يديعوت: وثيقة الإيضاحات التي تضع مصاعب على المفاوضات والزمن الذي ينفد؟
يديعوت 14/8/2024، رونين بيرغمان: وثيقة الإيضاحات التي تضع مصاعب على المفاوضات والزمن الذي ينفد؟
مسؤول كبير في احدى الدول الوسيطة سأل إسرائيليا مُطلع على تفاصيل المفاوضات: “قل، لعلك تعرف من كل المحادثات التي اجريتها مع طاقم المفاوضات في إسرائيل، هل لديهم أي فكرة عما سيحصل في القمة في الدوحة؟ كيف سيتم التغلب على العوائق التي يعدها نتنياهو للاتفاق؟ سمعت انه عندكم يسمون هذه عنزات. لعلك تعرف لماذا يسمونها عنزات؟ فهذه حيوان لطيف أليس كذلك؟ فلماذا يلصق بها وصف سلبي؟”.
“الحقيقة هي اني لا اعرف الجواب عن السؤالين”، أجاب الإسرائيلي. “لا اعرف لماذا يسمونها عنزات، ولا عما سيتحدثون وكيف ستعالج هذه العنزات”.
فأجاب الوسيط: “هذا ما تخوفت منه. ان نصل الى هناك لانه من المهم تحريك وإدارة المفاوضات، لكن سرعان ما سنعلق لانه توجد هنا سلسلة من المشاكل التي لا يمكن الجسر عليها. لعل لدى الأمريكيين ارنب ما في القبعة، اذ بدونه ستعلق المفاوضات لزمن طويل آخر.
الوثيقة التي تعرض الاتصالات للخطر
الرأي الذي يقول ان الوثيقة من صفحتين التي سلمتها إسرائيل للوسطاء تجعل المفاوضات تعلق تماما – يتشارك فيه الدولة الوسيطة الثلاثة، وفي الغالب أعضاء طاقم المفاوضات وكبار المسؤولين المشاركين فيها من إسرائيل. هؤلاء الأشخاص، رجال مخابرات، دبلوماسية ومفاوضات كبار من اربع دول، يعتقدون بان الوثيقة تتضمن إضافات او تعديلات على المقترح الذي اقترحته إسرائيل، بعضها عودة الى الوراء لامور سبق أن تنازلت عنها.
وقالت محافل مقربة من المفاوضات في حديثها مع نتنياهو ومع صحافيين في الأسابيع الأخيرة ان نتنياهو ادخل هذه الشروط الجديدة كي يعرقل المفاوضات كي لا تنجح هذه الى صفقة يخشاها كونه يفضل وحدة ائتلافه فوق حياة المخطوفين.
نتنياهو نفى هذه الادعاءات المرة تلو الأخرى.
بعد وقت قصير من نشر “نيويورك تايمز” الوثائق الداخلية في المفاوضات نشر مكتبه بالعبرية تصريحا سلم لـ “التايمز” بالانجليزية جاء فيه بان “الادعاء بان رئيس الوزراء نتنياهو أضاف مطالب جديدة لاتفاق الاطار في 27 أيار هو ادعاء كاذب. فمسودة 27 تموز لا تتضمن شروطا جديدة ولا تتناقض مع اتفاق اطار 27 أيار. حماس هي التي طالبت بـ 29 تعديلا – الامر الذي رفضه رئيس الوزراء”.
هذا بيان غريب ليس فقط لانه يتضمن ادعاءات “غير حقيقية” تثني عليه، وليس فقط لانه يتجاهل بعض بنود الكتاب، بل وأيضا بانه يتناول ادعاءات لم تطرح في التقرير الصحفي او في وسائل الاعلام.
“انظروا اليه كم يتعذب وهو يعرض هذه الأمور”، قال المصدر الكبير من احدى الدول الوسيطة عن رئيس الموساد دادي برنياع حين بلغ قبل أسبوعين في قمة روما عن “إيضاحات” رئيس وزراء إسرائيل. وطلب رئيس الوزراء القطري من برنياع ان يضع ما قاله خطيا بانه اذا لم تفعل إسرائيل ذلك فلا معنى للاستمرار.
ومشكوك فيه ان يكون للمخطوفين الأسابيع التي سيستغرقها وضع الوثيقة والمداولات التي ستتلوها. في إسرائيل اخروا وضع الوثيقة واملوا في أن بضغط مشترك من الطاقم هنا، مع بايدن في واشنطن سيتراجع نتنياهو عن الإضافات. آمال عظام، بايدن وطاقمه أيضا اخذوا الانطباع بان نتنياهو قبل بموقفهم – اما عمليا، ففي ما ارسل في نهاية الامر كانت نتائج الضغط صغيرة جدا حتى صفرية.
الكتاب للدول الوسيطة التي يحمل عنوان “إيضاحات للمرحلة الأولى من تطبيق مسودة اتفاق 27/5″، هو الكثير من الأمور، لكن الإيضاحات ليست هي البارزة فيه.
القليلون الذين اطلعوا عليه فهموا على الفور بانه في غالبيته العظمى هو أمور جديدة، إضافات وتعديلات وكل هذه على اتفاق الاطار الذي تقدمت به إسرائيل، بمعنى ذاك الذي قالت إسرائيل انه يمكن التوقيع عليه.
يمكن؟ ليس حقا إذ حتى قبل ان تحل بضع مشاكل صعبة متبقية، حتى بعد أن سحبت حماس معظم اعتراضاتها عليه، هبط “كتاب الإيضاحات”.
