يديعوت احرونوت: انسوا الشرطي ازولاي
يديعوت احرونوت 16/9/2024، ناحوم برنياع: انسوا الشرطي ازولاي
إعصار كاترينا، في آب 2005 عمل العجب في مدن الشاطيء في الولايات المتحدة. السدود التي حمت نيو اورلينز انهارت ومياه البحر غطت جزءا كبيرا من المدينة. الصورة التي رأيتها حين وصلت الى ضاحية في المدينة أذهلتني: كانت سيارات الشرطة تُسير الدوريات في الشوارع المهجورة فيما كان شرطيان يجلسان في خلفية السيارة بباب مفتوح. فوهات البنادق كانت موجهة نحو المواطنين: من يشتبه بالسلب والنهب، هرب من بيته الغارق او اشتبه بلون جلدة غير صحيحة كان يطلق عليه النار في المكان. ذهلت لان الشرطة تعتبر في نظري دوما كجسم ودي، منظومة غايتها هي انفاذ القانون وحماية المواطن من الجريمة. اما في الأنظمة غير الديمقراطية فتوجد لها مهام أخرى – خدمة الحاكم السياسي تخويف وقمع المواطن، اعتقال الأبرياء، التفريق والافساد. للشرطة يوجد الكثير من القوة.
في كل ما يتعلق بالعلاقات بين الشرطة والمواطن، يوجد المجتمع الأمريكي في أزمة عميقة. الامريكيون يصعب عليهم التعايش مع شرطتهم، لكنهم لا يمكنهم ان يعيشوا بدونها. الويل لمجتمع يرى مواطنوه العاديون في شرطته عدوا. محظور ان تقع ظاهرة مشابهة هنا، في ذروة حرب. على الرغم من ذلك فانها تقع امام ناظرينا.
بن غفير أخذ شرطة فاشلة، ضعيفة، مفزوعة وفي أجزاء كبيرة منها لا تؤدي مهامها، وجعلها شرطة فاشلة، ضعيفة، عنيفة وسياسية. في البداية هذا مضحك: مثل لوي دي بينس في مسلسل الأفلام الفرنسية “الشرطي من سان تروباز” مثل ليزلي نيلسان في مسلسل الأفلام الأمريكي “المسدس مات من الضحك”، شرطة إسرائيل تنشغل بملاحقات لا جدوى منها وراء المجرمين غير الصحيحين. الكثير من الطاقة، الكثير من الاعصاب، الكثير من القوة، القليل جدا من العقل.
الى أن يتوقف هذا عن إثارة الضحك.
في السنتين الأخيرتين، حيال حكومة لم يشهد لها مثيل في الـ 76 سنة دولة، يجري في مركز الساحة السياسية سياقان متضاربان: الأول يسعى الى كبح الحكومة واستبدالها؛ الثاني يسعى لتطبيع جملة ظواهر حتى الحكومة الحالية اعتبرت غير شرعية، غير ممكنة، مجنونة. بن غفير تسلق الى القمة ليس بفضل العصبة الكهانية من تل روميده التي ترعرع فيها، بل بفضل سلسلة مطبعين من الوسط السياسي. نبدأ بمطبعين سمحوا للمجرم المدان ان يتعلم القانون ويحصل على رخصة محامٍ؛ ننتقل الى افضل الصحافيين الذين سرهم أن يحصلوا منه على قصة وان ينشروه في التلفزيون؛ نواصل الى نتنياهو الذي عمل معه في الخفاء، جنده لالة سمه ورفعه الى قمة الحكومة؛ ننهي ببيني غانتس وآخرين في المعارضة ممن يفكرون بان مصافحة مجرم إرهاب هو مؤشر ودليل على الرسمية.
هذه ليست رسمية، بل انبطاح. من يطبع بن غفير يشهد على أن ليس له عمود فقري؛ والاهم من هذا – ليس له إحساس تاريخي. “اعتقدت انه سيعتدل”، قال نتنياهو في احدى المرات التي ناكفه فيها بن غفير علنا. الناس من نوع بن غفير لا يعتدلون: هم ينتفخون. وهذا بالضبط ما حصل في الشرطة.
في غضون اقل من سنتين غير شرطة إسرائيل من الأساس. في الأيام الأخيرة اغلق الدائرة، في الاستقالة الطوعية او الاجبارية لمعظم قيادة الشرطة وبتعيين ضباط مشكوك فيهم من حيث سجلهم المهني، لكنهم موالون لروح القائد. الشرطة أصبحت من الكتائب، ميليشيا، تحولت من فارضة نظام الى خارقة نظام: ما حصل في أوروبا في الثلاثينيات يحصل الان هنا.
انسوا “الشرطي ازولاي” الحبيب، الحلو، البريء، مع الدمعة في العين الذي مثل دوره في الفيلم شايكا اوفير.
حاضر الشرطة واضح. وهو يلقى تعبيره في مناورات عابثة غبية مثل اعتقال النساء الثلاثة اللواتي وضعن منشورات بريئة تدعو الى تحرير المخطوفين على كراسي كنيس في هرتسيليا (الشرطة لم تسمع بعد عن مناشير التحريض والكذب التي توزع في الاف الكنس في البلاد)؛ او مثل اعتقال نوعا غولدنبرغ التي رشقت او لم ترشق حفنة رمال نحو بن غفير على شاطيء البحر.
يقلقني اكثر المستقبل. الشرطة توجد الان في زخم تجنيد: بن غفير رتب لها يوم فضي. قلة المعلومات التي نشرت تدل على تخفيض المقاييس وتقليص الدورات: الشرطة عطشى للقوة البشرية.
فكروا للحظة من يتجند ومن لا يتجند لشرطة بن غفير: يتجند شبان وشابات يرون فيه وفي عقيدته نموذج قدوة. ليست خدمة الجمهور في رأس اهتمامهم بل الحرية في استخدام القوة، الاحتكاك بالناس دون دفع ثمن. هؤلاء هم شرطة الغد وضباط ما بعد الغد. من يكون احترام القانون في رأس اهتمامه لن يتجند: هذه ليست شرطته.
حتى لو تخلصنا بشكل ما من بن غفير، البن غفيرية سيتبقى تتواجد في داخل الشرطة وستواصل تسميمها. توجد أمور محظور تطبيعها؛ يوجد وزراء محظور تطبيعهم.