ترجمات عبرية

هآرتس: الصفـقـة وسياقهـــا: التـغـيرات تسـبـق إسرائيـل وتفاجئهـــا

هآرتس 6-5-2024، تسفي برئيل: الصفـقـة وسياقهـــا: التـغـيرات تسـبـق إسرائيـل وتفاجئهـــا

تحتاج التقارير المتواترة حول صفقة تبادل قريبة إلى تعامل حذر. فـ»حماس» حتى الآن لم تنشر أي بيان رسمي، ووثيقة الموافقة التي كان يمكن لـ»حماس» إرسالها إلى المصريين لم يتم تقديمها حتى أمس، ونحن لا نعرف إذا كان رد «حماس» سيكون كافيا لتحييد جميع الألغام التي عوقت حتى الآن استكمال الصفقة بشكل يمكن لحكومة اسرائيل، على الأقل معظمها، المصادقة عليها.

لكن حسب هذه التقارير، إذا كانت دقيقة، يمكن الاستنتاج أنه تم وضع الأسس الحيوية للتقدم نحو تنفيذ المرحلة الأولى للصفقة. وحسب التقرير المفصل الذي نشر، أمس، في موقع صحيفة «الشرق» السعودية فإن هذه المرحلة ستشمل إطلاق سراح 33 مخطوفا إسرائيليا، من بينهم مدنيون وجنود، مقابل إطلاق سراح حوالى ألف من السجناء الفلسطينيين. سكان القطاع الذين هربوا من الشمال يمكنهم العودة إلى بيوتهم، وقوات الجيش الإسرائيلي ستنسحب من المناطق التي سيعود إليها النازحون. هذه المرحلة يمكن أن تستمر مدة 16 يوما، سيكون فيها وقف مؤقت لإطلاق النار، وبعد ذلك ستبدأ النقاشات حول شروط تطبيق وقف دائم لإطلاق النار. في المرحلة الثانية، التي ستستمر 42 يوما، سيتم إجراء مفاوضات حول إطلاق سراح المخطوفين المتبقين، بما في ذلك الضباط والجنود، مقابل إطلاق سراح عدد آخر من السجناء الفلسطينيين. وفي المرحلة الثالثة، التي ستستمر 42 يوما، سيتم إجراء مفاوضات حول الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من القطاع بعد تبادل جثامين القتلى الاسرائيليين والقتلى الفلسطينيين التي توجد لدى اسرائيل.

يجب التأكيد على أن هذا هو فقط تقرير من بين تقارير وتفاصيل كثيرة أخرى نشرت في وسائل الإعلام العربية. ونحن لا نعرف كم هي دقة هذا التقرير. غير المعروف هو ماذا سيكون رد الحكومة الإسرائيلية بعد تسلم رد «حماس» النهائي.

أمام علامات الاستفهام الكثيرة التي تطرح من التقارير، يوجد يقين حول مجال واحد وهو أن اسرائيل لا توجد لها حتى الآن خطة استراتيجية للسيطرة على غزة وإدارتها، سواء فشلت صفقة المخطوفين أو تم استكمالها واجتازت جميع العقبات. في اسرائيل بدأت، أمس، نفس «الهستيريا»، كما وصفها بني غانتس، عندما قامت «جهات سياسية» لا يصعب تخمينها، بالتوضيح أن الحرب ستستمر مع الصفقة أو بدونها، وأن احتلال رفح لا يعتبر جزءا من المعادلة التي تشمل وقف إطلاق النار. لكن دعوات الحرب هذه لا تتساوق مع الإدراك، ومع الموافقة التي أعطيت لـ»حماس»، بأنها ستحصل على ضمانات أميركية وعربية لوقف إطلاق النار وبعد ذلك وقف الحرب. هذه الضمانات، التي حسب بعض التقارير تم إعطاؤها لـ»حماس» هي شرط رئيس لمجرد وجود الصفقة، حيث إنها ستضمن قدرة مئات آلاف النازحين الفلسطينيين في غزة على العودة إلى شمال القطاع بشكل آمن.

في هذه المرحلة، يبرز غياب التخطيط الذي يضع اسرائيل أمام واقع لم تستعد له. فبدون البنى التحتية لشبكات المياه والكهرباء وبدون مستشفيات تعمل وبدون عيادات وبدون مواد بناء تمكن من إعادة الإعمار، حتى لو بشكل مؤقت وارتجالي، للمنازل، وبدون إدارة مدنية يمكنها تمثيل السكان أمام الجيش الإسرائيلي، فإن اسرائيل ستضطر إلى أن تتخذ بسرعة عدة خطوات، التي كان يجب القيام بها قبل اشهر. هل ستقوم بتأسيس حكم عسكري إسرائيلي في شمال القطاع، خلافا للموقف الأميركي؟ هل ستقوم بتعيين مجموعات للإدارة المحلية، إذا وُجدت كهذه بين الوجهاء، رؤساء عصابات أو رؤساء حمائل أو موظفون عملوا تحت حكم «حماس»، أو ربما التراجع عن الموقف الأيديولوجي والسماح للسلطة الفلسطينية بالبدء في إدارة القطاع، على فرض أنها ستوافق على تحمل هذه المهمة الثقيلة كمقاول من الباطن لإسرائيل.

