ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم– بقلم  جلال البنا – هذه ليست حربا أهلية

إسرائيل اليوم– بقلم  جلال البنا – 6/10/2021

” ليس صحيحا ان اليهودي لا يمكن ان يدخل قرية عربية وانعدام الثقة هذا هو ما يجب ان يعالج “.

من قرأ مقال ارنون ايتيئيل في هذه الصفحة (“عيون مفتوحة” 5/10) ولا يعرفون دولة اسرائيل او الجمهور العربي هنا، قد يأخذوا الانطباع المهدد بان دولة اسرائيل على شفا التفكك،  لا تختلف كثيرا عن لبنان أو ليبيا او حتى عن العراق، ولتوهم فان العرب “العدو” على حد تعريفه، سينهون الثورة، ومشكوك ان يبقوا هنا يهوديا واحدا. 

من المؤسف انه بعد اكثر من سبعة عقود على قيامها لا يزال يسود في دولة اسرائيل خوف، وللدقة تخويف، يقوم على انعدام المعرفة وعلى رفض الاعتراف بالواقع.

“دولة اسرائيل تعيش حربا اهلية”، يقول ايتيئيل ويحرص على ان يؤكد بان “اولادنا”، والمقصود اليهود فقط، “يشكلون اكياس  ضرب  بتكليف من حكومة احد لم ينتخبها”، هذا مصدر الخطأ، والتضليل: دولة اسرائيل لا توجد في حرب اهلية، ولكن مجرد التعريف يوفر اطلالة لما يفكر به الكثيرون في الجمهور عن  علاقات الدولة مع مواطنيها العرب. مجرد الفكرة، عديمة كل اساس، وكأنه توجد هنا حرب، حرب دينية وثقافية او حرب وطنية، هي انتصار لمن حقا يريد ان يدق هنا طبول الحرب. اقلية متطرفة وكفاحية تحقق انتصارا في حرب وهمية، واغلبية سوية، معتدلة وبراغماتية تخسر في حرب  لم تشرع بها ابدا. 

ان قول ايتيئيل بان مناطق كاملة في البلاد هي “خارج النطاق الاقليمي” وليست جزءا من دولة اسرائيل، قد تكون صحيحة على المستوى المدني، ولكن ليس الامني. نعم، الدولة تركت لمصيرها مناطق كاملة من عشرات البلدات العربية وجعلت هذه القرى والمدن ساحة خلفية للدولة، ولا يهم اذا كانت في المحيط البعيد في النقب او الجليل او على مقربة من مدن المركز. كانت هذه سياسة مقصودة في الستينيات والسبعينيات والدولة فهمت خطأها الكبير قبل اقل من عقدين، ربما بعد احداث اكتوبر 2000 التي هزت سواء الجمهور العربي ام الدولة،  مؤسساتها والجمهور اليهودي.

ان الاعتداء القاسي على افراد ا لشرطة في كفر قاسم لم يكن مفاجئا على نحو خاص. فشرطة اسرائيل، التي لا تنجح في القضاء على العنف في المجتمع العربي، تعتبر منذ الان، عن حق ام عن غير حق، كجزء من المشكلة وليس الحل. منذ بضع سنوات وهي تفقد باستمرار قدرة الردع، والكثير  من الشبان العرب يوثقون ويرفعون الى الشبكات الاجتماعية كل احتكاك وكل اشتباك مع شرطيلاهانته. ينبغي شجب كل مس بالشرطة. ولكن الحقيقة هي ان الكثير من الشبان في المجتمع العربي يؤمنون بان لديهم اكثر من احتمال في ان ينهوا لقاء مع دورية شرطة، حتى وان بالصدفة، بالعنف، بل وربما بالموت من أن يحصلوا على مساعدة. انعدام الثقة هذه يمكن ويجب أن تعالج، ومرغوب فيه دون تصويرات حرب زائدة. 

كمن يسكن في منطقة الجليل، يعمل مع السكان اليهود، يعيش في حي باب بجانب الباب مع عائلات واصدقاء يهود، انا ايضا لا اقبل قول ايتيئيل ان يهوديا يدخل الى بلدة عربية يضع روحه على كفه. لا حاجة لاكثر من عدة ساعات في بلدات الجليل من اجل رؤية وفهم كم هي العلاقة اليهودية – العربية عميقة، كم هو الوجود المشترك يجب تعبيره في كل مستويات الحياة، في الاعمال، في المستشفيات ومؤسسات التعليم العالي. وبالتأكيد الان، حين تقف دولة اسرائيل امام تحد مركب جدا، من واجبنا، فما بالك من واجب الحكومة واذرعها، تعميق علاقات اليهود – العرب وتعزيز الوجود المشترك في كل مكان وفي كل مجال.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى