ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: التصعيد في الشمال قد يتحول الى حرب إقليمية كل الطرق تؤدي الى تسوية

يديعوت احرونوت 17/9/2024، رونين بيرغمان: التصعيد في الشمال قد يتحول الى حرب إقليمية كل الطرق تؤدي الى تسوية

مصادر رفيعة المستوى في الجيش وفي جهاز الامن تحذر من “خطوات متسرعة تخطط لها حكومة إسرائيل في الشمال”. وحسب احد المصادر، “من جهة تنطوي هذه الخطوات على خطر ملموس للغاية باشتعال وضع قتالي عام – ليس فقط في الحدود مع لبنان بل في المنطقة كلها. ومن جهة أخرى هي لا تضمن على الاطلاق حلا يسمح لسكان الشمال بالعودة الى بيوتهم.

هذه الخطوات ستتضمن تشديد كبير ومقصود بما في ذلك عملية برية داخل لبنان، هكذا تقول تلك المصادر، وهي وليدة الضغط الجماهيري المتواصل على حكومة نتنياهو حيال النار التي لا تتوقف على الشمال، والعذابات القاسية التي يعيشها السكان الذين اخلوا المكان وأولئك الذين تبقوا فيه. “للحكومة توجد حاجة لان تظهر بانها تفعل شيئا ما، لكن هذا الشيء هو الامر المغلوط للغاية، الخطير للغاية، بالضبط ما امتنعوا عنه كل السنة الأخيرة. بدلا من حل المشكلة من شأنه ان يورطنا في مشكلة اصعب بكثير”. 

ويضيف المصدر: “والمحزن اكثر هو كم هو هذا زائد لا داعٍ له. حكومة إسرائيل تريد أن تبعث الان بالجيش الى مواجهة مع حزب الله، هناك احتمال معقول أن تتحول الى حرب شاملة، وكل ذلك كي تصل بالضبط الى النقطة إياها التي يمكن الوصول اليها دون استخدام وسائل عنيفة: موافقة نصرالله على اتفاق سياسي يسمح بعودة سكان الشمال الى بيوتهم. لو وقعت صفقة مخطوفين، واوقفنا الحرب في غزة، على الأقل حاليا، فمعقول جدا الافتراض بانه كان سيتحقق اتفاق في الشمال أيضا”.

الخلاف بين الجيش والكابنت والحكومة حول استمرار استراتيجية الامن القومي الإسرائيلية احتدم امس جدا وان كان توزيع المعسكرات تغير قليلا. يقول احد المصادر ان “القصة هي المعركة من خلف الكواليس بين لابسي البزات ولابسي البدلات. وهذه المرة التوزيع حاد لان وزير الدفاع ورئيس الوزراء في هذا الموضوع على الأقل يتواجدان في الجانب ذاته”.

هذا المصدر الذي اقتبس هنا عدة مرات في الماضي اقتبس عن كتاب آيزيك أسيموف: “كل ما كتبته هنا خيالي، الواقع اكثر غرابة بكثير”. وبالفعل كيف يحصل أن بالذات في اليوم الذي اوشك فيه نتنياهو ان يقيل غالنت ويعين ساعر بدلا منه – يمكن لكليهما ان يكونا في الجانب ذاته؟ لان الواقع هو أن السياسة الحالية اكثر غرابة بكثير. 

الغرابة الاروع من كل خيال بدأت تخطو في نهاية الأسبوع الماضي. يوم الخميس الماضي في ساعات المساء جرت في غرفة مداولات رئيس الوزراء في الكريا مشاورات أمنية بحث فيها الحاضرون بمن فيهم رئيس الاركان ووزير الدفاع ما يجري في الشمال. لا شيء شاذ. غير أنه بعد تلك المشاورات روى أناس نتنياهو لسلسلة صحافيين بانه يوجد بينه وبين وزير الدفاع خلاف شاسع في موضوع العمل اللازم حيال حزب الله في لبنان باستثناء ان هذه المرة كان الخلاف بالضبط بالاتجاه المعاكس للاتجاه الذي كان معروفا حتى ذلك الحين. 

الفرصة المفوتة

غالنت اقترح في اليوم الثالث للحرب “ضرب القوي أولا”، أي حزب الله، “لأننا اذا ضربنا الأضعف أولا” أي حماس، “سنصل الى مواجهة محتمة مع القوي ونحن منهكون وفي موقف دولي أسوأ”، من ذاك الذي تمتعت به إسرائيل فور الهجوم الدموي والكابوسي لحماس. الفرصة العملياتية، التي نالت تأييد قائد المنطقة الشمالية وقائد سلاح الجو، كانت ضربة قاسية لحزب الله. أما نتنياهو، وفي حينه بتأييد من غانتس وآيزنكوت وبضغط شديد من الولايات المتحدة، رفض الاقتراح. “لم تكن هنا مشكلة انعدام قدرة بل مشكلة انعدام زعامة”، وصف هذا وزير الدفاع بعد بضعة اشهر من ذلك، مطلقا سهامه نحو نتنياهو – الذي منظومة العلاقات بينهما كشفت قعرا متزايدا للحفرة ذاتها. 

في الأشهر الأخيرة أيد الجيش وغالنت التوقيع على صفقة تحرير مخطوفين تتضمن وقف نار وانسحاب من غزة وتسمح للجيش بتركيز الانتباه الى الشمال. “مفترق T إما تسوية ام مواجهة”، وصفه وزير الدفاع. معظم الضباط في هيئة الأركان اعتقدوا بان اغلاق الجبهة الجنوبية، حاليا على الأقل سيسمح بفرصة مناسبة لمسيرة سياسية، يقودها الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتاين والتي لا يمكن التقدم بها بدون شرط نصرالله المتصلب المتمثل بوقف النار وبداية المفاوضات فقط بعد انهاء النار في الجنوب.

التقدير المتصدر هو انه لو كانت إسرائيل وقعت على صفقة المخطوفين او وقف النار لاوقف نصرالله النار بشكل فوري مثلما وعد. إضافة الى ذلك ينبغي الافتراض بان نصرالله فهم بان خطته لهجوم بري مفاجيء على إسرائيل لم تعد واردة وذلك لانه بعد نجاح هذا الهجوم من جانب حماس، فان إسرائيل لن تعتمد بعد اليوم فقط على اخطار استخباري واعتبار العدو مردوعا بل ولن تكتفي بمرابطة قوات محدودة على الحدود بل ستبعث الى هناك بقوات كبيرة يمكنها أن تواجه هجوما مفاجئا حتى بدون اخطار. 

من هنا، وبحضور الشرط الأساس المتمثل بانهاء الحرب في الجنوب باتفاق مع حماس سيكون نصرالله مستعدا للدخول الى مفاوضات يتعهد في اطارها بشروط ترضي إسرائيل وتتيح عودة السكان الى بيوتهم. 

الحرب مع حزب الله لم تنتهي، لكن لو كانت وقعت في وضعية كهذه، لو كان الاتفاق وقع لكان يمكن للجيش ان يحصل على الزمن اللازم كي خطط بشكل دقيقة خطوة عسكرية واسعة ضد المنظمة لكنها كانت ستبدأ في وقت وفي ظرف مناسبين لإسرائيل – وليس حين تكون كتوقف بين جبهتين تحت تهديد نشوء جبهة ثالثة في الضفة بل وربما جبهات أخرى تبدأ مع هجوم إسرائيلي في لبنان.

رئيس الوزراء، بالمقابل، واصل على مدى اشهر طويلة رؤية جبهة الجنوب كجبهة أساسية. فقد تبنى وروج لـ “النصر المطلق” فيما رفض تحديد موعد يتعهد فيه بإعادة السكان الى بيوتهم. 

المواجهة بينه وبين غالنت في الأيام الأخيرة عكست صورة معاكسة. فجأة جعل نتنياهو ووزراء آخرون الشمال كالامر الأساس وتحدثوا عن كيف انه لم يعد ممكنا استمرار الوضع هكذا، دون ان يوضحوا ما الذي تغير فجأة الان بالذات. وحسب ضابط كبير في الجيش فانه “لو ان لإسرائيل، أي للقيادة السياسية على مدى السنة الماضية سببا وجيها واحدا للامتناع عن فتح جبهتين بالتوازي والتدهور الى وضع قتالي يشعل جبهات واسعة، فما الذي تغير الان لتأخذ هذه المخاطرة؟ واذا كانوا جاهزين، فالى اين سيؤدي عملا كهذا؟”.

لكن حسب المنشورات في الأيام الأخيرة، يوشك نتنياهو على ان يضيف لبنان وإعادة السكان بامان الى بيوتهم في الشمال كهدف ثالث للحرب – ويخطط لخطوة عنيفة كي يحقق هذا الهدف، فان من يقف في طريقه هو وزير الدفاع يوآف غالنت. نتنياهو، حسب هذه المنشورات، “يعتقد بان شن حرب في لبنان لن يمس بالضغط العسكري في القطاع ولن يعرض للخطر الاحتمال لصفقة مخطوفين”. اما غالنت، بالمقابل، فيعتقد انه لا يجب اتخاذ الخطوة لان من شأنها أن تمس باحتمال إعادة المخطوفين بسبب الحاجة الى نقل القوات من غزة. 

مناورة مكتب غالنت

جلسة الحكومة يوم الاحد بدأها نتنياهو باقوال صريحة عن الشمال. “الوضع هناك لن يستمر ويستوجب تغييرا لميزان القوى في الحدود”، قال نتنياهو في تصريح يوجد فيه قول آني ويخرج كثيرا عن أقواله العمومية السابقة عن الالتزام العام لاعادة السكان. وعلى الفور صرخت العناوين الرئيسة فيما يعتقده الان في محيطه بانه كان زرع البذرة لخطوة التنحية. “اذا حاول غالنت احباط العملية – فسيستبدل”، قيل في احدى الاحاطات في هذا الشأن مع التلميح بان نتنياهو هو الذي يريد ان يهاجم وغالنت يتخذ نهجا يرغب في الامتناع عن عمل عسكري في الشمال. 

المصادر في وزارة الدفاع التي عجبت بهذه المنشورات تلقت في اثناء الليل تحديثا لما يرونه كالسبب الحقيقي للمنشورات. ليس خلافا حول الشمال، بل خلق حجة غيبة لرئيس الوزراء لاقامة وزير الدفاع، بمناسبة المفاوضات الاخذة في النضوج مع جدعون ساعر. محيط وزير الدفاع عمل في رد على ما وصف بانه “نار مدفعية قوية” نحو مصادر النيران”. وتلقت وسائل الاعلام وجبة دسمة من الاقتباسات، بعضها من داخل اللقاء مع الوسيط هوكشتاين التي أوضح فيها وزير الدفاع من هو الصقر ومن مع الهجوم وان “موضوع التسوية مع حزب الله شطب عن جدول الاعمال”، وان لا مفر من التشديد بشكل بالغ المغزى للخطوات في الشمال. كان هذا غالنت هو الذي قال لرئيس الوزراء انه “كل هذا الوقت تحدثت عن تصعيد او تسوية لكن لا توجد إمكانية للوصول الى تسوية. توجد فقط إمكانية واحدة – التوجه بكل القوة واستخدام كل قوتنا العسكرية بهدف إعادة سكان الشمال الى بيوتهم”.

فهل اعتزم نتنياهو استخدام ذريعة الانبطاح كي يقيل غالنت؟ هل مناورة مكتب وزير الدفاع، التي كشفت الحيلة وعرضت أيضا على العالم غالنت الذي وان كان أراد صفقة، لكن بغيابها، الامر الذي يتهم به نتنياهو، يكيف نفسه مع الوضع الناشيء، قد منع الإقالة امس؟ من الصعب أن نعرف.

لكن الوضع الناشيء، “البدلات ضد البزات”، هو أولي في الحرب الحالية. في الجيش يوجد من يتبنون عملية قوية، جوية وبرية أيضا. وهذا يتضمن قائد سلاح الجو وقائد المنطقة الشمالية الى جانب قادة كبار في الجبهة الشمالية يعملون تحت رئاسته. لكن آخرين، وهم اغلبية، وكذا فتوى رئيس الأركان التي ستقرر في نهاية المطاف موقف الجيش، يعتقدون بان هذه ستكون خطوة خاطئة في هذا الوقت، لن تجلب بالضرورة ظروفا لاعادة السكان الى بيوتهم بل وتنطوي على خطر حاد للغاية في التصعيد.

الفريق هرتسي هليفي شدد في احاديث مع ضباط كبار في الجيش على الالتزام الأعلى من ناحيته “لاعادة سكان الشمال الى بيوتهم بامان”. هذا، كما يعتقد هليفي، يمكن تحقيقه في واحد من طريقين: اما صفقة لاعادة المخطوفين الى الديار وفتح مفاوضات لتسوية سياسية مع نصرالله، او، بغياب اتفاق، الخروج الى خطوة عسكرية بعدها تكون التسوية السياسية. مهما يكن من أمر، يقول هليفي، سنصل في نهاية الامر الى النقطة ذاتها: الحاجة الى تسوية سياسية، لا يتواجد فيها حزب الله في مجال الحدود بما في ذلك وسائل تنفيذة ومراقبة للتأكد من ذلك. لكن البديل الثاني يخلق أيضا مجالا من انعدام اليقين حول مسألة هل الخطوة العسكرية ستؤدي بالفعل بنصرالله الى تسوية ام تخلق الاثر المعاكس: التصعيد.

مصادر رفيعة المستوى في الجيش تقول ان الخطة العملياتية الحالية التي هدفها فرض تسوية سياسية على حزب الله، تصفها مصادر عسكرية رفيعة المستوى تحدثنا معها كـ “محاكة حياكة فظة للغاية وخطيرة جدا مع احتمال لتدهور شديد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى