يديعوت احرونوت: سوريا على حافة التفكك
يديعوت احرونوت 6/12/2024، رون بن يشاي: سوريا على حافة التفكك
التقدم السريع للثوار الجهاديين السُنة جنوبا واحتلال مدينة حماة هو على ما يبدو سبب التشاور العاجل الذي اجراه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع قادة جهاز الامن في ليل الأربعاء. وهجوم الثوار المفاجيء الذي بدأ فور دخول وقف النار في لبنان حيز التنفيذ يخلق سلسلة تهديدات محتملة ولكنه يخلق أيضا فرصا لدولة إسرائيل وفي كل الأحوال يفترض متابعة عن كثب.
التهديدات، وفقا لترتيب الالحاحية، هي: الأسلحة واساسا الصواريخ وربما السلاح الكيماوي الذي يوجد في شمال ووسط سوريا، ومن شأنه أن يقع في غضون أيام وربما ساعات بل وربما يوجد منذ الان في ايدي الثوار الجهاديين.
حلب والقواعد العسكرية في محيطها، واساسا المجمع الصناعي – العسكري السوري في بلدة السفيرة جنوب شرق حلب تقلق جدا جهاز الامن. في المجمع الصناعي هناك تنتج صواريخ، بينها دقيقة، ومقذوفات صاروخية وفقا لعلم إيراني وهناك أيضا قدرة لانتاج سلاح كيماوي وربما توجد هناك كميات غير كبيرة من السلاح الكيماوي احتفظ بها نظام الأسد ليوم أسود. كل هذه من شأنها أن توجه ضدنا آجلا أم عاجلا.
هذا على ما يبدو هو السبب الذي جعل سلاح الجو الإسرائيلي يهاجم وفقا لمنشورات اجنبية هذا المجمع في الأيام الأخيرة، وكذا مخازن سلاح للجيش السوري توجد شمال دمشق، والثوار يقتربون منها بسرعة. يمكن التقدير بان إسرائيل تفضل تدمير هذا التهديد كي لا تقع هذه الأسلحة التقليدية وغير التقليدية في ايدي جهات جهادية، حتى لو كانت سُنة واعداء لدودين لحزب الله وايران.
المساعدة الروسية فشلت
التهديد الثاني ينبع مباشرة من ضعف الجيش السوري ومن حقيقة أن روسيا غير قادرة على حماية نظام بشار الأسد مثلما حمته في 2015. في ذروة الحرب الاهلية في سوريا، حسب مصادر تركية كان للروس 50 طائرة هجومية في قاعدة حميميم وبواسطتها قصفوا بكثافة وبلا رحمة الثوار الى أن انسحب هؤلاء الى محافظة ادلب. اليوم، حسب تلك المصادر، بسبب الحرب في أوكرانيا، يحتفظ الروس بـ 15 طائرة هجومية فقط في حميميم، و7 منها فقط تنفيذية. القصف الروسي لم ينجح في منع احتلال حلب، وأخرت فقط باقل من يوم احتلال مدينة حماة في وسط سوريا. كنتيجة لضعف الجيش السوري والمساعدة العملياتية الروسية الخفيفة، لا مفر امام نظام الأسد غير تلقي المساعدة التي يعرضها الإيرانيون بواسطة وزير الخارجية الإيراني عرقجي الذي زار دمشق قبل بضعة أيام.
لقد ارسل الإيرانيون الى سوريا منذ الان أحد جنرالاتهم، جعفري، الذي قاد في 2016 احتلال حلب من ايدي الثوار، وبضعة مستشارين ورجال الحرس الثوري الذين جاءوا معه. وبالتوازي بعث الإيرانيون الى مناطق المعارك ميليشيات شيعية، عراقية وسورية موالية لهم. بين هذه القوات يوجد لواء فاطميون الذي يتشكل أساسا من شيعة أفغانيين وباكستانيين، تدفع لهم ايران رواتبهم ورجال الحرس الثوري يقودونهم.
هذه اللواء يدخل منذ الان الى المعركة دفاعا عن مدينة حماة وفشل، لكن ايران تضخ المزيد من قوات الميليشيات الشيعية عبر الحدود العراقية – السورية الى منطقة المعارك. كما طالبت ايران وتلقت بضع مئات من رجال حزب الله انتقلوا من لبنان الى سوريا لمساعدة نظام الأسد، حاليا بدون نجاح.
لإسرائيل توجد مشكلة جسيمة مع هذه الميليشيات ومع رجال حزب الله الذين دخلوا الى سوريا، كونه يمكنهم أن يشكلوا بداية تموضع إيراني عسكري وكفيلين بالبقاء في سوريا على حدود إسرائيل للعمل من هناك من خلال نار الصواريخ والتسللات البرية الى بلدات هضبة الجولان وتهريب السلاح الى لبنان لاجل إعادة تسليح حزب الله.
التهديد الثالث هو أن ينهار نظام الأسد وعندها تصبح سوريا دولة فاشلة أخرى مثل اليمن، لبنان او غزة، يبني الإيرانيون ويمول فيها جيش إرهاب هدفه العمل ضد إسرائيل. لمواجهة هذا التهديد على إسرائيل أن تتخذ وسائل دفاعية، اساسا في هضبة الجولان، وكذا ان تهاجم بلا انقطاع في الأراضي السورية لمنع تموضع جهات إسلامية متطرفة قرب الحدود وفي مدى الصواريخ والراجمات منها.
المسؤولة الأساس: تركيا
لاجل فهم الوضعية التي علق فيها الشرق الأوسط في اعقاب الهجوم المفاجيء للثوار السوريين، ينبغي الاعتراف بان الجهة التي تقف خلف هجوم الثوار هي تركيا. هذا الهجوم يجري في محورين. المنظمة الإسلامية الجهادية العليا “هيئة تحرير الشام” تتحرك جنوبا بهدف اسقاط نظام الأسد وغايتها هي مدينة حمص. حمص هي المدينة الكبيرة والهامة في وسط سوريا، احتلالها سيقطع عمليا الجيب العلوي التي تسكن فيه اغلبية عائلة الرئيس الأسد – في مدينتي اللاذقية وطرطوس – عن مدينة دمشق. قوة ثوار أخرى، علمانية، تسمى “الجيش الوطني السوري” يتحرك شرقا نحو مدن وقرى منطقة الحكم الذاتي الكردية، روج آفا، في شمال شرق سوريا. الجيش الوطني السوري، الذي يتشكل أساسا من فارين سُنة من الجيش السوري، يخضع تماما لانضباط الاتراك وهو عمليا ينفذ كلمة اردوغان.
عمليا، هجوم الثوار ما كان يمكنه أن يتحقق لولا الاتراك الذين دعموا الثوار السوريين عسكريا من الفصيلين والان يستخدمونهم لتحقيق المصالح التركية في سوريا، ومثل هذه المصالح يوجد غير قليل. أولا، اردوغان يريد تصفية منطقة الحكم الذاتي الكردية في شرق وشمال سوريا، لاجل التقويض عسكريا وحكوميا منظمات الاكراد الذين هم حلفاء الـ PKK، التنظيم السري الكردي الذي يقاتل من اجل استقلال الاقليم الكردي في تركيا.
الثوار الجهاديون الذين يتقدمون جنوبا نحو دمشق، يخدمون هدفا آخر لاردوغان: اجبار الأسد على الموافقة بان يحتفظ الاتراك بمنطقة امنية ضد الاكراد في شمال سوريا وفي نفس الوقت ان يقيموا علاقات اقتصادية وجيرة طبيعية مع سوريا. الأسد يرفض مطالب اردوغان هذه، فيما يريد أساسا ان توافق سوريا على أن تعيد الى أراضيها اكثر من مليوني لاجيء سوري فروا الى تركيا في اعقاب الحرب الاهلية.
مدى المصالح هذا هو أيضا فرصة لإسرائيل لان الأسد الضعيف في نهاية الامر سيتعين عليه أن يقرر ممن يخاف اكثر: من الثوار – وعندها سيوافق على أن يتلقى المساعدة من ايران وحزب الله ويسمح لهم أيضا بان يمرروا عبر سوريا السلاح ووسائل الإنتاج لاعادة بناء حزب الله – او من إسرائيل التي ستضرب كل محاولة تموضع إيرانية وعقب ذلك ستضعفه هو ونظامه أكثر فأكثر.
كما تبدو الأمور الان، تركيا غير معنية بانهيار نظام الأسد. اردوغان هو الاخر يعرف بان منطقة عديمة الحوكمة تسودها الفوضى التامة والمعارك الداخلية بين الطوائف، في نهاية الامر ستشكل خطرا على تركيا تماما مثلما تشكل على إسرائيل.