يديعوت احرونوت: ننزف حتى الاتفاق
يديعوت احرونوت 1/11/2024، ناحوم برنياع: ننزف حتى الاتفاق
مروحين هي قرية سُنية صغيرة – 220 منزل بالاجمال – تقع على السفوح الغربية لجبل بلاط، شمالي القرية الزراعية زرعيت. أجواء قمم وطلة تحبس الانفاس – من صور والنبطية في لبنان الى خليج حيفا؛ من البحر المتوسط حتى جبل ميرون. الارتفاع يمنح المحتل وهم السيطرة. في 2006 اجتزت القرية في الليل في قوة لواء الكسندروني بقيادة قائد اللواء شلومي كوهن. جئنا من النور – الى ظلام الحرب. لبنان أشاح لنا الوجه.
في بداية الحرب إياها قصف سلاح الجو القرية. قتل بين 18 و 28 مواطنا، معظمهم أطفال. اللبنانيون اسموا الحدث “مذبحة مروحين”. مصب غضبهم على إسرائيل والأمم المتحدة. على إسرائيل لانها سارعت الى القصف وعلى الأمم المتحدة لان جنودها رفضوا فتح بوابات مجالاتهم لمن طلبوا اللجوء. المجالان، في المنطقة التي بين القرية والجدار الحدودي، يحل فيهما اليونيفيل اليوم أيضا. جنود من غينيا يجلسون في مواقعهم ويعبئون التقارير التي لا منفعة منها. إسرائيل طلبت منهم الاخلاء والأمم المتحدة رفضت. الجيش وحزب الله يخوضان الحرب من فوق رؤوسهم.
بالنسبة لمروحين كانت قرية ولم تعد. بداية اختفى السكان. مقاتلو لواء الاحتياط 205 الذين احتلوا القرية وجدوا في المنازل غذاء منتهي تاريخه. السجلات في مبنى المجلس انقطعت قبل سنتين: إما أنه لم يكن مواطنون ليسجلوهم او ان يكون رئيس القرية اخذ آخر السجلات معه. والأكثر تشويقا هو أن الجنود وجدوا وثيقة نقل ملكية على منزل من مواطني محلي لحزب الله. ويوقع على الوثيقة فؤاد شكر الذي كان القائد الأعلى للمنظمة، الثاني فقط لنصرالله، الى أن صفي في بيروت.
مكان السكان احتله جنود الرضوان والدفاع اللوائي. ملأوا منازل القرية بالذخيرة: كله بمواصفات رسمية، مسجل، مصون – جيش مرتب، غني، ممول. مليار دولار خصصت ايران كل سنة لحزب الله. والنتائج ترجمت الى الميدان: مجالات محصنة، ذخيرة، مصانع انتاج، وحدات خاصة، تجنيد وتدريب قوات، عقارات. الجيش الإسرائيلي ينشغل الان في لبنان أساسا بتدمير القيمة من الجو وعلى الأرض.
الاغلاق الذي فرضته إسرائيل على الموانيء، على مطار بيروت ومعابر الحدود الى سوريا، محكم او شبه محكم. يبدو أنه لا يوجد طريق لان تعاد الى حزب الله المخازن التي فقدها – حسب التقدير السائد نحو ثلثي مخزونه من الصواريخ.
نحن نكثر من الاهتمام بما تفعله قوات معادية لإسرائيل في كل الجبهات. ونهتم أقل بما لا تفعله. نظام الأسد يكاد يتعرض كل ليلة لهجمات ينسبها العالم لإسرائيل. في الهجمات أصيبت طرق توريد للبنان والجهات المسؤولة عنها في الجيش السوري. الأسد اختار الا يرد. خطة الحرب لدى نصرالله بنيت على تعاون سوريا. الاف الصواريخ كان يفترض أن تتفجر في الأراضي الإسرائيلية. اما الأسد فقد قرر البقاء على الحياد. ويدعي محللون متفائلون بانه يحاول الان شق طريق جديد، بين المحور الإيراني والمحور السعودي.
للروس توجد طريق خاصة بهم لان يكونوا في القصة والا يكونوا فيها. هم حاضرون في سوريا لكنهم يحافظون على مسافة. سجلوا امامهم النجاعة التي دمر فيها سلاح جونا بطاريات الـ اس 300 التي قدموها للدفاع الجوي الإيراني. فهل سيزودون ايران الان ببطاريات محسنة من طراز اس 400؟ ليس مؤكدا. كل رئيس وزراء إسرائيلي اقترح فكرة على بوتين، من باراك وأولمرت وبينيت حتى نتنياهو سمع على لسانه جوابا قاطعا، “انا افعل فقط ما هو جيد لروسيا”. او كما قال لي ذات مرة إسرائيلي تفاوض مع الروس في الميدان، “الكل يعمل وفقا لمصالحه، لكن لدى الروس هذا متصلب اكثر بكثير. لا توجد لديهم مشاعر”.
المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين الذي وصل الى البلاد أمس، يبدأ جولة المحادثات الحالية في أجواء متفائلة. يبدو ان الجميع يتمنون وقفا للنار في لبنان: الامريكيون، البريطانيون، الفرنسيون، الروس، وربما أيضا الإيرانيون، الحكومة في لبنان، الجيش الإسرائيلي، حزب الله. الأساس هو قرار 1701 لمجلس الامن في 2006. الجدال هو على الشروط المرافقة. في جهاز الامن اعتقدوا أنه سيكون كافيا تحقيق تفاهم مع الولايات المتحدة، في انه اذا ما وعندما ينتهك الاتفاق، سيكون بوسع الجيش الإسرائيلي ان يرد بالنار وبالدخول الى لبنان، بدعم الأمريكيين.
الان، على خلفية الإنجازات العسكرية، على خلفية توقعات السكان في الشمال، على خلفية الثمن الذي تدفعه إسرائيل كل يوم بالدم – 88 شهيدا في أكتوبر فقط، في لبنان، في غزة وامس في المطلة وفي الكريوت – إسرائيل تطالب بمزيد من الضمانات. نتنياهو، الذي خاف من الدخول الى لبنان، يخاف الان الخروج منه.
هدد غالنت بان يعيد لبنان الى العصر الحجري. في مروحين وفي بلدات أخرى قرب الجدار الحدودي تحقق التهديد بكامله. اول أمس، عندما تجولت في المنطقة، ترددت في مسألة ماذا سيحصل هناك بعد أن نخرج؛ ماذا نريد نحن ان يحصل. الجنود الذين التقيت بهم يتخيلون شريطا فارغا من الناس، مقفرا مثلما هو الان. هكذا أيضا سكان الشمال. هل هذا هو الحل الصحيح. هل هذا هو الحل الممكن.
سلاح في كل بيت
قائد لواء المدرعات 205 هو العقيد يوآف شنايدر، ابن كيبوتس في الشمال، لحيته التي طالت في الشهر الذي قاتل فيه اللواء داخل لبنان، تشهد على أنه ولد اشقر. التقينا اول امس، في مدخل زرعيت. صاروخ، واحد من صواريخ كثيرة تفجر على مقربة من المكان وهز ارض القرية التي أصبحت تحت جنازير الدبابات وحلية ومغبرة. الجيش يفضل ان يتحرك في لبنان في جيبات هامر مفتوحة: هي غير محصنة لكن سرعتها توفر الامن.
المحطة الأولى للواء في لبنان كانت لبونا، ارض محصنة من شمال رأس الناقورة. قال اللواء “تخيل 8 الاف دونم من الاحراش فيها بنى تحتية عسكرية، فوهات، انفاق، خنادق، وجدنا أيضا حقائب ظهر من كوريا الشمالية. كوريون شماليون كانوا هناك أيضا”.
أراني الخارطة: عشرات من النقاط الحمراء ترمز الى الأماكن التي عمل فيها حزب الله. وقال: “فجرنا وطهرنا، عدنا الى زرعيت ودخلنا من جديد، الى جبل بلاط”.
في 18 سنة كانت إسرائيل فيها في لبنان كان في رأس جبل بلاد استحكام للجيش الإسرائيلي يسمى كركوم. مكانه يوجد الان جهاز استشعار يستخدمه حزب الله للاتصالات. تسلق جندي عامود الاستشعار وعلق عليه علم إسرائيل.
نظرنا الى غرب لبنان من اعلى الجبل. سحابة دخان سوداء تصاعدت من ضواحي مدينة صور: سلاح الجو قصف هناك. والجيش الإسرائيلي دمر كل البيوت على الجبل الا واحدا.
نزلنا الى مروحين. قال قائد اللواء “في كل بيت تقريبا في القرية وجدنا سلاحا”. المبنى الأكبر في وسط القرية كان المسجد. لسبب ما لم يؤشر عليه في الخرائط ككنيسة. لم يتبقَ منه شيء غير الأنقاض ومكبر صوت المؤذن. كل المنازل في القرية دمرت باستثناء اثنين.
في حرب لبنان الثانية، في 2006، بقيت القرى سليمة تقريبا. الدمار الحالي يعلل بكميات السلاح الهائلة التي اكتشفت في البيوت. ليست بيوت سكن – بل مخازن سلاح. لكن ربما يوجد هنا أيضا شيء آخر، إرادة كامنة لخلق واقع جديد: كون كل لبناني حي يعتبر الان كعدو – الأمنية هي لتفريغ المنطقة من كل لبناني. والثأر أيضا مثلما يحصل في غزة – الا يكون لهم الى اين يعودون.
هذا مفهوم على خلفية مشاعر حزن بلا أساسا في اختبار الواقع. ومن ناحية أخلاقية أيضا هذا بلا أساس. في النهاية سيتحقق اتفاق، والناس سيعودون، والبيوت ستبنى في جنوب لبنان وفي غزة أيضا. الناس يقللون الان من القراءة في الكتب المقدسة (التناخ) اليوم وخسارة. سفر التكوين يروي عن سكان سدوم وعاموراء الذين وقعوا في خطايا جسيمة جدا. الرب قرر أن يبيدهم. “حذار عليك ان تفعل مثل هذا الامر، فتقتل الولي مع الشرير”، صرخ إبراهيم على الرب. لعل الرب يمكنه أن يسمح لنفسه، لكن دولة إسرائيل ليست الرب.
حظيرة جنود تنزل من رأس الجبل. احد منهم لم يلصق شارة “مسيح” الى كمه، إشارة لسواء العقل او مؤشر على التأثير المبارك للقول الذي لا لبس فيه من رئيس الأركان. اثنان منهم يسحبان عبوة ثقيلة على الظهر – ذخائر تركها حزب الله في الميدان، احداهما في جذع شجرة زيتون وأخرى في حرش. جندي ثالث وجد علم لبنان قديم ممزق ومثقوب. “اذا بقينا هنا لاشهر سنجد كل يوم المزيد فالمزيد من الأشياء”، قال احد الضباط.
وروى يقول الجنود بدأوا يعلمون الصخور هنا بعلامات زرقاء، بيضاء وبرتقالية مثلما في الدروب الإسرائيلية”.
النقيب احتياط بنيامين تروبر خدم بين 7 أكتوبر 2023 و7 أكتوبر 2024 ما مجموعة 284 يوما. الى هذا العدد ينبغي أن تضاف ثلاثة أسابيع انقضت منذئذ. هو مقدسي، متدين، له خمسة أبناء، قريب عائلة للنائب حيلي تروبر. في الحياة المدنية هو مرشد جولات للجمهور الديني القومي في شرقي القدس. في الجيش هو قائد كتيبة 21 في اللواء.
يقول عن طول الخدمة “هذا لا يمكن ادراكه”.
ما كنت اعتقد أني سأصمد في هذا، قلت، فابتسم وقال “زوجتي بطلة العالم. عندما اعود الى البيت فاني ازعجها فقط واشوش النظام فيه.
ان استعداد جنود الاحتياط للخدمة لزمن طويل بهذا القدر مذهل. وهو يدل ضمن أمور أخرى على عطش الإسرائيليين، بعد سنتين من خلاف داخلي عسير، للاجماع، للوحدة. ومثلما هي ظاهرة مؤثرة فانها هشة أيضا والكل يفهم هذا.
قال تروبر: “عندي قادة سرايا تصرخ زوجات الجنود عليهم في الاتصال الهاتفي. عندنا يتلقى الجندي التسريح لواحد من سببين: إما السلام العائلي أو الولادة. كان لنا جندي وصل ابنه الى سنة البلوغ بعد فرحة التوراة السنة الماضية. احتفال سن البلوغ الغي لكننا اعطيناه تسريحا هذه السنة لاحتفال بسن بلوغ متأخر”.
في الأسبوع القادم يفترض بهم ان يتسرحوا، حتى الامر 8 التالي.