يديعوت احرونوت: مطلوب منحى جديد

يديعوت احرونوت – رون بن يشاي – 22/5/2025 مطلوب منحى جديد
حتى من يعتقد ان الاستسلام لمطالب حماس ليس واردا لانه سيستدعي اختطافات إضافية وسيعرض للخطر سكان غلاف غزة، ملزم بان يعترف بانه طرأ مؤخرا تغيير جوهري في الظروف التي تدار فيها المفاوضات. فليست المحادثات في الدوحة فقط علقت في مأزق بل ان الضغط العسكري الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي الان أيضا في القطاع فقد الكثير من فاعليته. الناتج الهامشي لكل إضافة جهد عملياتي الان من جهتها، آخذ في التضاؤل. حماس اليائسة والمتزمتة تستعد منذ الان لمواصلة حرب عصابات في هذه الظروف وتبدي حساسية متناقصة لمعاناة السكان. صحيح أنه يوجد احتمال جيد في أن يؤدي الضغط العسكري الى نتائج اذا تواصل بقوة متزايدة لبضعة اشهر أخرى، لكن في هذا الزمن كثيرة هي الاحتمالات بان يقتل مخطوفون ويسقط مقاتلون. باختصار، الساعة العسكرية لا تعمل في صالحنا الان.
هكذا أيضا الساعة الدولية. فالضغط الذي تمارسه عليها إدارة ترامب واساسا أوروبا وصل الى قوة تعرض للخطر المصالح الحيوية، الأمنية، الاقتصادية والسياسية لدولة إسرائيل. نحن نصبح منبوذين في الساحة الداخلية من ناحية سياسية ونفقد الشرعية الدولية في الدفاع عن أنفسنا. مثل هذا الضغط مورس علينا أيضا في حروب سابقة. في حرب التحرير ضغطوا علينا للتوقف، وفي حرب الأيام الستة وفي حرب لبنان الأولى أيضا والقائمة لا تزال طويلة. حكومات إسرائيل على اجيالها لم تتردد في الماضي للانثناء تحت هذا الضغط والخضوع لمطالب الأمم المتحدة والاسرة الدولية، وذلك انطلاقا من المعرفة بانه من الأفضل الانهاء في وضع جيد من السعي الى الافضل ودفع اثمان باهظة على مدى الزمن في كل المجالات، بما في ذلك عقوبات اقتصادية وحظر سلاح.
ونعم، يوجد أيضا اعتبار أخلاقي وانساني. كيهود لا يمكننا أن نسلم بوضع يقتل فيه كل يوم أساسا مدنيون غير مشاركين وعشرات الأطفال يعانون من سوء تغذية وربما من جوع أيضا. حتى لو كانت المعطيات الرقمية التي تصدرها وزارة الصحة لحماس والأمم المتحدة مبالغا فيها فان ما نعرفه في إسرائيل عن معاناة السكان الغزيين ينبغي أن يشغل عضلتنا الأخلاقية.
وفي ا لجانب البراغماتي، نحن ملزمون بان نأخذ بالحسبان باننا اوقعنا منذ الان ضررا، خسائر وخراب بحجوم هائل للفلسطينيين الغزيين، وهذا سيحز عميقا، ربما حتى لاجيال، في وعي الفلسطينيين. أثر الوعي بهزيمتهم في الانتفاضة الثانية صمد عشرين سنة على الأقل وما يحصل الان في غزة هو افظع بكثير. من غير الوارد الاستسلام لمطالب حماس كما هي. لكن للأسباب التي عددتها نحن ملزمون بان نجد منحى حل وسط لصفقة يمكن لحكومة إسرائيل وحماس على حد سواء ان يقبلاه. الحل لهذه المعضلة يوجد في تسوية “اليوم التالي” وفي صفقة تحرير في دفعة واحدة لكل المخطوفين، الاحياء والاموات. مطالب إسرائيل معروفة وهكذا أيضا المطالب المضادة من حماس بصفقة في دفعة واحدة. المسافة بينهما كبيرة جدا ولهذا مطلوب من الوسطاء العرب والامريكيين ان يطالبوا الطرفين في الخروج عن المباديء المتصلبة التي وضعوها لانفسهم.