بين فيلادلفيا ونتساريم
هاكم نماذج عن “إيضاحات” ليست شروطا جديدة: في البند الأول تعلن إسرائيل بانها ستنسحب من القطاع وفقا للخرائط المرفقة كملاحق. حماس طالبت في الماضي بان تشار في المسودة صراحة بان إسرائيل ستنسحب من محور فيلادلفيا. القطريون، استنادا الى ما سمعوه من إسرائيل قالوا ان لا حاجة لذكر اسم كل منطقة، يكفي ان يكون مكتوبا بان إسرائيل ستنسحب من كل القطاع. “لا تقلقوا، حين تتلقوا الخرائط، في نهاية العملية، سترون ان إسرائيل انسحبت من محور فيلادلفيا”. الخرائط تظهر هذا بالضبط، لكن العكس. في محيط نتنياهو يدعون بان “اطار 27 أيار لم يتناول محور فيلادلفيا ومعبر رفح لان إسرائيل لم تكن هناك والموضوع لم يكن ذا صلة. هذا أيضا، ليس حقا تماما. فعندما قدم اتفاق الاطار احتل معبر رفح منذ زمن بعيد الى جانب معظم محور فيلادلفيا التي اكتملت السيطرة عليه بعد يومين حسب الخطة.
إسرائيل سبق أن تنازلت عن تواجدها من كل محور نتساريم ووافقت على استبدال هذا بفيلادلفيا بترتيبات امنية بضمانات أمريكية وبموافقة مصرية بما في ذلك المجسات وباقي التكنولوجيات. ليس إعادة ربط في الواقع، كما يخيل، هو الذي بعث الحاجة للتراجع والمطالبة بتواجد في المحورين بل اعلان الوزيرة ستروك بانه بدون هذا التواجد حزبها سيفكك الائتلاف.
مسألة نتساريم كانت في مركز الخلاف لاشهر طويلة، حين طالبت حماس بعودة النازحين دون عراقيل وإزالة التواجد من جزء من المحور على الأقل. في النهاية قرر الجيش بان هذا ليس هاما جدا بحيث يعيق الصفقة وان لديه ما يكفي من الحلول لمواجهة موضوع عودة النازحين الى الشمال. فازيلت كل المطالبات بالحواجز وبالتفتيشات. في المقترح الإسرائيلي في 27 أيار كتب فقط انه بعد ان تنسحب إسرائيل من جزء من المحور “تبدأ عودة النازحين الى أماكن سكناهم (دون حمل سلاح في زمن العودة)”، جملة هي ليست حليب ولا لحم من نوع الصياغات التي تطرح في المفاوضات لاعطاء الطرفين إحساسا بانهما كسبا شيئا ما. الوسطاء تنفسوا الصعداء. عائق جدي ازيل.
لكن في واقع الامر لا. نتنياهو اعلن شفويا بانه يطالب بإيجاد آلية رقابة واشراف على العائدين، أي بالضبط الامر الذي تنازل عنه من قبل. لاحقا وافق نتنياهو عن مطلب صريح “لاقامة آلية” تشرف على عودة النازحين شمالا. ووافق نتنياهو على الاكتفاء بان يكتب ان عودة النازحين بلا سلاح “تضمن وتطبق بشكل متفق عليه”. عمليا، لا معنى لذلك، لان هذه الصيغة معناها عودة الى الوراء الى جدال لا حل له بين حماس وإسرائيل في الموضوع.
أمس، بعد النشر في “التايمز” لم ينجح مكتب نتنياهو في ضبط النفس وحتى هذا التنازل الصغير، شطبه، وكتب ان وثيقة الإيضاحات هي عن “الحاجة الى إقامة آلية فحص متفق عليها” وهنا “لا حقيقة” مرتين في أن الولايات المتحدة اقترحت هذا وان في واقع الامر هذا كله “وفقا لما اقترح في اتفاق اطار 27 أيار”. لا، هي لم تقترح، وهذا ليس مكتوبا هناك على الاطلاق.
يمكن ان نواصل اكثر فأكثر في التجديدات وفي التراجعات التي يطالب بها كتاب “الإيضاحات”. اشهر طويلة أخرت مسألة قوائم المحررين المفاوضات. مطلب طرحه نتنياهو وحماس رفضته. في نهاية الامر تراجعت إسرائيل عن هذا المطلب الذي التأخير بسببه كلف حياة غير قليل من المخطوفين. لكنها تنازلت فقط كي تعود اليه في كتاب الإيضاحات – إسرائيل تدخل في الملحق الثاني قائمة كل من برأيها ينبغي أن يندرج في محرري المرحلة الأولى، المرحلة الإنسانية. “اين حيلة نتنياهو هنا؟”، يتساءل مصدر مطلع على التفاصيل، “بانه لا جدال حول تعريف امرأة او رجل فوق سن معين، لكن يوجد جدال حول من يعرف “مريض”. حماس يمكنها ان تدعي بان فلانا ليس مريضا برأيها او ليس مريضا ما يكفي كي يدخل الى القائمة – واذا بك تعلق مرة أخرى لاسابيع واشهر من الجدالات”.
البند الأصعب هو البند الذي قيل فيه انه “ستجرى ترتيبات إعادة فتح معبر رفح، لعبور المرضى والجرحى وعبور البضائع والتجارة”.
الكلمة ترتيبات تتضمن مطلب إسرائيلي بان تتمكن من التأكيد من الا يدخل عبر المعبر وسائل قتالية وعتاد عسكري. لكن كل الجهات تفهم بان مصر وحماس لن توافقا على ان يكون في المعبر غير فلسطينيين. ويقول المصدر الإسرائيلي انه “توجد امكانيتان، إما ان يكون هؤلاء من حماس او ان يكونوا من السلطة الفلسطينية. وفي الحالتين نتنياهو غير مستعد لان يوافق لان ستروك وسموتريتش سيفككان الحكومة. وهذا عائق مطلق، غير قابل للعبور وهذا عالق تماما”.