يديعوت احرونوت: وحل لبناني ام نموذج لبناني

يديعوت احرونوت 30/6/2025، ميخائيل ميلشتاين: وحل لبناني ام نموذج لبناني
ثلاثة اشهر ونصف الشهر منذ استؤنف القتال في القطاع تبدو واضحة فجوة عميقة في تحقيق الهدفين الأعلى للحرب: إبادة القدرات السلطوية والعسكرية لحماس، وتحرير كل المخطوفين. صحيح أن حماس تلقت ضربة قاسية (تصفية زعماء أساسا)، والجيش يسيطر في معظم القطاع، لكن المنظمة لا تزال سائدة في الميدان – تنجح في خوض القتال والسيطرة في المجال العام (لا فوضى، ما يسود في الخطاب الإسرائيلي)، توجد سلسلة قيادة وعملية اتخاذ قرارات؛ لا يوجد اضطراب جماهيري ولم ينمو بديل محلي؛ الضغط المتزايد لم يلين المواقف في موضوع المخطوفين (تحرير عيدان الكسندر كان بادرة طيبة تجاه ترامب)؛ والمشاريع التي يتم العمل عليها، وعلى رأسها آلية توزيع المساعدات وتسليح الميلشيات، تتراوح بين التعثر والفشل.
لقد أجرت إسرائيل التفافة كبيرة كي تكتشف بانها تقف امام مفترق T استراتيجي نفسه مثلما كان قبل اكثر من سنة، يتضمن بديلين سيئين: من جهة احتلال كل القطاع، ومن الجهة الأخرى – تسوية بثمن أليم لانهاء الحرب والانسحاب. يدور الحديث عن خيار بين نموذج الوحل اللبناني الذي كان حتى العام 2000، وبين النموذج الذي يطبق في لبنان منذ نهاية 2024، وفي اطاره تتواصل الاعمال الجارية ضد التهديدات، لكن دون ادعاء بابادة حزب ايلله، احتلال اراضٍ من لبنان، او تغيير وعي الجمهور في الدولة.
في الوسط تتطور أخيلة تدعي الوصول الى التفاؤل: ابداء ثقة في القدرة على هزم حماس في غضون اشهر معدودة (دون الشرح ما هي تداعيات احتلال كل غزة، وفي ظل التغطية على حقيقة أن دوافع احتلال كل غزة في معظمها هي أيديولوجية تحت غطاء حجج استراتيجية)؛ إقامة جيوب تسيطر عليها مراكز قوة مشكوك فيها كبديل لحماس (مغامرة تنطوي على تسليح ميليشيا أبو شباب في رفح ومن شأنها ان تكون سيفا مرتدا يمس بإسرائيل)؛ وبالطبع – ايمان بتحقيق خطة ترامب لافراغ القطاع من الفلسطينيين فيما أنه عمليا لا توجد أي دولة في العالم توافق على الفكرة او مستعدة للتعاون معها.
لقد عكست حملة “شعب كاللبؤة” تركيزا صحيحا على التهديد المحلي الرئيس الذي تقف امامه إسرائيل. لقد الحقت الخطوة التاريخية ضررا جسيما بالبرنامج النووي لكنها تتبين كجولة أولى في معركة طويلة: ايران ستتطلع باحتمالية عالية لاعادة بناء المشروع النووي، وبالطبع منظومة الصواريخ الباليستية و “طوق النار” الإقليمي. سيستوجب الامر مواصلة التركيز على ايران، فيما أن حربا طويلة في غزة ستصرف الانتباه والجهد، وتلحق ضررا استراتيجيا: استنزاف الجمهور (بخاصة منظومة الاحتياط)، خلافات داخلية ونقد دولي حاد.
ان انهاء الحرب في غزة حيوي أيضا لغرض استنفاد نافذة الفرص الاستراتيجية التي فتحت في الشرق الأوسط مع نهاية المواجهة مع ايران وفي مركزها إمكانية الدفع قدما بعلاقات مع دول عربية، على رأسها السعودية بل وربما مع سوريا ولبنان اللتين شهدتا تغييرا دراماتيكيا في اثناء الحرب. ان استمرار الحرب في غزة، فما بالك ضم مناطق واستئناف الاستيطان في المنطقة ستحبط خطوات التطبيع التي تشكل هدفا استراتيجيا لرؤية ترامب على الطريق لاعادة تصميم الشرق الاوسط. وبالتالي تنطوي ايضا على احتمال توتر بين القدس وواشنطن.
تتخذ إسرائيل نهجا مركبا في المواجهات ضد حزب الله وايران، وتمتنع عن استخدام اصطلاح “مطلق”. الأهداف العليا هي القضاء على التهديد الاستراتيجي في لبنان (بخاصة ترسانة الصواريخ بعيدة المدى ومنظومة الانفاق قرب الحدود)، الى جانب تدمير البرنامج النووي لإيران والمس العميق لمنظومة صواريخها. في الساحتين لا يدور الحديث عن إبادة العدو، هدف كان سيتسبب بانحراف استراتيجي سلبي، مثلما لاح في الخطاب الذي بدأ ينشأ في إسرائيل حول تقويض الحكم في طهران، في اثناء حملة “شعب كاللبؤة”.
ان “النهج المركب” حيوي في القطاع أيضا، مطلوب خيال بعيد وتفاؤل زائد لاجل التصديق بانه سينشأ هناك قريبا واقع محسن بروح نصر مطلق، تبخر حماس وتغيير وعي الغزيين. مؤشرات إيجابية على تبني النهج المركب الواعي برزت مؤخرا في التقارير التي تقول انه ينظر في انهاء الحرب باشتراط السيطرة على منطقة الفصل (حزام امني على طول الحدود)، ترتيبات أمن في فيلادلفيا، والحفاظ على قدرة عمل في القطاع. كل هذه تعكس تراجعا عن هدف احتلال كل غزة بل وعن تقويض حماس.
اذا كانت إسرائيل مقيدة بفريضة “محظور السماح للنازيين بالبقاء على الجدار” فانها ستجد نفسها تحت مليوني غزي في منطقة مصابة بالإرهاب وحرب العصابات مع خطر عزلة دولية وشرخ داخلي حاد – دون تحرير مخطوفين وفي كل مصاعب في التركيز على ايران وتثبيت تعاون استراتيجي إقليمي. مثلما في لبنان، في غزة أيضا سيكون اضطرار بعد الوصول الى تسوية للعمل ضد التهديدات. وان كانت حماس ستواصل الوجود في مثل هذا السيناريو، لكنها ستكون ضعيفة من ناحية عسكرية، مقيدة سياسيا وتحت ملاحقة واحباطات دائمة من جانب إسرائيل. في الخلفية سيكون ممكنا بل وموصى به فحص تغيير عميق للواقع في القطاع في مستقبل ابعد، خطوة تستوجب ثلاثة شروط أساسية لا توجد الان: خطة مفصلة وواعية، اجماع داخلي واسناد خارجي.