بدلا من ان تطرح إسرائيل مطلب مبدئي يتعلق بنزع سلاح حماس (تجريد القطاع)، على إسرائيل مبدئيا أن توافق، مقابل تحرير كل المخطوفين، على وقف الحرب في القطاع بل وضمانات دولية يعطيها الوسطاء لحماس. الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يوافق على الانسحاب من مواقعه الحالية في القطاع لكن فقط حتى “الحزام الفاصل” أي مجال الحراسة في هوامش القطاع حيث يبقى الجيش على الأقل الى أن تتحقق تسوية دائمة لمكانة القطاع، تتقرر فيها ترتيبات امنية جديدة.
يتعين على حماس والجهاد الإسلامي ان توافقا على التعاون مع جسم عسكري امريكي أوروبي مثل اللجنة التي تعمل الان في لبنان ومهمتها ستكون تدمير الانفاق والسلاح الثقيل لحماس. اما السلاح الخفيف، الكلاشينكوفات، المسدسات وما شابه، فعلى أي حاي لا يوجد احتمال لان تنكشف وتحيد حتى لو أعلنت حماس عن موافقتها على ذلك وبالتالي خسارة على الجهد. على إسرائيل أن تطالب وان تقترح ان تكشف حماس، الجهاد، ولجان المقاومة الشعبية ومجموعات مسلحة اخر في القطاع عن كل السلاح الصاروخي لديهم، ابتداء من صواريخ آر.بي.جي، المضادة للدبابات مرورا بقاذفات الهاون المتوسطة وحتى الصواريخ بعيدة المدى لعشرات الكيلومترات كتلك التي وصلت الى تل أبيب. كما أن على المنظمات المسلحة في القطاع أن تكشف وتسلم باللجنة او بقوة تعمل نيابة عنها العبوات والمُسيرات التي لديهم.
لكن المهمة الأهم للجنة الدولية لنزع السلاح الثقيل التي ستضم خبراء متفجرات ومهندسين ستكون كشف وتدمير منظومة الانفاق لكل المنظمات في القطاع ويتعين على هذه ان تتعاون معها. إسرائيل توفر المعلومات والاشراف المباشر. في شبكة الانفاق التي ستدمر يجب أن تشمل أيضا مجالات المكوث وإنتاج السلاح التي يجب أن تدمر هي الأخرى بحيث لا يمكن إعادة بنائها. كل هذا بدلا من المطالبة بنزع سلاح جارف لا يمكن لحماس أيديولوجيا أن توافق عليه. هكذا بحيث يمكنها أن تسير لا وان تدعي بانها لا تزال مع.
بالنسبة للطلب الإسرائيلي لنفي القيادة العليا لحماس وباقي المنظمات – فهذا اصبح لا داعي له كون الجيش صفى تقريبا كل كبار المستوى الأول والثاني للذراع العسكري للمنظمات، بخاصة حماس والجهاد الإسلامي، وكذا عدد معتبر من بين كبار رجالات الحكم المدني لحماس. وبالنسبة للمطلب الإسرائيلي الثالث في الا تكون حماس مشاركة في الحكم، حماس وافقت عليه على أي حال منذ الان.
الضفدع الوحيد الذي يتعين على حكومة الائتلاف اليميني الحالية في إسرائيل ان تبتلعه وان توافق عليه هي مشاركة السلطة الفلسطينية في الحكم الجديد في غزة. في الكابنت يسود اجماع بان السلطة الفلسطينية داعمل للارهاب وبالتالي محظور أن تكون جزءا من الحكم في “اليوم التالي” في قطاع غزة. لكن التجربة المتركمة في الضفة تشير الى أن السلطة الفلسطينية تؤدي هناك دورا إيجابيا، بما في ذلك الحفاظ على الامن، في التعاون وفي التنسيق مع إسرائيل. في كل الأحوال فان مشاركة السلطة الفلسطينية في الحكم في غزة في اليوم التالي هي طلب لا تتنازل عنه الدول السُنية كشرط للمشاركة في حكم غزي بديل مؤقت لا تكون حماس جزء منه ويعمل برعاية أمريكية.
لا توجد أي ضمانة في أن توافق حماس على منحى الصفقة المرقق هذا لكنه يستجيب بشكل جيد لمطالب إسرائيل لتحرير كل المخطوفين والتخلص من حكم حماس وتواجدها العسكري الخطير في القطاع. وبالتالي من المجدي ان نحاول.