لا يمكن المبالغة بإلحاحية هذه الخطوات لأنه عندما سيبدأ مئات آلاف السكان الغزيين بالانتقال إلى شمال القطاع، وقوافل المساعدات الإنسانية أيضا، حتى لو ازدادت بشكل كبير عندما سيبدأ الميناء المؤقت الذي تقوم بإقامته الولايات المتحدة بالعمل، فإنهم لن يستطيعوا الاكتفاء فقط بالمعلبات والأرز وصناديق الإسعاف الأولي. التعامل مع السكان سيكون معقدا ومركبا، اكثر حتى مما عرفته اسرائيل حتى الآن لأنه حسب شروط صفقة التبادل فإن الجيش الإسرائيلي سيكون عليه عدم التواجد في المناطق المأهولة في شمال القطاع. هكذا فإنه حتى لو فُرض عليه العمل في الإدارة المدنية المباشرة فهو سيجد صعوبة في ذلك بدون خرق قواعد الصفقة. هكذا فإنه بدون تدخل السلطة الفلسطينية وعلى فرض أن أي قوة عربية أخرى لن توافق على القيام بدور السلطة الفلسطينية فإنه من المؤكد أن قوات «حماس» ستعود وتصبح صاحبة البيت.

إذا افترضنا أن المرحلة الأولى للصفقة التي ستستمر 16 يوما ستخرج إلى حيز التنفيذ فإنه لا يوجد لدى اسرائيل أي خطة لكيفية التصرف إذا فشلت المرحلة الثانية. لأنه في هذا الوضع، الجيش الإسرائيلي سيضطر إلى التعامل مع عشرات أو مئات آلاف الغزيين الذين عادوا إلى شمال القطاع. وفي الوقت نفسه إيجاد حل لمليون مواطن في رفح، الذين لا يوجد لإسرائيل بخصوصهم أي خطة عمل واقعية، في الوقت الذي فيه الخطط التي عرضتها اسرائيل على الأميركيين حول هذا الموضوع هي غير كافية. بالمناسبة، هذا الطريق المسدود سيستمر في البقاء حتى لو قررت اسرائيل التنازل عن احتلال رفح، سواء استيقظ رئيس الحكومة غير المتوقع أو أن أداة الضغط الأميركية ستلقي بكل الثقل على رأس اسرائيل.

إذا تحقق الأمل في أن كل مراحل الصفقة استكملت حسب الجدول الزمني الذي نشر عنه في وسائل الإعلام العربية فإن الحديث يدور عن وقف لإطلاق النار مدة 142 يوما وفقا للتفاهمات التي سيتم التوصل إليها حول إطلاق سراح جميع المخطوفين، بما في ذلك الجنود، أي خمسة اشهر، تقريبا مثل الفترة التي استمرت فيها الحرب.

في هذه الفترة الطويلة، وفي الوقت الذي تكون فيه اسرائيل مترددة حول كيفية إدارة القطاع في ظل قيود وقف إطلاق النار والضغط الدولي، فإن الساحة الفلسطينية بالذات يمكن أن تقدم حلولا أصيلة تؤثر على مصير القطاع. قيادة «حماس» الخارج، التي تهتم بمستقبلها ومستقبل «حماس»، تستمر في الدفع قدما بفكرة المصالحة مع «فتح». كبار قادتها الذين التقوا في الأسبوع الماضي ممثلي حركة فتح في الصين يعملون على صياغة «خطوط أساسية» جديدة تمكن من انضمام (حماس) لـ»م.ت.ف»، وهي الفكرة التي تدفعها قدما مجموعة من أبناء الجيل الشاب في «فتح».

في موقع «الشرق» السعودية، الذي نشر تفاصيل صفقة المخطوفين، نشر، أمس، أن «حماس» طلبت إطلاق سراح مروان البرغوثي، وأن اسرائيل توافق على ذلك شريطة أن يتم طرده إلى غزة. ومثل التقارير الأخرى عن تفاصيل الصفقة فإنه من غير الواضح إلى أي درجة هذه المعلومات موثوقة، لكن في السابق فإن «حماس» طلبت في كل صفقة تبادل إطلاق سراح البرغوثي، الذي يحصل على الدعم الجارف في أوساط الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. إطلاق سراح البرغوثي يمكن أن يكون انعطافة، تضع الأسس لإعادة بناء القيادة الفلسطينية.

البرغوثي، الذي هو من صائغي «وثيقة الأسرى» من العام 2006 التي وافقت فيها كل الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك «حماس»، على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس، عمل من داخل السجن على الدفع قدما بالمصالحة بين «حماس» و»فتح» من اجل إعطاء «م.ت.ف» شرعية واسعة كمنظمة تمثل بشكل حصري جميع الفلسطينيين. «م.ت.ف» هي المنظمة التي وقعت على اتفاقات أوسلو، وهي مصدر الصلاحيات للسلطة الفلسطينية. «م.ت.ف» «محدثة» تشمل «حماس»، ستضمن، ليس فقط، بقاءها السياسي، بل هي يمكن أن تكون العنوان المخول لإدارة القطاع والضفة الغربية، وهي التي ستحصل على الدعم الدولي. هكذا، في حين أنهم في اسرائيل يفحصون بتوتر التقارير عن نية واستعداد قطر لطرد قيادة «حماس» من أراضيها وكأن حياة المنظمة مرهونة بذلك، فإنه في فلسطين تتطور عمليات لا يوجد لإسرائيل مقابلها أي استراتيجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى