتفاق والتطبيع مع السعودية بحلف دفاع. سيكون غريباً ان تطلب إسرائيل من الولايات المتحدة حلفاً كي تتلقى ما تريده ويمكنها أن تتلقاه بدونه. فلماذا “تدفع” الولايات المتحدة بحلف كي تفعل إسرائيل ما هو خير لها؟ بالمقابل فان الولايات المتحدة ملزمة بدعم إسرائيلي، اكثر من أي وقت مضى، كي تمرر في الكونغرس الاتفاق الأميركي – السعودي، وإسرائيل يمكنها أن تتلقى كل شيء بدون حلف.

كما أن الحلف سيضعضع الدعم في مواضيع هامة بدعوى أنها يجعلها زائدة، او يمكن تقليصها/اضعافها. وستفحص مذكرة التفاهم (MOU) الجديدة و(QME)، القاصية بحجم ونوعية مرابطة منظومات أميركية مسبقا في إسرائيل، الحاجة لتعاون واسع وحساس في البحث والتطوير وفي التكنولوجيا، وغيرها.

ستتقلص بالتأكيد حرية العمل حيال إيران، روسيا، والصين كون الحلف سيحرك الولايات المتحدة لممارسة الضغط على إسرائيل لمنع التصعيد والمواجهة اللذين يستوجبان تدخلا أميركيا. وحتى لو ضمن الا تكون إسرائيل ملزمة بالتشاور او باخذ الاذون، فسيتعين على إسرائيل أن تتشاور.

فضائل الحلف

تقوم الفضائل في معظمها على أساس التفسير، الذي يجعل النواقص فضائل: سينقل الاتفاق رسالة بان الولايات المتحدة تقف من خلف إسرائيل، وان المس بها يساوي المس بالولايات المتحدة، وعليه فان الحلف قد يزيد الردع وحرية العمل. وسيرفع الحلف مستوى العلاقات الإسرائيلية – الاميركية لسنوات عديدة، وسيضم مسبقا كجزء من الاتفاق الكونغرس الذي سيقره بأغلبية 67 سناتورا. سيخلق الحلف دافعا أميركيا لمنع التصعيد، وعليه فان إسرائيل ستحصل تقريبا على كل ما تطلبه لمنع مواجهة تلزم الولايات المتحدة بالتدخل.

من التحليل يتبين بوضوح ان النواقص اكبر بكثير من الفضائل، وان التوصية هي الا يتم الدفع قدما بالحلف في هذه المرحلة، كسلفة لقاء الدعم لاقرار الصفقة السعودية في الكونغرس.

ان الطريق الصحيحة للتقدم في الصفقة السعودية، التي تؤدي الى التطبيع وتلغي طلب دائرة وقود مستقلة، وتلغي اتفاقات سيئة مع إيران وتلغي الحاجة الى الحلف، هي تفعيل آلية سناب باك وإعادة كل عقوبات مجلس الامن التي رفعت في 2015 بما في ذلك الحظر المطلق على تخصيب اليورانيوم في إيران. مثل هذا الطلب حتى لو لم يتم بسبب الاعتراض الإيراني، سيسحب البساط من تحت مطالب التخصيب السعودية، وسيسمح بصفقة سعودية – أميركية – إسرائيلية، دون تهديد نووي من السعودية ودون حلف دفاع “خطير” وسيسمح بعمل إسرائيلي – اميركي – سعودي منسق ضد النووي الإيراني.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى