ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: إسرائيل ستضطر الى خطة بعيدة المدى لتغيير الواقع في غزة

يديعوت احرونوت 18/2/2025، ميخائيل ميلشتاين: إسرائيل ستضطر الى خطة بعيدة المدى لتغيير الواقع في غزة

“نحن اليوم التالي”، كان هذا هو الشعار الرئيس الذي كتب على المنصة في دير البلح والتي اجري عليها احتفال التحرير بثلاثة المخطوفين في السبت الماضي. ليس ثمة تعبير آخر كـ “اليوم التالي” يجسد الفجوة الواسعة بين الأفكار السائدة في إسرائيل منذ بداية الحرب والواقع عمليا، وكذا الميل الذي لا ينقطع لخلق خيالات بدلا من التصدي لوضع مركب وفي الغالب غير متفائل.

التصور السائد في إسرائيل حول اليوم التالي هو “غزة بلا حماس”. او على الأقل بلا حكم الحركة. يدور الحديث عن تصور نقي يعكس في أساسه أماني ويفتقد للتفسير كيف ومتى يمكن تحقيق الهدف وما هو الاحتمال لتحقيقه. عمليا، كما يتضح منذ وقف النار (بل وقبله) واقع مغاير تماما: حماس هي الجهة السائدة في غزة، رغم الـ 15 شهرا من القتال تعرضت فيها لضربات غير مسبوقة، لا يوجد بديل عنها ولا يتطور أيضا احتجاج جماهيري ضدها.

هذا وضع محبط للاسرائيليين. يدور الحديث عمليا عن عدم تحقيق واحد من الهدفين الأعلى للحرب: القضاء على حماس. صحيح أن المنظمة فقدت من قوتها، بخاصة العسكرية، لكن لا تزال تسيطر على كل مستويات الحياة، بما في ذلك التعليم الذي يسمح بمواصلة غسل عقول الفلسطينيين. إسرائيل، وعن حق، توجهت لتحقيق الهدف الثاني، تحرير المخطوفين، انطلاقا من فهم يقضي بان الشعار بشأن القدرة على تحقيق الهدفين معا هو وهم معناه استمرار حرب استنزاف عديمة الحسم في ظل تقليص الاحتمال لتحرير المخطوفين.

من الحيوي اجراء بحث واع حول اليوم التالي: أولا، مطلوب تحديد الخيالات – الأفكار التي تعرض ظاهرا كابداعية لكنها عمليا غير قابلة للتحقق، وأحيانا مجرد الانشغال بها يحدث الضرر. في هذا السياق تبرز الاعتقادات بان حماس ستوافق على مغادرة غزة، مثلما فعل عرفات في لبنان في 1982، او نزع سلاحها والتحول الى حزب سياسي أو حركة اجتماعية (فكرة “نشوء وارتقاء المنظمة”، الذي شكل أساسا مركزيا في مفهوم 7 أكتوبر) الآمال في أن تسيطر السلطة من جديد على القطاع أو أن تأخذ قوة عربية أو دولية عنه الملكية والاماني في أن يتطور احتجاج جماهيري ضد حماس يهز حكمها او يكون ممكنا العمل على نزع تطرف الغزيين من خلال هندسة وعي خارجية. الخيال الأكثر حداثة هو بالطبع رؤيا ترامب بشأن “غزة بلا غزيين” وإقامة “ريفييرا شرق أوسطية” بدلا منها. عمليا، توجد امكانيتان فقط بالنسبة لليوم التالي. الأولى – السيطرة منذ الان على كل غزة، في ظل توجيه ضربات قاضية لعموم منظومات حماس (عسكرية ومدنية)، لكن أيضا البقاء في المنطقة ومحاولة تطوير بديل محلي. من جهة كفيل الامر بان يسمح بـ “غزة بلا حماس”، لكن من الجهة الأخرى ينطوي على التخلي عن المخطوفين (لا يوجد احتمال بتحريرهم في اثناء حرب إبادة تفهم فيها حماس بان نهايتها قريبة). وذلك الى جانب الحاجة الى تخصيص مقدرات وقوات كبيرة للسيطرة والبقاء، مراحل ستترافق وتهديدات إرهاب وعصابات متواصلة، ومسؤولية مدنية على مليوني غزي وعلى ما يبدو أيضا احتكاك مع الساحات العربية والدولية.

الامكانية الثانية هي فحص المبادرة التي تطرحها مصر لاقامة حكم بديل في غزة، يقوم على أساس مندوبين عن السلطة وجهات مستقلة. من الضروري ان نكون واعين: صحيح ان حماس لن تكون الحاكم الرسمي في القطاع لكن واضح انها ستواصل التأثير من خلف الكواليس على عموم المجالات والاحتمال بان توافق على نزع سلاحها طفيف. لقد وافقت حماس على هذا المنحى قبل بضعة اشهر، والعالم العربي يعمل الان على تحققه بنشاط، بأمل أن يرضي ترامب الذي لعله يرى فيه تحقيقا بهدف “غزة بلا حماس”، ويكون بذلك مستعدا لان يترك رؤياه لترحيل الغزيين واسكانهم في مصر وفي الأردن.

هذا الوضع بعيد عن أن يكون مرضيا وينبغي التعاطي معه كحل مؤقت، لكنه أفضل من كل باقي البدائل. إسرائيل ستكون مطالبة بثلاثة مباديء عمل في مثل هذا السيناريو:

  1. اعمال فورية وحازمة ضد كل تهديد أمنى يطل في غزة (استعداد لعملية، تهريب سلاح او بناء بنية تحتية عسكرية).
  2. رقابة أمريكية، بخاصة في محور فيلادلفيا الى جانب فرضية بان حماس ستسعى، كل الوقت، للدفع قدما بالتهريب وبان الانفاذ لن يكون محكما.
  3. صفر تدخل في الاعمار، العملية التي معناها تثبيت المعادلة وبموجبها مرة في كل بضع سنوات تشن حماس حربا تخرب فيها غزة وبعدها العالم يأتي لاعمارها حتى المواجهة التالية. غزة ما بعد الحرب قد تكون تحت نفوذ حماس لكنها ضعيفة وسكانها بلا افق اقتصادي.

الفرضية الأساس الواجبة هي ان حماس ستسعى ابدا الى المس بإسرائيل والى غرس رؤيا ابادتها في الجمهور الغفير، الامر الذي لن يسمح بالتعايش او التسوية. خليل الحية، نائب السنوار، عبر عن الامر في اعلان الأسبوع الماضي: “الحرب التي انتهت هي مقدمة لتحرير فلسطين وابادة إسرائيل”.

إسرائيل ستضطر الى خطة بعيدة المدى بهدف التغيير من الأساس للواقع في غزة. المسيرة المركزية ستكون تلك الوسيلة التي في هذه اللحظة محملة بالمصائب: أي السيطرة على كل غزة، ضربة عميقة لحماس، تواجد في المنطقة ومحاولة لإقامة بديل محلي. كل هذا، دون العمل على استئناف الاستيطان في المنطقة او افراغها من الفلسطينيين. خطة استراتيجية كهذه ستكون مطلوبة في السنوات القريبة القادمة وتستوجب تخطيطا دقيقا (لم يكن في 7 أكتوبر)، جمع المقدرات، وتجنيد الشرعية من الداخل ومن الخارج. هذه خطوة على مستوى تاريخي في هذه اللحظة ليست قائمة الظروف الاستراتيجية لتنفيذها، لكن يبدو انه لن يكون مفر من تنفيذها في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى