يديعوت احرونوت: هكذا يصمم الجيش الإسرائيلي “اليوم التالي” في لبنان
يديعوت احرونوت 14/11/2024، رون بن يشاي: هكذا يصمم الجيش الإسرائيلي “اليوم التالي” في لبنان
الحرب متعددة الساحات التي دخلت في سنتها الثانية تراوح ببطء نحو النهاية. المشكلة هي أن هذا الافول بطيء في الساحة اللبنانية لان المفاوضات السياسية لا تتقدم وبالتالي هناك حاجة لمواصلة المناورة بما يأتي معها من ضحايا. وفي قطاع غزة لا يلوح منحى لاعادة المخطوفين وإقامة حكم مدني بديل لحماس. في هذا الوضع، يعمل الجيش الإسرائيلي في كل واحدة من الساحتين الفاعلتين على تصميم “اليوم التالي” الأمني. من المهم الإشارة الى أن ايران لم تقرر بعد، وذلك على ما يبدو في اعقاب انتخاب ترامب اذا ما وكيف ستوقع علينا ضربة رد ولهذا فان ما سيحصل في ساحة ايران والفروع الأخرى لا يزال مفتوحا، لكن في لبنان وفي غزة وفي الضفة أيضا تتضح صورة الوضع.
في لبنان يعمل الجيش الإسرائيلي الان على تحقيق ثلاثة اهداف عسكرية. الأول هو ممارسة ضغط عسكري لاجل الدفع قدما بتسوية بصيغة قرار الأمم المتحدة 1701 زائد. الزائد هو قدرة الجيش الإسرائيلي على أن يفرض التسوية بقوة اذا لم يقم جيش لبنان واليونيفيل بمهمتهم. حزب الله الذي يمثله رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يحاول من خلال حرب الاستنزاف التي يخوضها الان على الجبهة الإسرائيلية الداخلية ان يمنع حكومة لبنان من تقديم تنازلات لإسرائيل ولتخفيف حدة الموقف الإسرائيلي، واساسا في مسألة فرض تجريد منطقة التماس المجاورة للحدود وجنوب لبنان بعامة حتى الليطاني. 80 في المئة من منظومة الصواريخ والمقذوفات الصاروخية لحزب الله دمر، لكن ما لا يزال لديه يكفي كي يجعل الملايين من سكان إسرائيل يهرعون كل يوم الى الملاجيء. من ناحية حزب الله، هذا انجاز يستنزف قوة الإرادة الإسرائيلية ويمكنه أن يتسبب بتخفيف حدة مطالب إسرائيل في المفاوضات الجارية عبر الوسط هوكشتاين.
مثلما في كل مرة، في مرحلة جديدة في الحرب، واساسا اذا كان الحديث يدور عن منطقة لم يناور الجيش الإسرائيلي فيها بريا، يدفع مقاتلونا ثمنا اعلى بالاصابات لقاء تحطيم قشرة دفاع العدو. حزب الله – الذي علم من الاعلام الإسرائيلي ومن إعلانات السياسيين بان ليس للجيش الإسرائيلي نية للدخول الى خط القرى الثاني – تمترس في هذا الخط، شاهد قواتنا، تعلم أساليب العمل ونظم خلايا المقاومة لديه في منازل القرى التي دخل اليها لواء غولاني أمس. كنتيجة لذلك، نشأت في احد الأماكن معركة في داخل مجموعة مباني كمن فيها مخربو حزب الله لمقاتلي الجيش الإسرائيلي، وفي هذه المعركة، التي استمرت ساعات طويلة قتل ستة مقاتلين من الكتيبة 51 وأصيب بعض آخر. سيصار الى التحقيق في المعركة واستخلاص الدروس لكن منذ الان يمكن أن نرى انه كنتيجة لتقدم قوات الجيش، قلت كمية اطلاق الصواريخ قصيرة المدى.
تدمير “قرى الانطلاق”
قسم هام من الجهد العسكري الإسرائيلي مكرس الان لإحباط هذه النوايا لدى حزب الله. وذلك من خلال جباية ثمن متزايد بقصف سلاح الجو الذي يصبح اشد واكثر تواترا في الضاحية ومناطق أخرى هامة للطائفة الشيعية، بل وبدأ الجيش امس بتحريك القوات من خط القرى اللبنانية المجاورة شمالا وغربا نحو خط القرى الثاني كي يفهم حزب الله بان كل يوم يمر تفقد الطائفة الشيعية المزيد فالمزيد من الأملاك والأشخاص وان حرب الاستنزاف التي يستخدم فيها حزب الله مئات المُسيرات المتبقية لديه، في نهاية الامر تجعل الشيعة في لبنان يدفعون ثمنا باهظا جسديا وسياسيا. هذا كفيل على ما يبدو أن يؤثر أيضا على مفاوض صلب ومجرب مثل بري يقترب عمره من التسعين.
فضلا عن جباية الثمن من حزب الله، والآخذ في التعاظم، يعمل الجيش بريا وجويا بشكل مركز لاجل تدمير منصات الاطلاق ولا سيما للصواريخ قصيرة المدى التي هي السلاح الأساس المتبقي الان لدى حزب الله وكذا لزيادة نسبة اعتراض المُسيرات. العملية ضد المنصات تتم الان على الأرض في لبنان ومن الجو ويمكن التقدير بان في الأيام القريبة القادمة ستقل وتيرة اطلاق الصواريخ نحو شمال إسرائيل حتى خط حيفا والى ما ورائه قليلا. في موضوع المُسيرات طرأ في الأيام الأخيرة طرأ تحسن واضح لقدرة الكشف والاعتراض لدى الجيش. المشكلة الأساس هي انه عندما تنجح مُسيرة في التسلل الى منطقة مأهولة حتى خط الخضيرة يجتهد سلاح الجو لاعتراضها بشكل لا تسقط وتتفجر بقلب البلدات. وبالتالي فان المُسيرات تنجح في الاختفاء والتملص من المروحيات والطائرات القتالية لسلاح الجو وتنجح في الإصابة. لكن نسبة اعتراض المُسيرات في الأيام الأخيرة تحسنت جدا وتقترب من 90 في المئة. في موضوع المنصات لا يزال هناك عمل كثير للقيام به.
الهدف الثاني الذي يعمل الجيش الإسرائيلي على تحقيقه هو اعداد الأرض في لبنان “لليوم التالي” الذي يفترض فيه للجيش الإسرائيلي واليونيفيل أن يمنعوا تواجد مسلح لحزب الله في المنطقة جنوب وغرب الليطاني وبخاصة في منطقة “قرى الانطلاق” الشيعية التي في الجانب اللبناني من الحدود والتي تحولت في معظمها الى اهداف محصنة لانطلاق رجال قوة الرضوان نحو أراضي إسرائيل. امس كنت في كفر كيلا ورأيت كيف أنه بالتوازي مع كشف الثغور المؤدية الى الخنادق او الى مخازن السلاح يحرص الجيش الإسرائيلي على أن يهدم كل بيت يمكن منه المراقبة والقنص بلا أي صعوبة نحو المطلة التي توجد تماما تحت القرية، على مسافة بضع مئات من الأمتار. معظم هذه البيوت، التي تطل وتشرف على المطلة كانت أيضا قواعد لقوة الرضوان. هناك في الأعلى كان مراقبون يجمعون المعلومات الاستخبارية وفي الخنادق والانفاق المحفورة تحت البيت يتجمع السلاح ووسائل القتال استعدادا للهجوم الجسدي على المطلة. كفر كيلا اليوم لم تعد كما كانت قبل بضعة أسابيع. وأشار احد قادة الكتائب في لواء 796، شارون زلينغر، رجل احتياط امس الى أن هذا كان له شرف بل وحتى رضا الوصول لتدمير ذاك البيت الذي شكل موقعا امطر منه حزب الله صواريخ مضادات الدروع ونار القناصة وعليه وعلى قوته حين كان الجيش لا يزال في حالة دفاع، قبل الخروج الى المناورة البرية داخل لبنان. اما الان فالجيش يدمر تلك البيوت او المواقع المحصنة وذلك كي يوضح لاصحابها ولباقي سكان القرية بانه ليس مجديا لهم في المستقبل السماح لحزب الله في استئجار هذه البيوت واستخدامها.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook